بعد تفجير السفارة الأميركية في العاصمة اللبنانية بيروت، في 18 نيسان 1983، وتحت غطاء "سكرتير في القسم السياسي الخاص بالسفارة الأميركية"، وصل ضابط الاستخبارات الأميركية ويليام باكلي إلى لبنان مكلّفاً ببناء "غرفة عمليات الاستخبارات الأميركية" التي كانت داخل السفارة قبل تفجيرها. غير ان ما خفي في جعبة باكلي كان أكبر: العثور على الرهائن الأميركيين المحتجزين لدى حزب الله.
بدأ باكلي نشاطاته على أنه خبير في الإرهاب ويمتلك معرفة واسعة في عمليات وكالة المخابرات المركزية في الشرق الأوسط. وكان يخطط بالتوازي لإطلاق عملية "القبعات الخضراء" وهي تكتيك عسكري تحترفه القوات الخاصة للجيش الأميركي والذي يعتمد على حرب العصابات. لكن ما لم تكن تتوقعه وكالة المخابرات الأميركية ان يصبح "محرر الرهائن... رهينة".
ليلة 16 آذار/مارس 1984، كان على ويليام باكلي التوجه إلى عمله، لكن هناك مَن كان بانتظاره في مرآب السيارات قرب مكان سكنه، واقتاده إلى مكان مجهول. واللافت انه كان قد رد على توصيات ضابط رفيع المستوى بأخذ الحيطة والحذر لكن رد باكلي كان "لدي شبكة استخبارات جيدة. أعتقد أنني في أمان".
بعد عملية الأسر، يقول رئيس كالة المخابرات المركزية الأميركية "لقد دفعنا بكل طاقتنا وإمكانيتنا لنجد طريقا للوصول له بأي شكل من الأشكال، لقد كنا على استعداد للتعامل حتى مع الشيطان ليعود، لكنه لم يعود".
ويليام باكلي: رجل المخابرات السري
ولد ويليام باكلي في ولاية ماساتشوستس في الولايات المتحدة في 30 أيار/ مايو 1928. تخرج من المدرسة الثانوية في عام 1947، لينضم إلى الجيش بعد عامين من الخدمة كشرطي عسكري.
بعدها التحق باكلي بمدرسة الضباط وترقى لرتبة ملازم ثان في فوج المدرعات بعد خضوعه للعديد من الدورات التدريبية العسكرية خاصة في الهندسة في ولاية فيرجينيا، ودورة ضباط الدروع في ولاية كنتاكي، والأخيرة في ألمانيا في كلية الاستخبارات. فيما بدأ وظيفته في وكالة المخابرات عام 1955.
كان الحضور البارز لباكلي أثناء الحرب الكورية، والفيتنامية التي ترقى بعدها ترقية إلى رتبة مقدم في أيار/ مايو 1969.
كانت الوكالة تعتمد عليه في الأماكن التي تصنفها "الأكثر خطورة"، خاصة بعد انضمامه إلى الفريق السري للضابط تيد شاكلي، حيث تولى مسؤولية إدارة وتنفيذ برنامج الاغتيال في وكالة المخابرات المركزية. وقد كانت ليزلي كوكبيرن قد أشارت في كتابها "خارج السيطرة" الصادر عام 1987 إلى ان " باكلي كان متورطًا في الموافقة على اغتيالات وكالة المخابرات المركزية التي قامت بها فرقة "شاكلي"، بعد تفجير نيسان/ أبريل 1983 في السفارة الأمريكية بلبنان، والذي أودى بحياة 63 شخصًا". وهذا ما جعل عملية اختفائه اللغز الأكثر قسوة على الوكالة وأقلقت البيت الأبيض بشكل كبير.
على الرغم من عدم تبنّي حزب الله عملية الأسر هذه، إلا ان الرواية التي أخرجتها وكالة الاستخبارات الأميركية بعد الإعلان عن مقتل ويليام باكلي في 3 حزيران/يونيو 1985 لا أدلة أو تصريحات تؤكد صدقها، وقد أعيدت رفاته إلى واشنطن في كانون الأول/ ديسمبر 1991.
الكاتب: غرفة التحرير