في الآونة الأخيرة توالت تهديدات كيان الاحتلال باغتيال رئيس حركة "حماس" في قطاع غزة يحيى السنوار، وفي حين بلغت نسبة الاستطلاع الذي أجرته القناة 13 الإسرائيلية حول تأييد الاغتيال من عدمه، حوالي 60% من المؤيدين، إلا ان فريقاً آخر بما فيه مسؤولون في حكومة الاحتلال ومحليين سياسيين وعسكريين إسرائيليين رأوا ان القيام بهذه الخطوة هو فتح لجبهة جديدة مع قطاع غزة، ليست "إسرائيل" بوارد تحمل نتائجها في الوقت الراهن الذي تعاني فيه حكومة نفتالي بينت انقسامات حادة وتتسم بالضعف والانهزامية، على حد تعبيرهم.
صحيفة هآرتس الإسرائيلية أشارت في مقال لها إلى ان "العملية الفظيعة في العاد هي ضربة مؤلمة جدا في البطن؛ فعل فظيع في منتهى عيد الاستقلال الذي كان يجب أن يرفع المعنويات". وتابعت "ولكن ما صلة ذلك بدعوات كل من يتعامل مع نفسه بجدية بتصفية يحيى السنوار؟ هذه التصفية ستؤدي الى مواجهة دموية مع حماس في قطاع غزة".
النص المترجم:
القدرة المدهشة على صمود الشعب الاوكراني طوال سبعين يوم تقريباً من الدفاع عن وطنه تثير الافكار والحزن حول نفس القدرة للمجتمع الاسرائيلي. إذا حكمنا حسب الهستيريا التي تفشت في اوساط الجمهور وفي وسائل الاعلام وفي الجيش الاسرائيلي ايضا، فإننا يمكن أن نتفكك ازاء تحد أصغر من ذلك الذي يواجهه الاوكرانيون الآن.
موجة الارهاب في الشهر والنصف الاخيرين قاتلة، لكن نظرة الى التاريخ الامني الاسرائيلي ستظهر بأن الامر لا يتعلق بموجة غير مسبوقة. ورغم أن وزير الشتات، نحمان شاي، اثار ضده غضب الكثيرين، إلا أنه يمكن تفهم قصده عندما قال "نحن خرجنا من شهر رمضان سالمين نسبيا". عمليات الارهاب القاتلة بقيت في نطاق احداث لأفراد رغم روح المحرضين ومن يتمنون الشر لنا، الذين كانت اهدافهم أكبر بكثير، مثل اشعال القدس وبعد ذلك الضفة الغربية والمدن المختلطة، الى درجة انتفاضة قاتلة وجارفة داخل اسرائيل؛ تطوير لأحداث "حارس الاسوار".
لكن الخطاب العام في الاشهر الاخيرة يتميز بالذعر، بدءا بـ "كيف سيذهب الاولاد الى المدارس" ومرورا ببيانات منظمة لـ "جهات امنية"، التي تذكر كيف أن حماس قد اكلتها في حارس الاسوار، وانتهاء بالنقاش العام الوهمي بنفس القدر الذي سبقه حول السيجارة التي كان يجب على محقق الشباك اعطاءها أو عدم اعطاءها لقاتل اعتقل للتو. وحتى لو لم يكن الامر يتعلق باستجواب منطقي ومتوقع فانه في نهاية المطاف الدعوات للحرب، "لا سيجارة، بل رصاصة في الرأس"، تشير الى أن المجتمع الاسرائيلي آخذ في فقدان ذلك، وقد حان الوقت كي يقوم شخص بتنفس الصعداء والتهدئة.
العملية الفظيعة في العاد هي ضربة مؤلمة جدا في البطن؛ فعل فظيع في منتهى عيد الاستقلال الذي كان يجب أن يرفع المعنويات. ولكن ما صلة ذلك بدعوات كل من يتعامل مع نفسه بجدية بتصفية يحيى السنوار؟ هذه التصفية ستؤدي الى مواجهة دموية مع حماس في قطاع غزة. وإذا كان هذا ما يعتقد المستوى السياسي والمستوى العسكري بأنه يجب فعله من اجل تصفية الارهاب فقد كان يجب أن نتحمل نتائج رد حماس. ولكن رغم أن الامر يتعلق بإرهابي يستحق القتل فان الجيش الاسرائيلي لا يوصي بذلك، من شبه المؤكد لأن ذلك ليس هو الذي سيحسم وربما حتى العكس. فالسنوار تعرفه الاستخبارات الاسرائيلية، وربما أنه مغطى كليا بشبكة استخبارية، واستبداله المؤكد بإرهابي آخر سيضر بقدرة الاستخبارات. هذه فقط تقديرات. ولكن الامر المؤكد هو أن معظم العمليات الاخيرة قامت حماس بتشجيعها من بعيد وصفقت للمنفذين، لكنها لم تخطط لها ولم ترسلهم لتنفيذها.
السنوار وقف في السابق وراء عمليات شديدة اخرى ضد اسرائيل؛ إذا كان الامر هكذا فلماذا بالذات الآن وهو يجلس مكتوف اليدين أو يتطاول في الكلام في الميكروفونات. هل هناك من يصرون على اعطائه "الانجاز". الدعوات في اسرائيل لتصفية السنوار تحولت الى موضة. شخص كان ذات مرة مراسل وهو الآن يعبر عن مواقفه في الشبكات الاجتماعية، صرح بأن هناك اجماع في وسائل الاعلام على القضاء على السنوار. والسؤال هو إذا كان بينت سيتجرأ على فعل ذلك. وهذا تعبير واضح ومحرج عن المعضلة الاسرائيلية ازاء موجة الارهاب؛ هي دعوة لنمور من ورق.
العمليات الارهابية حتى الآن تميزت بعدم انتماء تنظيمي يشمل اعمال القتل في العاد، التي رغم أنه لم يتم توضيح هل من نفذوها قد ربطوا في التحقيق معهم بينهم وبين دعوة السنوار. الجمهور في الضائقة يبحث عن عنوان. والرغبة في أن يكون الرد هو تصفية السنوار هي نتاج خيال صبياني يقول بأن الشر سينتهي بكل ذلك. العلاقة بين ذلك وبين الواقع هي علاقة واهية.
المصدر: هآرتس
الكاتب: نوريت كينتي