ترخي التطورات المستمرة على الساحة الإقليمية والدولية على المشهد السوري، في ظل المساعي الحثيثة التي تبذلها تركيا في توسيع رقعة نفوذها تارة من جهة الأراضي السورية وأخرى لناحية العراق.
صحيفة لوفيغارو الفرنسية أشارت في مقال لها تحت عنوان: "الهجوم العسكري التركي في شمال سوريا يقترب" إلى إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يحسب الأمور بشكل دقيق: الحرب في أوكرانيا، التي قلب كل المخاوف، توفر له فرصة استثنائية لتقدم بيادقه، إذ يتزامن التحضير للعملية العسكرية التركية في شمال سوريا التي أعلن عنها الشهر الماضي، مع الجدل الساخن حول دخول السويد وفنلندا إلى الناتو، وهو ما تعارضه أنقرة بتهمة إيواء إرهابيين من حزب العمال الكردستاني المقرب من القوات الكردية السورية.
وقال نيكولاس دانفورث المتخصص في الشؤون التركية لصحيفة إندبندنت: يبدو أن أردوغان، مقتنع بأن الناتو يتجاهل مخاوف تركيا الأمنية، وبالتالي يبدو أنه يفترض أن لديه الآن نفوذًا لفرض تنازلات معينة".
أما روسيا، التي تشكل عقبة تقليدية أخرى أمام العمليات التركية في سوريا، فهي لم تبد أي اعتراض على الخطة التركية. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، خلال زيارته لأنقرة هذا الأسبوع للتفاوض بشأن نقل القمح من البحر الأسود، إنه "يأخذ في الاعتبار مخاوف تركيا الأمنية في شمال سوريا"، وهو ما يعد تأكيداً على أنه مع الحرب في أوكرانيا، تغيرت أولويات فلاديمير بوتين، حيث تمت في الأسابيع الأخيرة إعادة نشر جزء من الوحدات الروسية في سوريا إلى جبهة دونباس.
وتابعت لوفيغارو القول إنه من خلال شن توغل جديد عبر الحدود، وهو الرابع خلال ست سنوات، تستهدف أنقرة موقعين استراتيجيين: تل رفعت، جنوب أعزاز ومنبج، شرقًا، حيث تتهم ميليشيات وحدات حماية الشعب الكردية القريبة من حزب العمال الكردستاني بمهاجمة الجيش التركي. في نهاية المطاف، يهدف أردوغان إلى طردهم بشكل نهائي من حدوده من خلال توسيع “المنطقة الأمنية” بعمق 30 كيلومترًا، والتي يأمل في يوم من الأيام أن يراها تتعدى حوالي 450 كيلومترًا من عفرين، التي احتلها في عام 2018، إلى القامشلي، في الشرق.
لكن حساباته تستجيب أيضًا لاعتبارات سياسية، حيث إنه ينوي من خلال هذا التدخل في سوريا ضرب عصفورين بحجر واحد: التخلص من 3.7 مليون لاجئ سوري وتعريب هذه المنطقة المختلطة في شمال سوريا. وهي هندسة ديمغرافية تسمح له داخليًا بتهدئة موجة كراهية الأجانب، التي عززتها الأزمة الاقتصادية، واستعادة صورته مع اقتراب انتخابات عام 2023.
المصدر: لوفيغارو