كشفت شبكة أن بي سي عن "تعرض الأمير محمد بن نايف -ولي العهد السابق وابن عم محمد بن سلمان- للضرب المبرح على يد السلطات السعودية نتج عنها إصابات خطيرة أفقدته القدرة على المشي دون مساعدة، إضافة لحجب مسكنات الألم عنه نتيجة إصابات سابقة تعرض لها"، الأمر الذي أعاد تسليط الضوء على الخلافات العائلية الحادة والانقسامات ضمن "العائلة الحاكمة" للسعودية التي تصل في أغلب الأحيان إلى حد التصفيات أو الاغتيالات أو "الاستبعاد القسري إلى مكان غير معروف".
ولقد كان من اللافت ذكر الصحيفة عن ان "إدارة الرئيس جو بايدن تتعرض لضغوط متزايدة من أجل مساعدة رئيس المخابرات السعودي السابق -ابن نايف- والذي ينسب إليه الفضل في إنقاذ حياة أمريكيين، والذي احتجزته الحكومة السعودية خلال إدارة دونالد ترامب". فيما أشارت إلى انه "من غير الواضح إذا كانت إدارة بايدن قد تدخلت وراء الكواليس لكن ظروف اعتقال بن نايف تحسنت أخيرا وسمح لأفراد الأسرة برؤيته".
وكان محمد بن نايف قد اختفى منذ احتجازه في آذار 2020 بعد ان عزله محمد بن سلمان -ابن عمه- من منصبه عام 2017 وهو الذي كان يتولى وزارة الداخلية عام 2012 قبل أن يصبح وليا للعهد بعدها ب3 سنوات.
صراع أمراء آل سعود على العرش
تشهد المملكة منذ وقت طويل صراعات على السلطة بين أبناء العموم والأخوة في عائلة آل سعود، غير أنها كانت بعيدة شيئا ما عن التسليط الإعلامي، غير ان محمد بن سلمان ومنذ توليه "ولاية العهد" أسقط ورقة التوت الأخيرة التي كانت تغطي عيوب العائلة الحاكمة والتي عمل "السلف" من الملوك على تثبيت بعض الهوامش التي تقوم على التراضي، فيكون الحكم على الشكل التالي: حصر وزارة الداخلية داخل بيت نايف -وتولى ابنه محمد لاحقا ولي العهد وهو المختطف الآن- وزارة الدفاع ببيت سلطان وتعود رئاسة الحرس الوطني إلى بيت عبدالله عبر متعب، إضافة لتخصيص مناصب أخرى لآلاف الأمراء الباقيين.
مع تولي محمد بن سلمان ولاية العهد بدأ بإطلاق حملة ضد عبدلله بن عبد العزيز -الملك الراحل- فهو لم يتوقف عن انتقاد سياساته ونهجه المتبع، ولا يمكن رد ذلك إلا "لمحاولة ضرب البروتوكول العائلي والتسلسل الطبيعي لوراثة العرش" بعد ان كانت تنتقل من الآباء إلى الأبناء ثم الأحفاد، ولا يمكن تفسير "حملات الاعتقالات والتطهير" الذي ينتهجها بن سلمان إلا ترجمة لهذا المبدأ، فهو الذي شق طريق وصوله إلى منصب ولي العهد بصعوبة بعدما كان يزاحمه عليها كثير من أمراء البلاط، حيث تطلب الأمر "انقلابا" أعدّه بالتعاون مع الملك سلمان وبمباركة دونالد ترامب.
طريقة الاعتقال والاستبعاد لا تهم الكثيرين بقدر ما يهمهم "الرعونة" والطيش والتخويف والنهج المتبع عند محمد بن سلمان في تحييد خصومه ومنافسيه.
يستفيد بن سلمان اليوم من سطوة أبيه، حيث استطاع -أي سلمان الأب- خلال سنوات مضت ان يرسخ "حالة سيكولوجية" لم يستطع أسلافه او أحد الأمراء الحاليين ان يفرضها، كما لم يستطع أحدهم خرقها، فهو الذي أوكلت إليه مسألة معالجة ملفات "النخبة السعودية" والأمراء وتأديبهم ومقاضاتهم فيما كان يعرف "بالمجلس الأسبوعي للأمير سلمان" بعدما كان يرفض أي من القضاة التصدي لمهمة المحاكمة -لأسباب باتت معروفة لدى الجميع-.
استطاع الملك سلمان بن عبد العزيز ان يفرض "هالة" خاصة به بين الأمراء الذين فضّلوا احترام التوازنات "وعدم الشكوى" أو إغضاب أي فرع من فروع العائلة، بعد ما اثبتَ ان لا تردد أو خوف في استبعاد من يشاء مهما كبر شأنه. اليوم يخطو محمد بن سلمان على خطى أبيه في اقصاء منافسيه، خاصة بعد أن نجا من تداعيات اغتيال الخاشقجي في تركيا، ولا يتردد من توظيف "هيبة أبيه" لتحصنه من رفض "العائلة الحاكمة" له.
بالنسبة لواشنطن فهي لا تدعم أي انقلابا داخل أروقة "البلاط الملكي" ليس تمسكا بمحمد بن سلمان انما تجنبا لحدوث أي "تناحر يصعب احتواءه" والذي قد يفتح الباب أمام منافسين لها فينجح أحدهم من استمالة بعض الشخصيات والأمراء ويتقاسم بذلك النفوذ مع الولايات المتحدة.
الكاتب: غرفة التحرير