تكمن أهمية هذه القراءة التاريخية لتأسيس الجيش اليمني وكيفية تطوره في معرفة حجم الجهد الذي بذلته السعودية ومن خلفها الولايات المتحدة لتحجيم القوة العسكرية اليمنية والحفاظ على ترهلها وضعفها وهشاشتها. فمنذ ما قبل ستينيات القرن الماضي والقوات المسلحة اليمنية تحت الرعاية السعودية ولم تستطع ان تبني جيشاً مع توفر كل الإمكانات والأموال، مع فقدان الإرادة والقرار السعودية للقيام بذلك ولأسباب معروفة الخلفية. إلا ان هذا الأمر قامت به صنعاء في فترة قياسية وفي ظل الحصار والمراقبة الاستخباراتية الدولية. وهنا مقارنة سريعة على أبرز الاختلافات ما بين الجيشين (الجيش اليمني 1962/2015 والقوات المسلحة اليمنية اليوم):
الموارد البشرية
عملت الحكومة اليمنية في صنعاء على بناء جيش مقتدر ومستقل، وهو ما استطاعت القيام به بالفعل. غير ان المثير للاهتمام أنها استفادت من الثغرات والأخطاء التي كانت تعصف بهيكلية الجيش السابق. حيث ان القيادة العسكرية السابقة للجيش خاصة في زمن الرئيس علي عبد الله صالح والتي بقيت لأكثر من 30 عاماً، عمدت على اقصاء وتحييد كل الكوادر المحترفة عن نواة الجيش، وذلك لضمان عدم حصول أي خرق قد يؤدي لزعزعة الجيش -الموالي للسعودية- حسب ما اشار المتخصص بالشأن العسكري اللواء الركن طيار عبدالله الجفري في حديث خاص لموقع "الخنــادق".
بالمقابل كانت من أولى الأمور التي عمدت إليها صنعاء عند إعادة هيكلة الجيش هو استقطاب الكوادر والقيادات والضباط ذوي الخبرة والكفاءة وتعيينهم في المراكز التي يستطيعون من خلالها إحداث نقلة نوعية في وحدات الجيش وتشكيلاته.
وقد استفد اليمنيون أيضاً من أصدقائهم في بعض البلدان العربية الذين مدّوا القوات المسلحة اليمنية بالتدريب اللازم ونقل الخبرات التي راكموها خلال الحروب التي خاضوها طيلة السنوات الماضية كما ذكرت مصادر خاصة لموقع "الخنـادق".
التسليح والتصنيع العسكري
كان التصنيع العسكري في الجيش السابق شبه معدوم وهو ناتج عن عاملين أساسيين:
-الأول: اقصاء الكوادر الكفؤة عن سدة القرار في الجيش حتى لا يتم إحداث أي خرق بما لا يتناسب مع الأجندة السعودية-الأميركية في البلاد.
-الثاني: عدم وجود قرار سيادي بدعم الصناعات العسكرية والحربية. لأن الجهد العظيم الذي بذلته الرياض لعقود مضت كان لأجل القضاء على محاولة صنع أسلحة قد تصل إلى عمقها الاستراتيجي بما يهدد أمنها القومي.
بالمقابل، كانت تجربة التصنيع العسكري في القوات المسلحة اليمنية بعد عام 2016 تجربة رائدة خاصة أنها قد طورت وحدثت في ظل حصار دولي كامل على كافة الموانئ والمطارات وتحت القصف المستمر. وقد استطاعت بالفعل تطوير منظومة دفاعية قادرة على الوصول إلى العمق الاستراتيجي ليس فقط في السعودية والامارات بل لكيان الاحتلال أيضاً، وهو الأمر الذي أثبتته القوات المسلحة اليمنية خلال السنوات القليلة الماضية.
ولم يقتصر بناء هذه الهيكلية على القوة الصاروخية والبرية فقط، بل طال أيضاً سلاح الجو المسيّر والقوة البحرية والاستخباراتية أيضاً.
المثير للاهتمام، كان استفادة قيادة القوات المسلحة من الخبرات والكفاءات اليمنية واعطاءهم الفرصة للتمكين والتطوير والتحديث، وجلّ هؤلاء كانوا من الضباط والقادة العسكريين إضافة للطلاب الجامعيين. حيث أكدت مصادر لموقع "الخنـادق" انه تم توظيف خبرات ما يقارب 1700 طالب وخريج جامعي من الكوادر ذوي الكفاءة العالية.
العقيدة القتالية
على الرغم من الدعم الكامل الذي يقدمه الشعب اليمني للقضية الفلسطينية والذي قدّمه فعلياً خلال حرب 1973، لكنه خلال سطوة الأنظمة السابقة التي كانت تسيطر على الجيش خاصة مع استلام الرئيس علي عبد الله صالح قيادته أي على مدى أكثر من 30 عاماً، كان أفراد الجيش اليمني يعيشون حالة من الاستغلال، ويرون أنفسهم يقاتلون دون قضية مع أشقائهم في الوطن الواحد ويخوضون حروباً بالوكالة عن الرياض في الداخل اليمني، همها الوحيد الحفاظ على سيطرتها على الممرات البحرية في المنطقة والموانئ اليمنية لأجل مصالحها.
مع بدء الحرب على اليمن عام 2015، وانكشاف المشروع الدولي الخليجي-الأميركي-الإسرائيلي-البريطاني، بات المقاتلون في القوات المسلحة اليمنية يقاتلون بالعقيدة التي لطالما حملوها وآمنوا بها، وهي القتال ضد المشروع الإسرائيلي في المنطقة، خاصة بعد أن كشف قائد حركة أنصار الله السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي "أن أنشطة للإسرائيليين رُصدت باليمن، منها المشاركة بالقصف الجوي في الساحل اليمني. وان هناك دورا أساسيا للإسرائيليين مع الضباط الإماراتيين في التخطيط، وغير ذلك من الأنشطة التي يشاركون فيها ضمن دورهم ومساهماتهم في العدوان". والذي أكد أيضاً ان اليمن "جزء من المعادلة التي أعلنها السيد حسن نصر الله، ومفادها أنَّ الخطر على القدس يعني حرباً إقليميةً...أننا نتضامن مع كل أبناء أمتنا المظلومين، ونعتزّ بأخوتّنا الإسلامية مع أحرار الأمة ومحور الجهاد والمقاومة".
هيكلية القوات المسلحة اليمنية
ضمن سلسلة القرارات التي أصدرها الرئيس السابق علي عبد الله صالح، كانت إعادة هيكلة الجيش واستحداث بعض الوحدات كالعمليات الخاصة كإجراء شكلي لم يحدث أي تغيير على فعالية القوة العسكرية في 19 ديسمبر 2012. وجاءت الهيكلية على الشكل التالي:
السلطة القيادية:
-رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة ورئيس مجلس الدفاع.
-وزير الدفاع.
-رئيس هيئة الأركان.
-نائب رئيس هيئة الأركان.
-جهاز الإدارة السياسية والعسكرية.
وهنا عرض للمكونات الرئيسية للجيش
القوات الجوية:
- قيادة القوات الجوية والدفاع.
- وحدات الطيران.
- وحدات دفاع جوي تشمل ألوية صواريخ وألوية مواسير ولواء رادار.
- القواعد الجوية.
القوات البرية:
تتمثل في 7 مناطق عسكرية وعدد من المحاور العملياتية تحدد وفقاً لمتطلبات مسرح العمليات وتتكون من:
-7 قيادات مناطق عسكرية وعدد من قيادات المحاور وألوية ووحدات من ذات الصنوف كاحتياط استراتيجي.
القوات البحرية:
قيادة القوات البحرية والدفاع الساحلي شاملة وظائف الاعداد والتأمين والادارة والسيطرة في تنظيم يتوخى تفعيل هذه الوظائف ويهيئ لتخفيف المركزية الادارية في التنظيم اللاحق.
- وحدات بحرية عائمة.
- وحدات دفاع ساحلي.
- وحدات مشاه بحرية.
- قواعد بحرية يحدد عددها ووظائفها الهيكل التنظيمي للقوات البحرية والدفاع الساحلي.
-أي تشكيلات اساسية يتطلبها تقسيم مسرح العمليات البحري.
إضافة لقوات حرس الحدود والاحتياط الاستراتيجي والتي يتكون من مجموعة صواريخ ترتبط هيكلياً بالقائد الأعلى وألوية حماية الرئاسة والعمليات الخاصة التي تتكون من لواء مشاة جبلي ولواء صاعقة ولواء مكافحة الإرهاب.
الكاتب: غرفة التحرير