أقدم الاحتلال يوم الرابع عشر من تشرين الثاني 2012 على اغتيال نائب القائد العام لكتائب الشهيد عز الدين القسام أحمد الجعبري باستهداف سيارته وسط غزة بصاروخ من طائرة بدون طيار، وكانت شرارة اندلاع عدوان كيان الاحتلال على قطاع غزّة الذي تصدّت له الفصائل الفلسطينية وأجنحتها العسكرية، وفي مقدّمتهم حركتي حماس والجهاد الإسلامي.
ثمانية أيام من معركة نوعية أثبتت فيها الفصائل تنسيقاً وتكاملاً في العمل والتخطيط والقرارات، بالإضافة الى التطوّر في الأداء العسكري وفي إدارة المعركة كما قدرات صاروخية جديدة دخلت الخدمة الميدانية حيث لأول مرة طالت الصواريخ الفلسطينية المحلية "تل أبيب"، كما كان للمعركة بُعداً سايبيرياً مهماً صار ضمن الحسابات الإسرائيلية، وأيضاً من الناحية السياسية شكّلت مفترق طرق في طبيعة "السياسة الإسرائيلية" تجاه قطاع غزة وتجاه دول المنطقة العربية التي بدأت فيها الاحداث والأزمات منذ عام 2011.
المجال السيبيري
الجانب الأهم في هذه المعركة ان الفصائل أكدّت على وجود نواة بنية تحتية تكنولوجية تعمل على إنضاجها وإنضاج قدراتها التقنية، فقد اخترقت كتائب القسّام وسرايا القدس أكثر من 5000 جهاز لضباط وجنود إسرائيليين كما البث للإعلام التلفزيوني العبري وأرسلت رسائل تهديد باللغة العبرية، ما شكّل نقطة تحوّل مهمة لدى الفصائل الفلسطينية ودخولها مجال الحرب السيبيرية التقنية.
قصف "تل أبيب" لأول مرة
ومع الساعات الأولى للمعركة اتخذت قيادات الفصائل القرار، وأعلنت عن قصف "تل أبيب" وأكدت أن "القادم أعظم"، ثم كشفت عن مفاجآت أبطلت أهداف العدوان الإسرائيلي، فاستهداف عمق الكيان الإسرائيلي بصواريخ محلية الصنع، عملت كتائب القسام وسرايا القدس على تطوير مداها ليصر الى المتوسط والبعيد منذ ما بعد عدوان 2008 – 2009 بحيث وصل الى 80 كم، وأعلنت كتائب القسّام عن دخول صاروخ M75 المحلي للخدمة وهو متوسط المدى يصل الى 75 كلم ورأس حربي يزن 90 كلغ، أطلق واحد منها لمبنى مكون من 6 طوابق في "ريشون ليتسيون" (جنوب "تل أبيب") ما أسفر عن مقتل جنديين إسرائيليين واصابة عدد آخر بعد إصابته، وحينها نقل الاعلام العبري بشكل عاجل " نأسف لقد قصفت تل أبيب"، فيما اعترفت استخبارات الاحتلال بعدم امتلاكها أي معلومة عن هذا الصاروخ وحجم التطور في قدرات حركة حماس.
كما قصفت سرايا القدس أيضاً "تل أبيب" بصواريخ فجر5 وفجر 3، تسببت بانقطاع شبكة الاتصالات اللاسلكية في المدينة المحتلّة، وإغلاق مطار "بن غوريون" الدولي، وأجبر القصف رئيس حكومة الاحتلال آنذاك بنيامين نتنياهو ومعه مسؤولون عسكريون على الهروب إلى الملاجئ أثناء تواجدهم في مقر قيادة الجيش.
كما استخدمت الفصائل الصواريخ الموجهة المضادة للدروع، واسقطت طائرات الاحتلال الحربية والمروحية بصواريخ أرض-جو لأول مرة في تاريخ المقاومة، كما استهدفت طائرات الاستطلاع لجيش الاحتلال التي تعتبر المنظومة الأكثر تعقيداً حيث تمكنت من إسقاط طائرة بدون طيار بمدينة خانيونس (جنوب قطاع غزة)، وعُرضت صورها على وسائل الإعلام كافة.
وأعلنت سرايا القدس عن راجمات أرضية أظهرتها من تحت الأرض بطريقة أوتوماتيكية وقصفت بها أهدافاً عديدة في "بئر السبع"، بالإضافة الى استهداف كتيبة عسكرية للاحتلال بصواريخ من نوع "كورنيت"، وفي حصيلة للسرايا والكتائب فقد قُصفت الجبهة الداخلية للاحتلال بأكثر من 2100 صاروخ وقذيفة في ثمانية أيام فقط!
أما من ناحية الجبهة البحرية، استهدفت الفصائل أكثر من بارجتين حربيتين للاحتلال قبالة سواحل غزة بصواريخ جديدة "بر بحر".
وبعد هذا الانتصار النوعي للمقاومة استطاعت فرض الشروط على كيان الاحتلال بعد فقط 24 ساعة من انتهاء المعركة والتي تقضي بوقف العديد من الأعمال العدائية على قطاع غزة برًا وبحرًا وجوًا، بما في ذلك الاجتياحات وعمليات استهداف الأشخاص، بالإضافة الى فتح المعابر وتسهيل حركة الأشخاص والبضائع.
الكاتب: غرفة التحرير