يتولى يوسـي فوكس منذ 8 كانون الثاني/يناير 2023 منصب سكرتير الحكومة الإسرائيلية، وهو دور إداري محوري لكنه لا يخلو من البُعد السياسي، خاصة في حكومةٍ يرأسها بنيامين نتنياهو وتُعد من أكثر الحكومات تطرفاً في تاريخ كيان الاحتلال السياسي. يتمتع فوكس بخلفية قانونية متينة، إذ حصل على إجازة في القانون من جامعة بار إيلان، وعمل مستشاراً قانونياً في عدد من الوزارات، منها وزارة التعاون الإقليمي والعدل والمالية، كما شغل منصب مدير مكتب وزير العدل الأسبق دانييل فريدمان.
لكنّ ما يجعل فوكس شخصية جديرة بالاهتمام ليس مساره الإداري فقط، بل موقعه في البنية الأيديولوجية للحكومة الإسرائيلية الحالية، وانحيازه الواضح إلى مواقف اليمين الديني والقومي، وتحديداً تموضعه الحاد في مواجهة المحكمة العليا والدفاع الصارم عن مشاريع ما يسمى "الإصلاح القضائي" الذي يسعى نتنياهو وائتلافه إلى فرضه.
المناصب السابقة والمسار المهني
شغل يوسـي فوكس سلسلة من المناصب الإدارية والقانونية داخل الجهاز الحكومي الإسرائيلي، ما عزّز موقعه كأحد رجال الثقة ضمن البيروقراطية اليمينية. عمل مستشاراً قانونياً لوزارة القدس والتراث، ثم تقلّد منصب المستشار القانوني لوزارة الشؤون الدينية، وهما وزارتان مرتبطتان ارتباطاً وثيقاً بالمشروع الديني القومي الذي يدفع به اليمين الحاكم.
لاحقاً، تولّى رئاسة طاقم شؤون القدس في وزارة شؤون القدس، ما عزز ارتباطه بالمشاريع التهويدية في المدينة المحتلة. ثم شغل منصب مدير عام وزارة الشؤون الدينية، قبل أن يتم اختياره لمنصب سكرتير الحكومة. هذا التدرج في مناصب ذات طابع ديني وقانوني يُظهِر مدى قرب فوكس من التيارات الدينية القومية، ويُفسّر سبب انسجامه مع توجهات حكومة نتنياهو.
الانتماء الأيديولوجي والتوجهات السياسية
يوسـي فوكس يعرّف نفسه بشكل واضح كممثل للتيار الصهيوني الديني، وهو ما ينسجم تماماً مع هوية الائتلاف الحاكم الذي يضم شخصيات من حزب "الصهيونية الدينية" و"شاس" و"يهدوت هتوراة". وقد أظهر فوكس في أكثر من مناسبة توافقاً كبيراً مع الطروحات الدينية القومية المتشددة، خصوصاً فيما يتعلق بحق "الشعب اليهودي" في "أرض إسرائيل الكاملة" ـ أي بما يشمل الضفة الغربية والقدس الشرقية ـ وهي رؤية تلغي عملياً حق الشعب الفلسطيني بأرضه وتؤسس لاستدامة الاحتلال وتوسعه.
من الناحية القانونية، كان فوكس في صف المدافعين عن تقليص صلاحيات المحكمة العليا، وهي المعركة التي قادها وزير العدل ياريف ليفين، والمدعومة مباشرة من نتنياهو. في هذا السياق، عمل فوكس بصفته سكرتير الحكومة على تسويق مشاريع القوانين التي تهدف إلى الحد من رقابة المحكمة على الحكومة والكنيست، وهو ما اعتبره كثير من المراقبين "محاولة لتقويض الديمقراطية الإسرائيلية من الداخل"، ومنح الشرعية القانونية لإجراءات تتيح لنتنياهو الإفلات من المحاكمة أو تمديد عمر حكومته عبر السيطرة على مفاصل القضاء.
الموقف من نتنياهو: ولاء مؤسسي وأيديولوجي
في موقعه الحالي يعد فوكس أشبه بـ "الذراع الإدارية" التي تضمن انسجام الماكينة الحكومية مع تطلعات نتنياهو وأولويات حلفائه. فبصفته سكرتير الحكومة، يتولى فوكس تنسيق الجلسات، صياغة محاضر الاجتماعات، والتأكد من سير التشريعات وفق الخط المرسوم، وهو دورٌ بالغ الأهمية حين تكون الحكومة في صراع داخلي مع مؤسسات القضاء.
وبينما يتجنب فوكس غالباً الدخول في تصريحات سياسية مباشرة، فإن ممارساته الوظيفية تُظهر انحيازاً واضحاً لأجندة نتنياهو، خصوصاً في دعم التوسّع الاستيطاني، وتكريس مفهوم "الدولة اليهودية"، والانخراط في سياسات تطبيع تُبقي على هيمنة "إسرائيل" الإقليمية.
قراءة في دوره المستقبلي
من المتوقع أن يستمر يوسي فوكس في أداء دور محوري في الحكومة ما دام نتنياهو في السلطة، خصوصاً في ظل المساعي المستمرة لإعادة هيكلة النظام القضائي، وتمرير القوانين المثيرة للجدل. في هذا الإطار، يُعد فوكس نموذجاً للبيروقراطيين الذين يُخضِعون أدوات الدولة لخدمة مشروع سياسي.
الكاتب: غرفة التحرير