"نعلم في سرايا القدس أن فقدان رجل بحجم القائد الجهادي أبو هنادي يعد خسارة كبيرة لمشروع المقاومة ولكن عزاؤنا أنه خلّف جيلًا مجاهدًا سائرًا على خطاه، حمل أمانة المقاومة وأقسم ألا يضل الطريق"، بهذه الكلمات نعى الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، عضو المجلس العسكري القائد محمود الحيلة، المسؤول عن إمداد السرايا بعد سيرة جهادية طويلة.
من هو القائد الحيلة؟
بدأ القائد الحيلة حياته الجهادية عندما التحق بالثورة الفلسطينية وحركة القوميين العرب في الستينات، فخاض معها العديد من المعارك ضد الجيش جيش الاحتلال. وتعرض على إثرها للملاحقة والمطاردة في عام 1968م ليغادر القطاع متسللاً عبر الحدود المصرية الفلسطينية معرضاً نفسه للخطر، ثم وصل الأردن ومكث فيها فترة من الوقت، قبل أن يحط رحاله في سوريا، ولبنان. كان أول من جرف ودمّر الاحتلال منزله الواقع في معسكر خان يونس عام 1970، ضمن مناطق "الأنروا" المسؤولة عن حماية الفلسطينيين الذين هجروا عام 1948.
لم يتوقف الشهيد القائد "أبو هنادي" عن العمل العسكري بعد مغادرة فلسطين، صفوف الثورة الفلسطينية بحركة فتح، ما اكسبه خبرة ومهارات عسكرية. كما تلقى التدريبات في مواقع تدريب في سوريا ولبنان، وشارك في صدّ اجتياح جيش الاحتلال لبيروت عام 1982، إلى أن خرج من بيروت عبر البحر إلى السودان.
هناك، في الخرطوم، القائد الحيلة التقى بالدكتور فتحي الشقاقي عمل معه لفترة، فتعرّف على فكر حركة الجهاد الإسلامي وانضم اليها، ثم تدرج في العمل التنظيمي الحركي إلى أن أصبح ضمن الكادر القيادي في السودان. ليصبح بعدها الناطق الإعلامي للحركة فيها.
عاد القائد "أبو هنادي" الى فلسطين عبر معبر رفح جنوب قطاع غزّة لكن بطريقة سرية ولم يستطع الاحتلال اكتشاف مروره الا بعد أن وصل الى القطاع وقد رفض تسليم نفسه. وقد باشر بعمله الجهادي منذ الأيام الأولى لاندلاع الانتفاضة الثانية عام 2000.
أسّس القائد الحيلة المجموعات والخلايا العسكرية لسرايا القدس خاصة في المنطقة الجنوبية وتحديداً في خانيونس حيث كان له دور الكبير في التصنيع العسكري فشكّل طاقم تصنيع خاص في "لواء خانيونس"، وأشرف على تصنيع العبوات الناسفة والقذائف والمواد المتفجرة. شارك القائد في عمليات قصف الهاون وأصيب بشظايا في كافة أنحاء جسده في إحدى هذه العمليات عندما كان مع مجموعة من قادة السرايا منهم الشهيد القائد محمد الشيخ خليل، والشهيد القائد نصر برهوم والشهيد القائد ياسر ابو العيش.
عندما تبلورت هيكلية سرايا القدس، تولى القائد "أبو هنادي" مسؤولية ملف الدعم والامداد العسكري على مستوى قطاع غزّة، فكان المسؤول الأول عن كل السلاح والصواريخ بأنواعها المختلفة التي أدخلت الى السرايا في القطاع. وكان للقائد الدور البارز والحضور القوي في كلّ المعارك التي خاضتها السرايا مع الاحتلال، منذ العام 2008 في معركة "بشائر الانتصار" ومعركة "السماء الزرقاء" ومعركة "كسر الصمت"، وصولاً الى معركة "البينان المرصوص" (عام 2014) وإعداد لمرحلة ما بعدها.
وساهم في تطور أسلحة السرايا والمقاومة الفلسطينية اذ يعتبر الداعم الأول لقصف "تل ابيب" بصواريخ فجر 5 وغيرها من الأسلحة التي استخدمت في المعارك ومنها الكورنيت، والمولوتكا، والصواريخ المضادة للطيران.
كما قدّم كلّ خبراته العسكرية ودرّب العشرات من مجاهدي من السرايا والفصائل الأخرى التي جمعته بهم علاقات جيدة. وأنفق أمواله الخاصة دعماً للمقاومة ولأجل تأمين العتاد العسكري. وأمدّ القائد السرايا والمقاومة الفلسطينية بكل ما تحتاجه ولم يبخل في المعلومات، فكان مفتاحاً للعديد من القضايا والأمور العسكرية التي تحفظت السرايا عن ذكرها لأسباب أمنية.
حاول الاحتلال اغتياله مرّات عديدة لكن الشخصية الأمنية التي تمتّع بها القائد حالت دون وصوله اليه، الى أن توفي بعد صراعٍ مع مرض عضال بتاريخ 17 تموز / يوليو عام2017 عن عمر ناهز الـ 69 عاماً. والشهيد من مواليد عام 1948 ومن مدينة القسطنطينية المحتلّة في الداخل الفلسطيني.
الكاتب: غرفة التحرير