حققت قوات صنعاء (الجيش واللجان الشعبية ) خلال اليومين الماضيين تقدمات ميدانية متسارعة في جبهة مأرب- أكثر الجبهات اشتعالاً منذ بدء العدوان على اليمن- وأعلنت مصادر غير رسمية بتمكن الجيش واللجان الشعبية من السيطرة على جبل البلق الشرقي، حيث تم تداول عدداً من الصور لمقاتلي صنعاء وهم على سفوح هذه المرتفعات.
والسؤال الأبرز هنا: ما أهمية السيطرة على هذه السلسلة الجبلية؟ وإلى أين ستنتقل المعارك بعد ذلك؟
تعد سلسلة جبال البلق (القبلي، والشرقي، والأوسط) من أهم المرتفعات الجبلية المطلة على مدينة مأرب مباشرة، وآخر المرتفعات الجبلية التي تتحصن فيها قوات هادي والإصلاح، وقد جرت معارك تعد الأعنف منذ سبع سنوات خلال الشهر الماضي في هذه المرتفعات، والتي تعد أهم نسق دفاعي لقوات هادي والإصلاح المدعومين من قبل تحالف العدوان على اليمن، وبالتالي فإن السيطرة على هذه المرتفعات يعني تمكن قوات صنعاء من تدمير أقوى الأنساق الدفاعية للقوات الموالية للتحالف، وتمركز قوات صنعاء فيها سيعطيها أفضلية مريحة في التموضع وستحقق السيطرة النارية على حقول صافر النفطية ومديرية عبيدة مسقط رأس محافظ مأرب الموالي لهادي الشيخ سلطان العرادة، والسيطرة النارية كذلك على مدينة مأرب الاستراتيجية، وهذا يعني أن قوات المرتزقة تحتضر، وباتت في النفس الأخير، وأن المعارك بعد ذلك ستنتقل إلى الأحياء السكنية داخل المدينة.
من الناحية العسكرية الاستراتيجية، فإن تحرير هذه السلسلة الجبلية تعد ضربة قاصمة لقوى العدوان على اليمن، بعد أن فشلت في إعاقة تقدم قوات صنعاء من خلال تنفيذ مئات الغارات على هذه المنطقة الجغرافية الوعرة، وهو ما يعطي صنعاء تفوقاً عسكرياً كبيراً في هذا الجانب، يتمثل في التقدم في التضاريس الوعرة، وهزيمة سلاح الجو المتطور جداً للتحالف، الأمر الذي يجعل السعودية في مأزق كبير ولا سيما إذا ما استمر العدوان على اليمن، وانتقلت المعارك بعد ذلك إلى جنوب المملكة العربية السعودية، وبالتالي فإن قدرة قوات صنعاء على اقتحام مدينة نجران لن يكون صعباً ، بعد نجاح تحرير مدينة مأرب، بكل ما تحويه من تعقيدات كبيرة.
ستدخل المواجهات في الأيام القادمة إلى الأحياء السكنية داخل مدينة مأرب، كما ستتمدد باتجاه مديرية "عبيدة"، وهناك مؤشرات بأن القبائل هناك سترفع راية الاستسلام وعدم خوض مغامرة خاسرة مع قوات صنعاء، وهو ما يجعل تحرير هذه المديرية سهلاً للغاية وخاصة بعد استكمال السيطرة على السلسلة الجبلية للبلق.
ويبقى سؤال آخر بحاجة إلى اجابة: هل ستتمكن قوات هادي والإصلاح والقاعدة من القتال داخل المدينة والصمود فيها لفترة طويلة أم أنها ستفضل الهروب؟
باعتقادي أن هذه القوات ستحاول التمترس داخل أحياء مأرب السكنية، وستحاول الدفاع بقدر المستطاع عنها، لكنها لن تصمد طويلاً لعدة أسباب، من بينها أن الحاضنة الشعبية ستنحاز إلى صنعاء نتيجة للأوضاع الاقتصادية المتدهورة، كما أن الجيش واللجان الشعبية قد خبروا القتال في مثل هذه الظروف كثيراً، وكان لديهم تجارب سابقة، وتمكنوا من خلالها من حسم المعركة داخل المدن، كما حدث في صنعاء سنة 2014، وداخل عمران في العام ذاته، وكما حصل كذلك من إخماد لفتنة ديسمبر سنة 2017 داخل صنعاء، وذلك لوجود قوات متدربة وذات كفاءة عالية قادرة على القتال في المدن وحسم المواجهة سريعاً.
ستكون الأيام القادمة حبلى بالمفاجآت.. وبريق النصر لا شك يلوح في سماء مأرب.
هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة رأي الموقع
المصدر: كاتب ومحلل سياسي يمني
الكاتب: أحمد داوود