إن من أهم الإستحقاقات الأساسية أمام محور المقاومة، برأي الكثيرمن النخب الثقافية في المنطقة، والتي تدعم المقاومة في معركة التحرر من الهيمنة الأمريكية والوجود الصهيوني، هو بناء نظام إقتصادي ينطلق من قيم المقاومة، ليواجه الحصار الاقتصادي الأمريكي المفروض عليه من جهة، ويحقق الرفاه والإزدهار لشعوب ودول المقاومة من جهة أخرى.
فقد آن الأوان لوضع أسس للاقتصاد المقاوم، تقدم رؤية لحل المشاكل الاقتصادية والمالية، فتدرس السياسات والأساليب المتبعة في كل بلد، وتلحظ نقاط القوة والضعف، بما يؤمن نهضة إقتصادية شاملة، لجبهة ممتدة من: إيران، سوريا، لبنان، اليمن، العراق، ولا يمنعها الوصول إلى فنزويلا وكوبا.
ومن الخطوات الرئيسية لوضع هذه الأسس، أن تعقد حلقات بحث وحوار بين المفكرين والمتخصصين في المجال الإقتصادي، من كل دولة في المحور، ينتج عنها خلاصات ومشاريع، تقدم حلولاً واقعية وعلمية، وترفع إلى أصحاب القرار.
أما الدول فيجب عليها أن تسعى إلى إقامة اتحاد جمركي بينها، يسهل حركة التجارة والاستثمارات االمالية، ويسمح بتقديم طرق للمقايضة في عملية التبادل التجاري بديلا عن الدولار الأميركي، مثل العرض الذي قدمته إيران للبنان،عبر بيع النفط الإيراني ومشتقاته بالليرة اللبنانية.
فالتبادل التجاري الدولي قبل توقيع اتفاقية "بريتون وودز" عام 1944كان يتم بالعملات المحلية للدول وليس بالدولار، وقد خطت العديد من الدول عبر اتفاقيات تجارية ثنائية ومتعددة الإطراف، خطوة أساسية في التبادل التجاري بالعملات المحلية، مثل: تركيا، إيران، الصين وروسيا.
ومن الأساليب المهمة في التعاون الاقتصادي والمالي أيضاً، إلغاء تأشيرات الدخول بين الدول، وتنشيط حركة النقل عبر انشاء طرق مواصلات برية و بحرية حديثة و متطورة، وتبادل الخبرات عبرإنشاء مراكز أبحاث وتطوير مشتركة، وتشجيع التبادل العلمي والثقافي، وتنشيط السياحة في دول المحور بأنواعها المختلفة .
كما أن هناك أهمية لوجود إطار إقتصادي مشترك، يعالج القضايا بشكل مكثف، ويحدد أولويات الإنتاج والإستثمار، ويكون المحفز للجهود الأكاديمية في البحث العلمي، وينسق التعاون بين المؤسسات الحكومية الإقتصادية، ويقيم المؤتمرات والزيارات، ويرعى تبادل المعلومات بين المؤسسات.
أما الخطوة الأكثر تطوراً وتقدماً، فهي قيام سوق مشتركة لمحور المقاومة، تساعد في تقليل الاعتماد الخارجي على الإستيراد كما التصدير، وتؤمن النهوض بالقطاعات الانتاجية المختلفة من زراعية وصناعية، مما يؤدي للنمو الإقتصادي والتنمية الإجتماعية، دون الحاجة إلى مساعدة أي طرف خارجي يسعى للهيمنة عبر الاقتصاد.
وفي الختام، إن محور المقاومة استطاع أن يعبر العديد من التحديات الخطيرة والمفصلية، ويحقق الإنجازات، لذا فمعركة الحصار الإقتصادي واشتداده، ستسهل على دوله وأطرافه، استخدام كل هذه الامكانيات والاوراق بما يخلق نهاية مخيبة للولايات المتحدة الأمريكية، بأن تحقق بالحصار ما عجزت عنه بالحروب.
الكاتب: غرفة التحرير