"أبو زينب"، الاسم الذي رافق العملية الاستشهادية عند الحدود مع فلسطين المحتلة لـ 14 عاماً، فيما بقيت الهوية الحقيقة للمنفّذ لغزاً للمسؤولين الإسرائيليين وأجهزة الكيان المؤقت الأمنية التي لم تستطع كشف هويته قبل أن يعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بعد تحرير الجنوب عام 2000 أن "أبو زينب هو الإستشهادي عامر علي كلاكش من بلدة دبين مواليد عام 1966" مباشرة في خطابه من معتقل الخيام.
ففي العاشر من شهر آذار عام 1985، شاب لم يتجاوز 19 من العمر، يوقع صدمةً في الكيان الإسرائيلي ثأراً لمجزرة بئر العبد، التي ارتكبتها المخابرات الاسرائيلية بدعمٍ أميركي مباشر، حيث استهدف الاستشهادي كلاكش قافلة كانت تنقل عشرات الجنود الذين أنهوا إجازاتهم ويعودون إلى وحداتهم العسكرية في المناطق الجنوبية المحتلّة على بعد مئة مترٍ فقط من شمالي مستوطنة "المطلة" التي أجبر مستوطنوها على النزول الى الملاجئ. وأسفرت العملية الاستشهادية عن قتل 20 جندياً وإصابة أكثر من ثلاثين آخرين، ذلك فقط ما صرّحت عنه أوساط الاحتلال.
وقد وصفها وزير حرب الاحتلال آنذاك إسحاق رابين قائلاً "هذه ليست العملية الأولى التي تنفذ ضد الجيش الإسرائيلي في لبنان، إلا أن المأساة هذه المرة كانت النجاح في التسبب بخسارة كبيرة". ويذكر مشاهدها أحد الجنود الناجين متحدثاً للإعلام العبري "سمعت صوت انفجار هائل، ألقيت نظرة إلى الخلف فشاهدت جثثاً كثيرة انتشرت حولي وكان عدد القتلى كبيراً جداً". ويضيف جندي آخر "لقد رأيت جهنم بأم عيني، كانت السماء مغطاة بالنار تماما مثل صور هيروشيما".
وقد ارتقى حزب الله الى خيار إبقاء اسم عامر كلاكش طي الأسرار الأمنية طلية أكثر من عقد لأسباب تتعلّق بأمن وحماية عائلة الاستشهادي من اعتداءات جيش الاحتلال أو "جيش لحد" في تلك الفترة. الا أن العلاقة المتينة بين الشهيد أبو زينب وأمه جعلتها على معرفةٍ بأن ابنها هو المنفّذ لكنها حفظت سرّ المقاومة قائلةً "أنه يعمل في الكويت"، فلم يعرف والد الشهيد. ويذكر أن اثنين من إخوة كلاكش أمضيا سنوات طويلة في معتقل الخيام الى أن تحرّروا بعد كسر أبواب المعتقل في عام التحرير.
أمّا الشهيد عامر، فلم تكن عمليته الا استكمال طريق الجهاد والمقاومة حيث كان قد نفذ عدداً من العمليات في المنطقة الحدودية قبل استشهاده، وكان أبرزها تفجير عبوات ناسفة بالقرب من مكان العملية الاستشهادية قُتل حينها حوالي 18 جندياً. وفي ختام بيان الإعلان عن العملية الاستشهادية أكدت المقاومة أن "في أمة حزب الله الكثيرين مثل أبو زينب، الذين يحملون أجسامهم عبوات موتٍ لليهود".
الكاتب: غرفة التحرير