لا شك عند أي أحد من اللبنانيين الوطنيين، أن كل ما يتعلق بملف استخراج النفط والغاز، بات يمثل أمل بقاء ووجود لبنان. فما يعانيه اللبنانيين في السنوات الأخيرة، هو أزمات ذات أبعاد مختلفة سياسية واقتصادية واجتماعية، وكل أزمة فيها هي أمام حلين لا ثالث لهما، وهو إما الاستسلام والرضوخ للمطالب الأمريكية والاكتفاء بفتات المساعدات الغربية (التي لن تحقق سوى تأخير الانفجار والانهيار الكبير لحين انتفاء المصلحة الأمريكية)، أو اتخاذ خيار رفض الضغوط الأمريكية، والتمسك بقوة بالحل الوحيد عبر انتزاع الحق والضمانات لاستخراج النفط والغاز، الذي سيستفيد منه كل اللبنانيين بحماية المقاومة.
وقد جاءت خطوة المقاومة منذ أيام، في سياق حماية هذا الحق، عندما أطلقت 3 طائرات بدون طيار غير مسلّحة، باتجاه منصة الاستخراج الإسرائيلية في الأراضي المتنازع عليها في "كاريش". والتي استطاعت تنفيذ مهامها المحددة، قبل أن تسقطها منظومات الدفاع الجوي التابعة للكيان المؤقت. وقد رأت أوساط الكيان بالعملية، أنها تشكل حرباً على الوعي، وتظهر بأن حزب الله قادر عندما يريد، إطلاق مسيرات مسلّحة أو حتى صواريخ نحو منصة الغاز.
كما عكست هذه العملية، جدية المقاومة في استخراج الغاز وحل المشكلة الاقتصادية، من خلال مسار تصاعدي لاسترجاع الحقوق، ربما تكون هذه العملية الاستطلاعية والتمهيدية هي بدايته، لكنها بالتأكيد لن تكون نهايته. فمن المؤكد أن المقاومة تدرك بالتفاصيل نقاط ضعف جيش الاحتلال، انطلاقاً من المنظومات الدفاعية المنشورة حول المنصة، ووصولاً الى مسار الاستخراج والمنشآت التي سيتم من خلالها نقل الغاز الى مصر ولاحقاً الى أوروبا. كما أكدت هذه العملية، أن المقاومة لا تأبه بالتهديدات التي أطلقها مسؤولو الكيان خلال كل الفترة السابقة، والتي ادعوا فيها قدرتهم على ردعها ومنعها من تنفيذ ذلك.
وفي هذه النقطة يجب الالتفات أيضاً، الى أنه الغاز الذي يستخرجه الكيان هو ملكٌ للشعب الفلسطيني حصراً، وبالتالي فإن من حق هذا الشعب ومقاومته، أن يمنع عمليات النهب هذه بالطرق التي يراها مناسبة، والتي ستكون من أهم وسائل ضرب الاحتلال. مع الإشارة الى أن عمليات المقاومة الفلسطينية، ستكون بالتأكيد ضمن إطار المتابعة والتنسيق، بين أطراف محور المقاومة والقدس، وبالتالي ستُفتح الاحتمالات أمام أي التصعيد الإقليمي، ضمن هذا الملف أيضاً.
ماذا بعد حادثة الطيارات؟
_ يفترض بالشركة اليونانية ومساهميها، أن يدركوا بأن مصالحهم واستثماراتهم في خطر وتهديد كبيرين، وبالتالي لن تكون حادثة الطائرات المسيرة سوى البداية، في حال استمروا بالمشاركة في العدوان على ثروات لبنان وفلسطين المحتلة.
_ على الدولة اللبنانية، بعكس المواقف التي صدرت عن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبد الله بو حبيب، أقلّه اتخاذ الموقف الحيادي من الحادثة، واستخدامه في إطار الضغط أكثر فأكثر لتحصيل المكاسب التفاوضية.
_ كان لافتاً المواقف المنددة التي أطلقتها جهات كانت تطالب المقاومة بقصف المنشأة في الأيام الفائتة، وكانت تدّعي الحرص على الخط 29، لكنها سرعان ما غيّرت من مواقفها بإيعاز أمريكي.
_ ستبقى كل الخيارات مفتوحة أمام المقاومة، حتى تحصيل هذا الحق بالتأكيد، فهي تدرك بأن لا حلّ للبنان غيره، وإلا سيتهدد وجود كل لبنان بكل أطيافه، وعندها ستكون أي مواجهة عسكرية أو أي حرب، هي من أفضل الحروب والمواجهات، لأن أغلب اللبنانيون سيتوحدون خلفها.
الكاتب: علي نور الدين