شكلت عمليات "الإرباك الليلي" التي بدأها الشباب الفلسطيني مصدر قلق لقوات الاحتلال حيث باتت السيطرة عليها أمراً في غاية الضرورة لمنع تطورها حسب تصريح الأوساط العسكرية الإسرائيلية. خاصة وان هذه العمليات تأتي في ظل مخاوف الكيان من التصعيد الذي أصبح بعد عملية سجن جلبوع أمراً منتظراً في أي وقت وترجمة للمعادلة التي ثبتتها الفصائل بعد معركة "سيف القدس" وأكدتها فور إعادة اعتقال الأسرى.
صحيفة إسرائيل اليوم أشارت في مقال لها إلى ان " حماس و"الجهاد الإسلامي" لا تخافان إسرائيل والجيش الإسرائيلي على الإطلاق. فالغارات الجوية العسكرية الإسرائيلية رداً على مبادرات إطلاق النار والاستفزازات من جانب حماس لا تبدو كـ "تحرك فيهم ساكناً" وأضافت "هكذا، وصلت إسرائيل "القوية" إلى وضع سخيف من تآكل قوة الردع".
النص المترجم:
محق رئيس الأركان في رده على ما قيل في أعقاب سقوط العريف أول برئيل حداريا شموئيلي بقوله إن تعليمات فتح النار في الجيش الإسرائيلي واضحة. ولكن الغضب وبالأساس إحساس الإهانة بسقوط برئيل لم ينبعا من مدى وضوح التعليمات، بل من السؤال إذا كانت صحيحة، ومناسبة، وغائية وملائمة للمواجهة الأمنية المتواصلة منذ سنين مع منظمات الإرهاب في غزة.
هذه المشاعر القاسية بل والأكثر حدة منها، موجودة تجاه السياسة الأمنية الإسرائيلية بعمومها حيال حماس والجهاد الإسلامي في غزة، وواجب القول إنها سياسة فاشلة منذ سنين. السياسة هزيلة وتتمثل في التجلد والاحتواء، وليست سياسة ردعية مصممة، إن لم نقل حاسمة. وواضح أنها لا تتناسب مع متطلبات أمن إسرائيل ووضعها الاستراتيجي.
الحقيقة تقال: حماس و"الجهاد الإسلامي" لا تخافان إسرائيل والجيش الإسرائيلي على الإطلاق. فالغارات الجوية العسكرية الإسرائيلية رداً على مبادرات إطلاق النار والاستفزازات من جانب حماس لا تبدو كـ "تحرك فيهم ساكناً". فهم يدركون بأنها غارات طفيفة، وأن الجيش الإسرائيلي يحرص على ألا يقتل، لا سمح الله، أياً من رجالهم أو غيرهم. كما أنهم واعون بأن إسرائيل والجيش الإسرائيلي يخافون تنفيذ حملة برية واسعة، في قطاع مكتظ بالسكان، بسبب حساسيتهم للخسائر في الأرواح.
لا عجب إذن في أن جسارتهم تناطح السحاب، وهم يسمحون لأنفسهم بأن يملوا على الجيش الإسرائيلي إذا، ما، متى، وأين ستقع الأحداث على حدود القطاع. كما أنهم يطلقون البالونات المتفجرة كما يشاؤون ويتسببون بحرائق عديدة في مناطق واسعة حول القطاع. بل وتجرأوا على تشكيل وحدات "الإرباك الليلي" على طول الحدود ليستنزفوا ويناوشوا الجيش الإسرائيلي. أما الجيش الإسرائيلي فيسمي أعمال الشغب العنيفة والخطيرة هذه على طول الجدار "أعمال إخلال بالنظام". وفوق كل شيء، فإن حماس لا تخشى جولات الحرب المتكررة رغم الأضرار والخسائر التي تلحقها بها، فيما أنها واعية وتستمد القوة من خوف إسرائيل من "التصعيد".
هكذا، وصلت إسرائيل "القوية" إلى وضع سخيف من تآكل قوة الردع، وإلى مواجهة منهكة لا تبدو نهايتها في الأفق. وفي أثنائها أيضاً لحظات إخفاق ومهانة، مثلما حصل مؤخراً. صحيح أن لإسرائيل وللجيش الإسرائيلي اضطرارات وقيوداً غير سهلة ومعروفة في استخدام، ولكن لما كان وضع المواجهة لا يطاق استراتيجياً لإسرائيل، فواجب عليها ألا تخاف من التصعيد وأن توقع ضربات تؤلم منظمات الإرهاب.
في حملة "حارس الأسوار" كانت محاولة كهذه لم تنجح، ولكن هذا لا يعني أن ليس للجيش الإسرائيلي طرق أخرى لإخراج منظمات الإرهاب عن توازنها العملياتي وحملها على طلب وقف النار ولزمن طويل. أو سيكون في حينه احتمال ليستجيبوا لمسألة الأسرى والمفقودين. بالتوازي، فإن الجيش الإسرائيلي ملزم بأن يجد ويخلق طرق عمل (كزرع الألغام)، الغاز، الدخان، وما شابه) تردع وتبعد "إعمال الإخلال بالنظام" التي على حدود القطاع وعن مواقع الجيش الإسرائيلي هناك. قد لا يكون في يوم ما، مفر من احتلال القطاع لتصفية قوة حماس والجهاد العسكرية.
ثمة من يتسلون بفكرة "التسوية" والتهدئة طويلة المدى مع حماس. ولكن ليس أمام إسرائيل بديل استراتيجي حقيقي كهذا، حين تكون جينات حماس هي قتال الإبادة وإزالة إسرائيل عن الخريطة.
المصدر: إسرائيل اليوم
الكاتب: العميد احتياط أهرون ليبران