لا تزال العملية الأخيرة التي قامت بها المقاومة الإسلامية في لبنان والتي أطلقت خلالها 3 طائرات مسيرة إلى فوق منصة كاريش، تترد أصداؤها في عمق كيان الاحتلال. الذي يستمر بدراسة تداعيات وأبعاد العملية، خاصة وسط المعلومات التي وردت أخيراً، بأن إحدى الطائرات لم يتم اسقاطها بسهولة. بدورها طرحت صحيفة يديعوت أحرنوت عدداً من الأسئلة عن " ماذا لو ان "حزب الله" يستخدم سلاحاً أكثر ذكاء بقليل، فهل سيكون "باراك 1" كافياً؟ ولماذا لم يتم الاعتراض بوسائل التشويش التكنولوجية؟ اتركوا الحفلات للمواطنين". معتبرة انه "من ناحية الجيش، كان هذا حدثاً تكتيكياً مركباً، يحمل إلى جانبه كثيراً من الدروس".
النص المترجم:
من ناحية القيادة السياسية – الاستراتيجية، لا يشكل اعتراض مُسيرات "حزب الله" من فوق البحر المتوسط انعطافاً في المواجهة مع إيران و "حزب الله". فقد وسع "حزب الله" صندوق أدواته كي يضغط على إسرائيل للوصول إلى تسوية حدود بحرية. وتقدر إسرائيل أن ليس في نية التنظيم أن يدهور المنطقة، والردع الإسرائيلي ناجع. بالمقابل، يرى الجيش في هذه مناورة حية لحماية طوافات الغاز في البحر المتوسط وهنا. وعلى الرغم من النجاح، الجيش لا يرفع كؤوس الشمبانيا. فلديه الكثير من العمل في مجال استخلاص الدروس.
منذ أول أمس، تحدث الوسيط الأمريكي لأزمة الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان، عاموس هوكشتاين، مع رئيس وزراء لبنان المنصرف نجيب ميقاتي، وطلب منه وقف استفزازات "حزب الله". هوكشتاين، الموجود هذه الأيام في فيينا في محاولة للدفع بالمفاوضات، أبلغ ميقاتي بأن هناك تقدماً في المحادثات، وكل استفزاز من "حزب الله" يعرض المفاوضات للخطر. ليس واضحاً ماذا أجاب ميقاتي، ولكن صدر في اليومين الأخيرين ما لا يقل عن عشرين بلاغاً مباشراً وغير مباشر عن حكومة لبنان، وبموجبها فإن المسيرات التي أرسلها "حزب الله" لم تستهدف إلا التصوير.
يسود في لبنان إحباط في ضوء حقيقة أن إسرائيل تواصل جني المال من المقدرات الطبيعية في البحر، بل توشك على مضاعفته في مبيعات الغاز إلى أوروبا العطشى. وذلك في وقت يعلق فيه لبنان مع غاز في الأرض – ما يمكنه أن يشكل خشبة قفز إنقاذ حيوية للاقتصاد اللبناني.
في صيف 2020 اتخذ "حزب الله" وحكومة لبنان، بشكل مشترك، خطوة شاذة، واعترفا بالحاجة لخوض مفاوضات مع إسرائيل على ترسيم خط الحدود البحرية. لكن إلى جانب الحاجة الاقتصادية، ثمة مصلحة لـ "حزب الله" في تسريع المفاوضات والوصول إلى نتيجة جيدة فيها، إذ إن زعيم حزب أمل الشيعي، نبيه بري، هو اليوم في أواخر أيامه. بري هو الرجل الذي صمم إطار المفاوضات البحرية، ومهم لـ "حزب الله" أن يعطي إرثُه ثماره كجزء من وحدة الطائفة. هذا ما شجع "حزب الله" على إدخال العنصر العنيف إلى المفاوضات مع إسرائيل لتسريعها.
في بداية حزيران، وقع حدث أشعل الحياة العامة اللبنانية: ثمة طوافة للتنقيب عن الغاز ومخصصة لحقل "كاريش" وتعود إلى شركة بريطانية، اجتازت قناة السويس باتجاه حقل "كاريش". كل وسائل الإعلام في لبنان أصيبت بجنون الاضطهاد: "إسرائيل تكسب ونحن نخسر". رئيس الوزراء ميقاتي والرئيس عون توجها إلى قائد الجيش اللبناني لينقل لهما معطيات دقيقة عن النشاط الإسرائيلي. لم يفعل الجيش اللبناني شيئاً، ولهذا قرر "حزب الله" تقديم خدمة وطنية كـ "درع الشعب" وأطلق ثلاث مُسيرات لتصوير الطوافة. والآن ليست المصلحة هي التي ستفجر الميدان، بل خطأ من أحد الطرفين.
احتفلنا بإسقاط المسيرات، غير أن قيادة سلاح الجو لا بد أن سألت أسئلة أكثر تعقيداً. مثلاً، لو لم تكن ثلاثة، بل عشرين أو ثلاثين مسيرة في آن معاً، فهل ستكون النتائج مشابهة؟ احتفل سلاح الجو بنجاح صاروخ "باراك 1"، الذي احتفل بثلاثين سنة خدمة. لو "حزب الله" يستخدم سلاحاً أكثر ذكاء بقليل، فهل سيكون "باراك 1" كافياً؟ ولماذا لم يتم الاعتراض بوسائل التشويش التكنولوجية؟ اتركوا الحفلات للمواطنين. من ناحية الجيش، كان هذا حدثاً تكتيكياً مركباً، يحمل إلى جانبه كثيراً من الدروس.
المصدر: يديعوت احرنوت
الكاتب: أليكس فيشمان