"الجنرال الأسطورة الذي قهر جيشاً بأكمله"، بهذه العبارة تصف حركة الجهاد الإسلامي واحداً من أهم مسؤوليها وأفرادها الذين كان لهم محطات أساسية في المواجهة مع كيان الاحتلال في فلسطين، وواحدًأ من الذين تربوا في كنفها وفكرها الجهادي والمقاوم؛ الشهيد لؤي السعدي، القائد العام لسرايا القدس في الضفة الغربية المحتلّة.
افتتح الشهيد السعدي مسيرته النضالية في سجون الاحتلال، فقد تم اعتقاله منذ عام 1996 بتهمة انتمائه للجهاد الإسلامي وحكم عليه بالسجن مدة 16 شهراً، واعتقل للمرة الثانية في العام 1999 وقضى 5 أعوام حتى أطلق سراحه في صفقة التبادل مع حزب الله في شهر كانون الثاني عام 2004، حيث كان حزب الله قد استهدف آلية للاحتلال في مزارع شعبا عقب تحرير الجنوب عام 2000 وأسر ثلاثة جنود إسرائيليين وبعدها استدرج الحزب ضابطاً في عملية خاصة وأسره ليبادلهم بأسرى لبنانيين وفلسطينيين.
وداخل السجون تصدّى الشهيد للعمل الشبابي والتعبوي واستطاع بناء علاقات وطيدة مع أبناء الحركة ما مكّنه من مُباشرة العمل المقاوم بعد خروجه، فامتدت نشاطاته على كامل أراضي الضفة المحتلّة، وأظهر من القدرات والمهارات لا سيما في صناعة الأحزمة الناسفة والعبوات المتفجرة، ما جعل منه قائداً ميدانياً للسرايا.
وكان "العقل المدبر" لأهم العمليات العسكرية ومنها:
_ تجهيز عملية استشهادية استهدفت "تل أبيب" في شباط من العام 2005، ما أدى إلى مقتل خمسة جنود اسرائيليين وإصابة أكثر من خمسين آخرين.
_ عملية استشهادية بحزام ناسف طالت مجمعاً تجارياً لـ "نتانيا" فقتلت 6 جنود وأصابت أكثر من 40 آخرين.
_ اتهمه الاحتلال بتشكيل خليتين عسكريين الأولى تتكون من ثمانية عناصر من محافظات بيت لحم والقدس وطولكرم وكانت تنوي تنفيذ عملية مزدوجة في "حي راموت" الاستيطاني بالقدس الغربية، والثانية مكونة من سبعة عناصر من محافظة الخليل خططت لإطلاق صاروخ من نوع "RBG" على نقاط لجيش الاحتلال ويعقبها اختطاف جنود أو جثث قتلى منهم، لمبادلتهم بأسرى فلسطينيين.
_ وأيضاً، بحسب ما إدعى جهاز "الشاباك" الإسرائيلي، كان الشهيد السعدي يجهّز لمئات العمليات الاستشهادية لضرب الداخل المحتل وتخوّف الاحتلال من قدراتها على إصابة أهداف حيوية.
وأمام هذا الخطر الجدّي الذي شكّله الشهيد ونشاطاته على الاحتلال وجنوده ومستوطنيه، أصبح القبض على السعدي "حاجة ملحةً وأولوية" بالنسبة لكيان الاحتلال وكان مطلوباً "حياً أو ميتاً".
الاستشهاد وردّ السرايا
كانت قوات الاحتلال قد اعتقلت أكثر من 500 عنصر وكادر من حركة الجهاد الإسلامي، خلال الأشهر التي سبقت اغتياله، دون أن تتمكن من الوصول الى القائد السعدي.
كما بدأت وحدات الاحتلال بعمليات الاقتحام اليومية لمنزل عائلة الشهيد في مدينة طولكرم، مسقط رأسه، حيث اعتقلت والده وشقيقته وحاولت إرهاب العائلة وإلقاء القنابل الصوتية في البيت. وتحوّل السعدي الى "الشبح" الذي تلاحقه قوات خاصة بحيث أنها لم تترك مغارة أو كهفاً في ريف طولكرم بحثاً عنه ولكنها فشلت، وعند ذلك ازدادت المطالبات في الأوساط الإسرائيلية بقتل أو اعتقال السعدي، حتى لو استدعى ذلك قصف مخيم أو مدينة بأكملها.
وفي 24 من شهر تشرين الأول عام 2005، قام الاحتلال وبالاستعانة بوحدة "دوفدوفان" بعملية واسعة بالطائرات الاستطلاعية واغتالت السعدي في طولكرم، في المقابل أكد الأمين العام للجهاد الإسلامي آنذاك الدكتور رمضان عبد الله شلّح "أن جريمة اغتيال قائد سرايا القدس في الضفة الغربية لن تمر دون عقاب رادع للعدو"، فنفذت السرايا عملية استشهادية بمدينة الخضيرة المحتلة بعد يومين فقط من اغتيال الشهيد، وأدت لمقتل 6 جنود وإصابة 55 آخرين. وحملت العملية رسالةً للاحتلال مفادها "أن المقاومة لن تعجز عن ضرب العمق المحتل في أي وقت تحدده".
الكاتب: غرفة التحرير