كانت الشرارة الأولى في مدينة جنين شمال الضفة الغربية المحتلّة إبان مطاردة الاحتلال للشهيد جميل العموري ورفيقه الأسير وسام أبو زيد من سرايا القدس (الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي) لإبقاء المدينة في حالة استنفار وتأهّب دائمين لصد أي هجمات محتملة للاحتلال.
ومع تسارع الأحداث الأخيرة، خاصة تحرير الأسرى أنفسهم من سجن جلبوع، وهم الـ 6 من المدينة، برزت سلسلة من التحركات والتصعيدات للمقاومة الشعبية وللفصائل، أكدّت على إصرار جنين المضي بخيار المقاومة المسلّحة،
كان أهمها:
_ أظهرت جنين قدرة على المبادرة للاشتباك المسلّح في التصدي الاحتلال، لا سيما عند حاجز جلمة على مدخل مخيّم جنين، وكان الشباب الفلسطينيون يطلقون النار حوالي " ثلاث مرات يوميّا" على جنود الاحتلال عندما كانوا يقومون بعمليات التمشيط بحثاً عن الاسرى الـ 6. وعند اقتحام قوات الاحتلال في يوم إعادة اعتقال الأسرين أيهم كممجي ومناضل نفيعات، اشتبكوا مع وحدة "اليمام" الخاصة (وهي وحدة شبه عسكرية عالية التدريب في "شرطة" الحدود، متخصصة في مواجهة المقاومة).
_ شكّلت فصائل المقاومة الفلسطينية "غرفة عمليات مشتركة" للسير في خطة واحدة وبقرار واحد ولتوحيد قوّتها استعداداً لتصعيد عسكري كان ممكناً لو مسّ الاحتلال بحياة الاسرى الـ 6 خلال عملية البحث وبعد إعادة الاعتقال، وهدّدت في بيان لها "إنه في حال أقدم الاحتلال على اجتياح مخيم جنين فسوف يرى ما لا يسمع".
_ نزل أهالي جنين الى الشوارع داعماً واسنادا للأسرى الذين تحرّروا كما للأسرى الذين تعرّضوا لتشديدات قمعية انتقامية في السجون، فجابت المظاهرات والمسيرات كل الأحياء ردّدوا فيها الشعارات والهتافات المندّدة بالاحتلال.
ما قبل نفق الحرية
ولم يكن ما قبل عملية تحرّر الاسرى من سجن "جلبوع" مختلفاً جداً، فكانت مدينة جنين تواصل التصدّي بقوّة لاقتحامات الاحتلال في الليل وحملات الاعتقال وتقف بوجه توسّع البؤر الاستيطانية، فكثّفت من فعاليات الارباك الليلي والتظاهر مع اشعال الإطارات وإصدار نوع من الضجيج المربك لجنود الاحتلال والمستوطنين عند مداخل المدينة والمخيّم. وكان قائد عمليات الاحتلال في جنين قد اعترف "بأن جنوده -في إحدى الاقتحامات للمدينة- قد حوصروا لنحو ساعة و20 دقيقة تحت الرصاص الفلسطيني من كل مكان".
هذا التطور والتواصل لفعاليات المقاومة في جنين دفعت وزير جيش الاحتلال بني غانتس ورئيس الأركان أفيف كوخافي للمصادقة على الخطط العملياتية "واسعة النطاق" في مدينة جنين. لكن الاحتلال يعرف ومنذ معركة "سيف القدس" انه لا يمكنه ان يستفرد بمدينة ويقتحمها او يعرّض الشعب الفلسطيني لاي اعتداء دون ان يتلقّى الصواريخ من غزّة، كما ان الاعلام العبري يشير الى "إن جيش الاحتلال يأخذ بعين الاعتبار حجم الأسلحة التي تم الكشف عنها في أنحاء الضفة، في الآونة الأخيرة، وعلى وجه الخصوص في مخيم جنين"
الكاتب: غرفة التحرير