يصادف اليوم الذكرى السادسة على استشهاد القائد سمير القنطار، عميد الأسرى اللبنانيين في السجون الاسرائيلية، الذي رسم خط حياته منذ الصغر، عندما كان فتى مقاوماً من لبنان، الى فلسطين، فسوريا آخر محطات حياته النضالية.
فمن هو الشهيد سمير القنطار؟
ولد القنطار عام 1962 لعائلة لبنانية من الطائفة الدرزية، انتمى الى صفوف جبهة التحرير الفلسطينية عام 1976 وكان في الرابعة عشر من العمر، ثم التحق بمعسكرات التدريب في الجبهة، حتى تم اختياره، وبناء على رغبته، هو واثنان من أفراد الجبهة لتنفيذ عملية عبر الحدود الأردنية في منطقة بيسان داخل فلسطين المحتلة، إلا أن السلطات الأردنية ألقت القبض عليه وعلى رفاقه أثناء توجههم للحدود واعتقله لمدة ثمانية أشهر ليطلق سراحه بعدها.
عملية "نهاريا"
عاد القنطار الى لبنان وصمّم على التخطيط لعملية ثانية، ففي 22 نيسان من العام نفسه للعملية الاولى، قاد القنطار عملية جديدة بهدف اختطاف جنود اسرائيليين لاتمام صفقة تبادل، وكانت أيضاً "رداً على اتفاق الذل الإسرائيلي المصري المنفرد المسمى كامب ديفيد" بحسب أمين عام الجبهة آنذاك المعروف "بابو العباس"."
وانطلق القنطار ومجموعته من الساحل الجنوبي اللبناني من مدينة صور عبر زورق بحري نحو مستوطنة "نهاريا" التي تقع بين مدينة عكا الفلسطينية المحتلّة والحدود الللبنانية، ونجحت المجموعة خلال العملية باختراق اجهزة ورادات للاحتلال، وفي إخفاء الزورق عن "حرس الشاطئ" التابع للاحتلال.
وعند الساعة الثانية فجراً، وصلت المجموعة الى الشاطئ حيث تتمركز "أكبر قاعدة عسكرية تتكون من الكلية الحربية ومقر الشرطة وخفر السواحل وشبكة الإنذار البحري ومقر الزوارق العسكرية الاسرائيلية". وبعد ذلك اقتحمت المجموعة إحدى البنايات العالية واشتبكوا في البداية مع دورية للشرطة فقتل رقيب للاحتلال، وبعدها استطاعت المجموعة أسر عالم الذرة الاسرائيلي داني هاران واقتادوه الى الشاطئ.
ثمّ حاول القنطار سحب الأسير الاسرائيلي نحو الزورق لكن شرطة الاحتلال استقدمت التعزيرات ما ادى الى استشهاد أحد رفاقه واصابة الآخر بجراح بالغة، كما أن القنطار أصيب هو الآخر بخمس رصاصات في انحاء جسده كافة، ثم حضرت وحدات كبيرة من الجيش ودارت اشتباكات على إثر احتماء القنطار وراء الصخور، ونجح في إطلاق النار واصابة مسؤول قطاع الساحل والجبهة الداخلية الشمالية في جيش الاحتلال يوسف تساحور. ادت العملية في النهاية إلى مقتل 6 منهم واعتقل على إثرها سمير القنطار، وقد أصدر الاحتلال حكماً بحقه يقضي بالسجن المؤبد.
السجن والتحرّر
وداخل السجن كان القنطار "رقماً صعباً" بالنسبة لمصلحة سجون الاحتلال، كان يتصدى لهجماتها، كما كان أيضاً صوت الاسرى والمدافع عن مطالبهم وحقوقهم، وحظي بعلاقات طيبة مع الاسرى من جميع الفصائل الفلسطينية بحيث كان القدوة والمؤنس، واللافت ان سمير القنطار تابع عمله المقاوم من داخل السجون الاسرائيلية، فتعرّف على حزب الله الذي نشأ في لبنان عام 1982 وكان على اتصال مباشر مع الامين العام السيد حسن نصر الله وقيادات الحزب حسب شهادة رفيق اسره الاسير الفلسطيني المحرر عبد الرحمن شهاب للخنادق، وظل على اطلاع ومتابعة مباشرة وفورية لكل أحداث وعمليات المقاومة في الخارج لا سيما عملية الأسر عام 2001 واتمام صفقة التبادل بين حزب الله والكيان الاسرائيلي بالوساطة عام 2003 وأيضاً عملية الأسر "الوعد الصادق" عام 2006 وحرب تموز في لبنان، وذلك بحسب ما يروي رفاقه في الأسر في مقابلات خاصة لموقع "الخنادق".
بعد حرب تموز عام 2006، جرت مفاوضات بشأن صفقة تبادل أسرى جديدة كان سمير القنطار على رأس الأسماء التي طرحها حزب الله لكي يفرج الاحتلال عنه. وفي 16 تموز عام 2008 تحرّر القنطار ومع ألف أسير فلسطيني بعد أن أمضى نحو 3 عقود في السجون وخاصة في أقسام العزل الأمنية حيث كان يصنّفه الاحتلال من الاسرى "الخطريين".
مواصلة المقاومة والشهادة
لم تكن فترة السجن الطويلة للقنطار سبباً في احباط عزيمته بل خرج ليتسلّم المسؤوليات في حزب الله ويتقدّم صفوفه العسكرية الميدانية حيث توجه مع الحزب الى سوريا للمشاركة في التصدي للمشروع الامريكي – الاسرائيلي فيها، وكان "قيادياً في المقاومة السورية لتحرير الجولان". وفي 19 كانون الاول عام 2015، شنّت طائرات الاحتلال غارات على مبنى في مدينة "جرمانا: جنوب العاصمة السورية دمشق أدت الى استشهاه عن عمر يناهز الـ53 سنة.
ونعاه حرس الثورة الاسلامية في ايران وحركات المقاومة جميعاً: من حزب الله في لبنان الى حركة حماس والجهاد الاسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ولجان المقاومة الفلسطينية في فلسطين.
وكانت الولايات المتحدّة الأمريكية قد أدرجت اسم الشهيد سمير القنطار منذ 8 أيلول 2015 على ما تسميه "اللائحة الأمريكية السوداء للإرهابيين الدوليين"، اي قبل حوالي الـ4 أشهر من اغتياله.
الكاتب: غرفة التحرير