تؤكد الثوابت الإيرانية على الحلول الدبلوماسية وعدم الخوض غمار الحروب واللجوء إليها مباشرةً، وفي نفس الوقت هي دائمة التصويب على الاستفزازات الغربية ولا سيما الأمريكية منها والتي تلبس ثوب الناتو لتحقيق الهيمنة الأمريكية على مختلف دول العالم.
تتطلع الجمهورية الإسلامية إلى استفزازات حلف الناتو الداعمة لأوكرانيا كأساس منطقي للأزمة الأوكرانية، وتعتبر أن الإقدام الروسي على العملية العسكرية ما هو إلا نتيجة لتآمر الداخل الأوكراني وتحالفها مع حلف شمال الأطلسي جنبًا إلى جنب مع المحرك الأمريكي الأساسي. ولكن بعد إلقاء اللوم على الغرب، تحث طهران أيضًا على حل سياسي للصراع المتنامي وأنه من الضروري وقف إطلاق النار وإيجاد حل سياسي وديمقراطي.
وعمدت الجمهورية الإسلامية إلى إصدار موقف عبر خارجيتها، تلا ذلك الموقف إطلاع الرئيس الروسي نظيره الإيراني على تفاصيل الوضع حول أوكرانيا، على خلفية العملية العسكرية الروسية.
وأعلن وزير الخارجية الإيرانية حسين أمير عبد اللهيان الموقف الإيراني بشكل واضح وصريح، مؤكدًا على أن "جمهورية إيران الإسلامية تدعو جميع الأطراف إلى ممارسة ضبط النفس وتجنب أي عمل من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم التوترات". وعزا عبد اللهيان الأزمة الأوكرانية إلى "استفزازات حلف الناتو الداعمة لأوكرانيا، وأن التدخلات الأميركية لا تساعد في حلها".
في نفس السياق أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية، سعيد خطيب زاده أن " التدخلات والإجراءات الاستفزازية لحلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة قد أدت بشكل أساسي إلى تعقيد الوضع في المنطقة"، داعيا "جميع الأطراف إلى العمل من أجل تسوية الخلافات عبر الحوار".
وفي النظرة الإيرانية إلى تداعيات الأزمة وما قد تجره تبعاتها على المنطقة، رأى الأمين العام لمجلس الأمن القومي علي شمخاني أن "عدم الاستقرار في نصف الكرة الشرقي سيلحق أضراراً بالمصالح الغربية".
أثناء زيارته إلى موسكو في 19 كانون الثاني/ يناير الماضي والتي رسم خلالها مساراً جديداً للعلاقات الثنائية بين البلدين وعلى كافة المستويات الاقتصادية والعسكرية والسياسية شدد الرئيس الإيراني السيد إبراهيم رئيسي على ان طهران "تواجه أميركا معكم منذ أكثر من أربعين عاماً". كانت لهذه الكلمات وقعاً قوياً عالمياً خاصة أنها جاءت خلال انعقاد المحادثات النووية في العاصمة النمساوية فيينا والتي تجلس خلالها موسكو وطهران جنباً إلى جانب كطرفين منسجمين في الرؤى ضد الهيمنة الأميركية والأحادية القطبية.
تعيد الأزمة الأوكرانية ومحاولة واشنطن للاستيلاء على القرار السياسي في كييف كونها الخاصرة الرخوة التي يمكنها التسلل منها إلى روسيا في محاولة لإضعاف الأخيرة، والتأثير على استقرارها وأمنها القومي، إضافة لإعاقة مشاريعها الاقتصادية ونموها التجاري، تعيد إلى الأذهان المحاولة التي أعدت لها واشنطن للتأثير على إيران عبر اتباع سياسة " تفخيخ الحدود مع الجيران" والتي تكمن في توريط طهران بأزمات مختلفة على صعيد حدودها ما يجعلها غير قادرة على الاستمرار بمشاريعها البنيوية التطويرية على مختلف الصعد.
خبرت إيران العقوبات على مدى أكثر من 40 عاماً وعانت من محاولات واشنطن زعزعة أمنها واستقرارها وها هي روسيا أيضاً تتعرض للأسلوب نفسه وللغاية نفسها، وهذا ما يجعل كل من إيران وروسيا أقرب إلى بعضهما أكثر من أي وقت مضى في مواجهة الآحادية القطبية الاميركية.
الكاتب: فاطمة زعيتر