منذ وصول الرئيس الأميركي جو بايدن الى البيت الأبيض، ظهرت ملامح تغيير في السياسات الخارجية الاميركية وبدأت تداعياتها تتجلى على دول منطقة الشرق الأوسط، لاسيما السعودية. حيث بدأت بتسوية في البيت الخليجي، عبر معالجة الأزمة الخليجية، والخلاف القطري السعودي، والحديث ولو صوريًا النية بإيقاف الحرب على اليمن، حيث أعلنت إدارة بايدن وقف الدعم الأمريكي للعمليات القتالية التي تشنها السعودية على اليمن، والتدقيق أكثر بمبيعات الأسلحة إلى الرياض، بالإضافة الى اتخاذ قرار برفع السرية عن تقرير استخباراتي حول قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، هذه الأسباب وغيرها يبدو أنها دفعت السعودية لتسوية خلافاتها مع تركيا، وخفض مستوى التوتر بينهما.
في المقابل يواجه أردوغان سياسة بايدن الجديدة، بالتوجه لتفعيل التعاون مع الجار الروسي الخصم اللدود للولايات المتحدة، وكذلك الأمر مع السعودية بهدف تأمين منافعها ومصالحها في المنطقة، الأمر الذي أشار اليه وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو في 12 آذار 2021.
ورغم الضغوط الخارجية والداخلية عليه، أطلق أردوغان محركاته للتواصل مع الرياض كمدخل لترتيب علاقاته التجارية والاقتصادية مع الدول الخليجية، لا سيما أن تراجع الصادرات التركية إلى تلك الدول كبدّت اسطنبول ورجال الاعمال الاتراك خسائر اقتصادية لافتة، اما السعودية من جهتها، فهي بحاجة لشراء الاسلحة التركية المتطورة، وكانت قد وقّعت العام الماضي عقداً مع شركة "فيستل"التركية للصناعات الدفاعية بقيمة 200 مليون دولار، وذلك في إطار التصنيع المشترك لطائرات مسيّرة من طراز "كاريال".
إذاً هناك عدة عوامل تدفع نحو التقارب السعودي التركي انطلقت مع المكالمة الهاتفية، التي أجراها الملك سلمان بن عبد العزيز مع الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ودعوته لحضور قمة العشرين، التي عقدت في السعودية.
التقارب السعودي التركي من أسبابهأيضاً إزدراء أعضاء بارزين في الحزب الديمقراطي الأميركي للسعودية وولي عهدها محمد بن سلمان، على خلفية انتهاكاتها لحقوق الانسان وجرائمها في اليمن، وقتلها جمال خاشقجي، بالإضافة الى المصالح الاقتصادية بين كل من تركيا و السعودية، فيما معدل التبادل التجاري بين البلدين لم يتجاوز الخمسة مليارات دولار سنويا.
وكانت وكالة بلومبيرغ نشرت في نهاية شهر فبراير 2021، تقريرًا بعنوان "الخليج يتواصل مع أردوغان بحذر: تحرك لتخفيف التوترات"، يشير إلى تقارب متوقع بين السعودية وتركيا، وأن الرياض تتمسك بضرورة إقامة علاقات أفضل مع أنقرة، للاستفادة من ذلك اقتصاديًا، لكن مع ذلك، يبقى السؤال الأهم كيف ستنجح هذه العلاقة ويتم خفض مستوى التوتر بين البلدين، فيما تبقى أهم قضية خلافية بينهما عالقة، أي الاخوان المسلمين ومشروعهم في المنطقة الذي يتبناه ويرفع رايته أردوغان، الأمر الذي يقلق السعودية وحليفتها الأهم بين الدول العربية مصر!
الكاتب: غرفة التحرير