تتواصل العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، لليوم الـ62 منذ بدايتها، والتي استطاعت فيها موسكو تحقيق العديد من الأهداف. أولها توجيه ضربة قوية وقاسية للقوات العسكرية الأوكرانية، ما دفع بدولتها الى طلب المساعدات منذ الأيام الأولى. أما آخر الأهداف، فكان من خلال السيطرة على مدينة "ماريوبول" الإستراتيجية، وتحريرها من القوات القومية والنازية المتطرفة.
لكن بعكس ما تظهره المعطيات الميدانية، تستمر ماكينة البروباغندا الأمريكية، في نشر أضاليلها حول هذه العملية، والتسويق لـ "الفشل والتخبط" الروسي، من خلال مسؤوليها ووسائلها الإعلامية. ومن أبرز هذه الأضاليل، ما صرح به مدير وكالة الاستخبارات المركزية "السي آي إيه" وليام بيرنز منذ أيام، حين ادعى بأن "فشل روسيا" في تحقيق انتصار عسكري، قد يدفع الرئيس فلاديمير بوتين إلى إصدار أمر باستخدام سلاح نووي تكتيكي أو منخفض القوة. مضيفاً بأنه شاهد الرئيس بوتين على مر السنين (خلال عمله كسفير لبلاده في موسكو)، وهو "يتأرجح في مزيج قابل للاشتعال بين المظالم والطموح وانعدام الأمن". موضحاً بأن بوتين ظلّ يتظلم من الغرب منذ عقود، وأنه يتهم الولايات المتحدة الأمريكية بأنها استغلت ضعف روسيا بعد تفكك الاتحاد السوفيتي.
فما هي الأسلحة النووية التكتيكية؟
_ تمتلك روسيا الكثير من الأسلحة النووية التكتيكية، التي تتميز بأنها أقل قوة تدميرية، من القنبلة التي ألقتها أمريكا على هيروشيما خلال الحرب العالمية الثانية.
_ هي أسلحة نووية صغيرة، يتم استخدامها لمنح القادة العسكريين مزيدًا من المرونة في ساحة المعركة، أي تستخدم غالبًا في منطقة تتواجد فيها قوات صديقة. صُممت لكي تنتج انفجاراً صغيراً نسبيًا، مما يؤدي إلى طمس الفرق أحياناً، ما بين الأسلحة التقليدية والنووية.
_تشمل هذه الأسلحة: قنابل الجاذبية، الصواريخ قصيرة المدى، وقذائف المدفعية والهاون، الألغام الأرضية، شحنات الأعماق، الطوربيدات المجهزة برؤوس نووية، صواريخ أرض - جو مسلحة نوويًا، أو صواريخ جو - جو. بعكس الأسلحة النووية "الاستراتيجية"، التي ينحصر اطلاقها على الصواريخ الباليستية العابرة للقارات.
_ يمكن استخدامها لهدم "نقاط الاختناق" التي يستخدمها العدو، مثل الأنفاق والممرات الجبلية الضيقة والجسور الطويلة.
_تمتلك روسيا ترسانة كبيرة من هذه الأسلحة.
فهل من الممكن أن تستخدمها روسيا خلال هذه العملية؟
إن تهديد موسكو باستخدام الأسلحة النووية لأوكرانيا معدوم تقريبًا، ولم يورد "بيرنز" أي أدّلة تدعم ادعائه. بالرغم من أن وزير الخارجية الروسي "سيرغي لافروف" قد أجاب على هذه الإشكالية، حينما ذكّر بالقمة الثنائية التي عقدت في حزيران/ يونيو 2021، بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس جوزيف بايدن، والتي أعادا التأكيد فيها على تفاهم حقبة الحرب الباردة، بأنه "لا وجود لرابحين في حرب نووية". مؤكداً بأن هذا البيان لا يزال ساري المفعول بالكامل، وأن روسيا لن تستخدم إلا الأسلحة التقليدية في أوكرانيا.
ومع ذلك، فإن هذا لا يعني أن تداعيات العملية لن تدفع الى حصول استفزاز نووي. خصوصاً مع توارد الأنباء عن نية السويد وفنلندا، تقديم الطلب لانضمامها إلى حلف الشمال الأطلسي. وبالتالي فإذا توسعت الكتلة التي تقودها أمريكا من خلال هذا الحلف، لتشمل هذين البلدين. فإن ذلك قد يدفع روسيا الى القيام بإجراء ردعي على هذا الصعيد، مثلما صرح بذلك نائب رئيس مجلس الأمن الروسي "ديمتري ميدفيديف"، بأنه "لن يكون من الممكن بعدها الحديث عن أي وضع خالٍ من الأسلحة النووية في بحر البلطيق، بحيث يجب استعادة التوازن". لا سيما إذا ما جرى تزويد هذه الدول بالطائرات المقاتلة من طراز F-35A ذات القدرات النووية (قادرة على إطلاق قنابل من نوع B-61). وبالتالي ستشكل خرقاٌ واضحاً لموازين القوى، وسيتطلب عند ذلك رداً روسياً مشروعاً.
الكاتب: علي نور الدين