78 شهيدًا في الضفة الغربية المحتلّة منذ بداية العام الحالي. قتل الاحتلال 12 منهم بعد "اجتماع العقبة" (26/2/2023) الذي زعم فيه كيان الاحتلال، برعاية الولايات المتحدة، تخفيف "نشاطه" في المناطق لـ"منع احتقان" الأوضاع خاصة قبل شهر رمضان. فيما أجمعت كلّ أطياف الشعب الفلسطيني بما فيها مجموعات المقاومة التابعة للفصائل أن هذا الاجتماع لن يوقف أعمالها العسكرية. واليوم تُبدي هذه المجموعات تطورًا ملحوظًا.
جنين.. اسقاط الطائرات ليس الإنجاز الوحيد
في مخيم جنين الذي اقتحمته قوات الاحتلال في 7/3/2023 تمكّنت "كتيبة جنين" من إسقاط طائرتين مسيرتين، وقد وثّقت ذلك بصور ومقاطع فيديو. وكان الاحتلال قد قرر إدخالها مطلع شهر أيلول / سبتمبر الماضي، بعد أن اعترف بأن هجمات الاعتقال والاغتيال في الضفة لم تعد "سهلة" وما كان يحتاج الى عدد قليل من القوات بات بفعل المقاومة يحتاج الى أكثر من كتيبتين.
ادعى الاحتلال أن استخدام الطائرات المسيرة يأتي في سياق تعزيز الاقتحامات وقد تستخدم لـ "قصف بعض المواقع في المهمات الصعبة". لكنّ المقاومة ضمّت "الدرون" الى بنك أهدافها. وقد اعترف المحلل العسكري في موقع "واللاه" العبري، أمير بخبوط، أن "تشغيل الطائرات بدون طيار والطائرات الصغيرة في السماء أصبح تحديًا، حيث تم إسقاط 3 طائرات في جنين خلال يومين".
ففي جبع (جنوب جنين) أيضًا أسقطت "مجموعات جبع" التابعة لسرايا القدس طائرة مسيّرة إثر الاشتباكات التي اندلعت بعد أن قتلت قوات الاحتلال فجر اليوم (9/3/2023) المجاهدين الثلاث وهم سفيان الفاخوري، وأحمد فشافشة ونايف ملايشة. وكانوا يتواجدون في سيارة وضعوا فيها عبوات مفخخة ومجهزة للاستخدام في العمليات وتحمل شعار سرايا القدس، بالإضافة الى بندقيتين ومسدس. ما يعني أن المقاومة عند كلمتها ومستمرة في التخطيط لتنفيذ العمليات ضد أهداف الاحتلال.
حول الأحداث، شدّد المتحدث باسم حركة الجهاد الإسلامي عن الضفة الغربية طارق عز الدين أن "إسقاط كتيبة جنين للطائرات المسيّرة في سماء مخيم جنين ليس الإنجاز الوحيد وما يخفيه الاحتلال أكبر بكثير".
في تفاصيل العدوان على جنين، حاصرت قوات الاحتلال، التي دخلت المخيم بشاحنة مموهة، منزلًا كان يتواجد فيه منفذ عملية حوارة عبد الفتاح خروشة (49 عاماً). وهو من مخيم "عسكر القديم" (في نابلس)، تعرّض للاعتقال مرتين سابقاً، الأولى بين العامين 2014 – 2016، والثانية بين الأعوام 2019 – 2022، بزعم أنه خطّط لتنفيذ عمليات. وقد أطلق سراحه قبل نحو 4 أشهر فقط حسب صحيفة "معاريف" العبرية. وقد حلّقت المروحيات العسكرية في سماء المخيّم خلال العدوان، والتي هبطت عند حاجز "دوتان" لنقل الإصابات بعد الاشتباكات مع المقاومين.
بالتزامن، اقتحم الاحتلال أيضًا نابلس في إطار عدوان مزدوج بزعم منع أبناء الشهيد خروشة من تنفيذ عملية وإشغال المقاومة في نابلس من إسناد جنين كما حصل في العديد من المرات. وكانت مجموعة "عرين الأسود" قد حضرت في الميدان مرّات عديدة لاسناد المقاومة في الضفة والقدس وإشغال الاحتلال عن ملاحقة منفذي العمليات. وقد أشارت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية الى أنّ "عرين الأسود من أسباب الزيادة الكبيرة في المقاومة الفلسطينية، حيث نفّذت هذه المجموعات في العام الماضي لوحده نحو 60 عملية إطلاق النار، إحداها أدت الى مقتل جندي إسرائيلي".
الاحتلال يحاول استعادة صورته التي تهشّمت
رأى عضو المكتب السياسي في حركة الجهاد الإسلامي الدكتور يوسف الحساينة في الأحداث الأخيرة أن "اسرائيل تحاول ترميم الصورة الأمنية الهشة لقوة جيش الاحتلال والأمن بعد أن أصابتها العمليات البطولية في قلبها". وخاصة في ظل الازمة الداخلية العميقة التي يعيشها كيان الاحتلال وسط انقسامات سياسية حادّة ومظاهرات ضد الحكومة اليمينية الحالية التي انعكست على أمن الكيان وقطاعاته الحيوية.
كما تأتي هذه الأحداث أيضًا، مع اقتراب شهر رمضان، وتزايد اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى. ويُتوقع أن تتطور الأحداث الى تصعيد جدّي اذ أمعن الاحتلال بعدوانه على الضفة الغربية وبانتهاكاته في القدس المحتلّة. وقد أكّد عضو المكتب السياسي في حركة الجهاد الإسلامي أحمد المدلل أن "غزة حاضرة وأصابعها على الزناد ورهن إشارة أهلنا في جنين ونابلس، ونقول لأهلنا إن المقاومة بغزة قريبة وقريبة جداً ورهن إشارتكم".
فيما نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية عن "مصدر كبير" في شرطة الاحتلال قوله إنّ "الأحداث التي قد تندلع في شهر رمضان قد تستمر معها في ذات الوقت المظاهرات ضد حكومة نتنياهو، وهناك احتمالية لاستدعاء قوات من الجيش لمساندة قوات الشرطة عند الضرورة". في إشارة الى الاستنزاف الذي يصيب المستوى العسكري للاحتلال.
الكاتب: مروة ناصر