لم تتوصل حركة طالبان وقوات "أحمد مسعود" (جبهة المقاومة الوطنية)، المتمركزة في ولاية "بنجشير"، إلى اتفاق يبعد الاقتتال بينهما. الأمر الذي أشعل الاشتباكات بينهما عند مداخل الولاية، وأدى لسقوط خسائر (قتلى وجرحى) من كلا الجانبين. وعلى الرغم من أن طالبان قد تمكنت قبل أسبوعين، من السيطرة على جميع مقاطعات وولايات أفغانستان تقريبًا دون مقاومة، إلا أن ولاية "بنجشير"، بقي الولاية الوحيدة في البلاد، التي لم تتمكن من السيطرة عليه. ما دفع بالحركة إلى إرسال مئات مقاتليها نحو المنطقة، بالتزامن مع فتح باب المفاوضات، للتمكن من حل الخلاف ما بين الفريقين سلمياً. وتدور الاشتباكات حالياً على جبهتين، الأولى في شمال الولاية والأخرى في مدخل الولاية لجهة كابول وانطلاقاً من ولاية "كابيسا". وزعم مقاتلي قوات "أحمد مسعود" أن طالبان تكبدت خسائر فادحة في الاشتباكات، حيث قتل 350 من مقاتليها وأسر عدد منهم.
ميدان المواجهات
أولاً، تعتبر هذه الولاية بتضاريسها الجغرافية كالقلعةً، بحيث تتيح للمدافعين عنها، استغلال قمم الجبال التي تصل الى 3000 متر، واستهداف قوات طالبان المهاجمة.
ثانياً، للوادي ممرات دخول محدودة، لكن طالبان استطاعت فرض حصار مطبق على هذه الولاية.
ثالثاً، تنقسم محاور القتال حالياً الى خمسة:
1)طريق سريراتشا (من ناحية ولاية بدخشان) شمالي شرق الوادي.
2)من جهة ولاية بغلان شمال الوادي.
3)قرية "ديه صلاح" في ولاية بغلان.
4)قرية "أنداراب" في ولاية بغلان.
5)جبل سراج في ولاية "بروان" جنوب غربي الوادي.
رابعاً، بدأ هجوم الحركة ليل الإثنين، من ممرات شتول وخاواك وأنجمن ودربند الجبلية.
خامساً، أكدت مصادر متابعة لقوات مسعود أن طالبان فشلت للمرة الثالثة في تحقيق أي تقدم عسكري في الجبهات، بالرغم من زجها لمئات المقاتلين في المعركة.
وفي الليلة الماضية شنت حركة طالبان هجوما واسعا من عدة محاور، واجهت فيها مقاومة شديدة ما اضطرها للانسحاب، و خسارة مواقعها السابقة في "كلبهار" و "اندراب".
وأضافت المصادر أن قوات مسعود تحاصر ما يقارب 900 مقاتل للحركة في وادي چكري نو وصولا إلى مرتفعات خاواك، و قد فشلت جميع محاولات طالبان لكسر الحصار. متحدثة عن أنباء وجود حركة تمرد واشتباكات في محافظة بدخشان و سمنغان وبدخشان وبروان، اضافة لانضمام 1000 مقاتل من الطاجيك والازبك و الهزارة المتعاونين مع طالبان إلى قوات أحمد مسعود.
ماذا يريد "أحمد مسعود" وما تسمى جبهة المقاومة؟
خلال جولات التفاوض ما بين حركة طالبان و"أحمد مسعود"، طرح الأخير شروطاً لا تناسب الحركة، أبرزها احتفاظ قواته بالأسلحة والمعدات العسكرية، وأن يمنح مع حلفائه حصة ثلث الوزراء في الحكومة المقبلة، بالتزامن مع تعيين كافة المسؤولين بموافقتهم، وأخيراً عدم مراقبة وتعقب من يريد زيارة ولاية "بنجشير".
ماذا تريد طالبان؟
أما طالبان التي أعلنت إقامتها لإمارة إسلامية في البلاد، فهي أكدت أنها لا ترغب بقتال مسعود وقواته، بل جل ما يهمها ان تفرض سيطرتها على كل أراضي البلاد، على أن تتشكل الحكومة وتضم كافة الأطياف الأفغانية.
وكما ترفض طالبان وجود تنظيمات مسلحة مثل داعش والقاعدة، أو وجود أي قوات عسكرية أجنبية، فهي ترفض أن تبقى ولاية بكاملها خارج سيطرتها ونفوذها، لاسيما أن جبهة مسعود قد أعلنت مراراً أنها تريد "تحرير كل أفغانستان" من حركة طالبان. ما يعيد بالذاكرة الى الحرب السابقة ما بين الحركة والتحالف الشمالي قبل الغزو الأمريكي.
التحالف الشمالي
ففي تسعينيات القرن الماضي، تأسس التحالف بين القائد الطاجيكي أحمد شاه مسعود والجنرال الأوزبكي عبد الرشيد دوستم، إضافة لقوى أخرى مثل الهزارة الذين يقودهم حاجي محمد محقق وبشتون بقيادة عبد الحق وحاجي عبد القدير. يومها استطاع هذا التحالف السيطرة على 30% من سكان البلاد، المتواجدين في الولايات: بدخشان، كابيسا، تخار، روان، كنر، نورستان، لغمان، سمنكان، قندوز، غور، باميان. خلال الفترة الممتدة من أيلول العام 1996 حتى تشرين الثاني 2001.
الكاتب: غرفة التحرير