على ضوء الحراك الإقليمي الذي تشهده المنطقة، قبيل زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى المنطقة، وبعد أيام من المعلومات المتضاربة التي تحدثت عن لقاءات جمعت ما بين إيران ومصر، برعاية وحضور رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، أكد وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، أخيراً، حصول هذه اللقاءات.
وفي مقابلة تلفزيونية أشار حسين إلى ان "هناك حوارات منفصلة بدأت في بغداد بين الأردن وإيران ومصر وإيران، دون كشف مزيد من التفاصيل بشأنها".
خلال السنوات الماضية، اتسمت العلاقات الإيرانية- المصرية بالفتور. وهي الحالة التي امتدت منذ ثمانينات القرن الماضي بعد لجوء الشاه، محمد رضا بهلوي، إليها، ثم عودة العلاقات بعدها على مستوى القائم بالأعمال ومكاتب المصالح فقط.
ولا يمكن وضع الحذر المصري بإقامة العلاقات مع إيران وتعزيزها، إلا ضمن إطار "التردد" وحسابات مزدوجة تعتري هذه الخطوة. فمن جهة تلتزم القاهرة بقرار جامعة الدول العربية والتي تدور في فلك الأجندة السعودية-الخليجية المعادية لإيران بشكل أو بآخر، ولو أن القرارات الصادرة عن الجامعة لا تأخذ بالضرورة المصالح المصرية بعين الاعتبار، والقائمة على سردية "التمدد الإيراني في المنطقة". ومن جهة أخرى الرغبة المصرية في مد جسور التعاون الاقتصادي والتجاري على وجه الخصوص مع إيران، نتيجة لما تعانيه البلاد من أزمات متتالية، والتي أوصلت الجنيه إلى نقطة الانهيار المستمر ووصوله لأدنى المستويات منذ 20 عاماً، وحاجتها لعقد الاتفاقيات مع مختلف الدول لتحسين أوضاعها ومعالجة أزماتها بعيداً عن التورط بخلافات مع أي دولة لن تأتي عليها إلا بمزيد من الأزمات.
بالنسبة لطهران، فعلى الرغم من ان القاهرة دائماً ما كانت تقابل مساعيها بغض الطرف، إلا ان الاستمرار بمد اليد بات يؤتي ثماره. ويمكن قراءة ذلك فعلياً من خلال ما ورد من معلومات حول موقف القاهرة من الانضمام إلى ما يسمى بـ "الناتو العربي" ضد إيران، ورؤية القوات المسلحة المصرية للانضمام إليه والقائمة على رفضها التام لفكرة مشاركتها في أي تحالف موجه ضد طهران، خاصة بوجود تيار قوي داخل القوات المسلحة وهيئة الأمن القومي التابعة لجهاز المخابرات مؤيد لهذا الرفض. حيث تحدثت معلومات أيضاً عن ان "قادة عسكريين كباراً أعلنوا صراحة في اجتماعات جرت داخل القوات المسلحة، رفضهم التام للدخول في مواجهة عسكرية مباشرة مع إيران بأي شكل من الأشكال، وهو ما تكرر في اجتماعات على مستوى هيئة الأمن القومي".
من جهته أعرب وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان خلال زيارته لسوريا عن الأهمية التي توليها بلاده لمصر، حيث أشار في تصريح للتلفزيون الإيراني من دمشق بأنه "لم يكن لنا تفاوض مباشر مع الطرف المصري. مصر دولة مهمة في العالم الإسلامي والعالم ونرى أن توسيع العلاقات بين طهران والقاهرة يصب في مصلحة الشعبين". وأشار في حديث آخر إلى أن هناك "جهوداً جارية من أجل عودة مياه العلاقات بين طهران والقاهرة إلى مجاريها في إطار التعاون بين دولتين إسلاميتين"، مضيفاً أن "هناك مكتباً لرعاية المصالح في كل من البلدين، ما يظهر حقيقة أن مصر دولة مهمة في العالم الإسلامي، ونحن نعتبر تطوير العلاقات معها يخدم مصلحة شعبي البلدين والعالم الإسلامي ودول المنطقة".
الكاتب: غرفة التحرير