" تساحال": الجيش المقهور أمام المقاومة الإسلامية

في 26 أيار/مايو 1948 أصدرت الحكومة المؤقتة للكيان برئاسة ديفيد بن غوريون مرسوماً يقضي بتشكيل ما سمته "جيش دفاع"، والذي يضم القوى البرية والبحرية والجويّة "تساحال" (الاسم العبري لجيش الاحتلال الإسرائيلي).

هذا الجيش الذي تعود جذوره الى حراس الليل اللذين كانوا يسهرون لحراسة الاستثمارات الزراعية الأولى، ومن بينهم ديفيد غرين، الذي أسس مجموعة دفاع ذاتية في مولدافيا الشركسية مسقط رأسه، لكنه في فلسطين أراد ميليشيا مكونة من اليهود فقط، وقد فرضها في منطقة الخليل، وديفيد غرين هو نفسه ديفيد بن غوريون.

إن تاريخ حراس الليل، والميليشيات، ومجموعات الدفاع التي أسست، مع وبدون موافقة البريطانيين لحماية الخلايا الصهيونية، ثم المستوطنات، ومن هذه المنظمات : الهاغانا لبن غوريون، والبالماح لإسحق ساديه، والأرغون لمناحيم بيغن،وليحي إبراهام شتيرن واسحق شامير.

في 6 كانون الأول/ ديسمبر 1953 عشية تقاعده الأول، عيّن دايفيد بن غوريون موشي دايان رئيس أركان لجيش الكيان المؤقت، وبذريعة تحديد العمر بأربعين سنة لكل الكوادر العليا، تخلص الجيش من قادته المؤسسين الذين كانوا يشكّلون عائقاً أمام تطور الجيش كم قيل يومها. وأنشأ موشي دايان وحدات الصدام النموذجية، كوحدة 202 بقيادة أرييل شارون.

يعتبر الجيش الإسرائيلي أعلى تجسيد للطبيعة والقيم العسكرية العدائية للحركة الصهيونية وللطبيعة الاستيطانية الاحتلالية التي تميزها، بل هو أداة الصهر الأساسية من أجل وحدة ما يسمى بالمجتمع الصهيوني، ومن أجل بناء نفسيته الفاشية المستشرسة.

تكون جيش الكيان المؤقت من نواة من العسكريين المحترفين، الذين شكلوا الكوادر القيادية وأجهزة العمليات والتموين والإدارة والتدريب والنواحي التقنية والفنية.

يشمل نشاطه كل نواحي الحياة في الكيان، ويخضع للخدمة الإجبارية جميع المستوطنين من الرجال (18 – 55) والنساء (18 – 38)، ومدة الخدمة الإجبارية للرجال 36 شهراً وللنساء 18 شهراً. لكن الخدمة الإجبارية لا تشمل فلسطينيي أراضي الـ 48 أو طلاب العلوم الدينية من المستوطنين (من سن الـ 24 عاماً وما فوق). بعد انتهاء الخدمة الإجبارية يتم استدعاء الاحتياط يوماً واحداً كل شهر أو ثلاثة أيام كل ثلاثة أشهر بالإضافة الى فترة أخرى تناهز الأسبوعين أو الشهر في السنة وذلك حسب الخبرة والرتبة والسن والجنس. ويحق لوزير الدفاع استدعاء الاحتياط أو أجزاء منه "للخدمة الخاصة" لأي مدة يريد، لكن بعد تفسير القرار أمام لجنة الشؤون الخارجية في الكنيست. ويمكن اعفاء من الخدمة للنساء وطلبة المدارس التلمودية.

يتبع الجيش تنظيمات شبه عسكرية مثل كتائب الشباب (الناحال والجدناع)، ويرتبط مع المستوطنات بنظام للدفاع الاقليمي، ويلعب دوراً مركزيا في عملية دمج المستوطنين الجدد وصهينتهم، إلا أنه من الملاحظ أنه لا يوجد أي يهودي شرقي (سفارديم) في قيادة جيش الإحتلال، بالرغم من أنهم يشكلون غالبية اليهود في فلسطين المحتلة.

ويتسع دور الجيش الاسرائيلي ليشمل جميع الأجيال، وكذلك كل نواحي الحياة، وتسيطر قياداته على الدولة والمؤسسات السياسية (الحكومة والكنيست...ألخ)، فهو المسؤول عن التوجيه الفكري والمعنوي في مجتمع الكيان المؤقت، ويُقدّم ضباطه على أساس أنهم المثل الأعلى للمجتمع، وأن الجيش الإسرائيلي هو نموذج القدرة والريادة الصهيونية. وكل إسرائيلي، بغض النظر عن أصله ووضعه الاجتماعي – الاقتصادي، يعرف أن عليه أن يكون على صورة "تساحال" وفي قلبه، لأنه محور أمن وبقاء "الدولة اليهودية"!. ومن هنا جاءت مزحة ديفيد بن غوريون، ويجب فهمها بالمقلوب:" لست سوى جندي تحت أوامر ثلاثة ملايين من الجنرالات!".

تشكيل جيش الكيان المؤقت

تتولى هيئة الأركان العامة المشتركة، برئاسة هيئة الأركان العامة، الإشراف على الأسلحة الرئيسية الثلاثة، وإن كانت قيادتا سلاحي الجو والبحرية تتمتعان باستقلال ذاتي. والأركان العامة مقسمة إلى أركان منسَّقة وأركان مهنية، كما توجد قيادية وتنظيمة. ويعتبر رئيس هيئة الأركان العامة القائد العسكري الأعلى للقوات المسلحة، ويحمل رتبة "راف ألوف" (جنرال).

أ)هيئة الأركان العامة: 5 شعب؛ هي: شعبة الأركان العامة، شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان)، شعبة التخطيط، شعبة الطاقة البشرية، شعبة المستودعات.

ب)القيادات العسكرية: توجد 9 قيادات، 5 منها ميدانية: الشمال والوسط والجنوب والداخل والعمق، وأربع قيادات تنظيمية غير ميدانية، وهي قيادات "الناحل والجدناع" والتدريب والأسلحة البرية، وتتولى قيادة منطقة الشمال مسؤولية منطقة الجليل، والحدود مع لبنان وسوريا، وودادي بيسان على الحدود مع الأردن. أما قيادة منطقة الوسط، فتشرف على الجزء الأوسط من إسرائيل والضفة الغربية المحتلة، بينما يتولى قيادة منطقة الجنوب مسؤولية الدفاع عن منطقة النقب والحدود مع مصر، أما الجبهة الداخلية فهي المسؤولة عن إدارة الشؤون العسكرية لكافة المناطق خلال الحروب، والعمق هي قيادة القوات داخل أراضي "أعداء الكيان". بينما تتولى المناطق هي الإطار الإقليمي، وتتولى المسؤولية العلماتية والإدارية للقوات البرية فيها. وتعاون قائد المنطقة هيئة أركان متعددة المهمات.

ويستأثر جيش الكيان المؤقت بالنسبة الأعلى من الدخل القومي للمجتمع في العالم. أي أنه يمتلك الدولة، أي جيش يملك دولة وليس العكس. 

هذه قصة تساحال...قصة جيش العدوان الإسرائيلي الذي قهرته المقاومة الإسلامية وأذاقته ذل الهزيمة على أرض البشارة أرض جبل عامل...