لم يكن خبر وفاة وزير الدفاع الأميركي الأسبق دونالد رامسفلد مدعاة للأسف والحزن بقدر ما كان مناسبة عند الكثيرين من الأوساط السياسية والإعلامية لفتح ملفات وزير الدفاع "الأسوء في تاريخ الولايات المتحدة".
مجلة The Atlantic نشرت مقالاً تحدثت فيه عن ان رامسفلد كان " أسوأ وزير دفاع في تاريخ الولايات المتحدة" وتابع George Packer -كاتب المقال- ان رامسفلد كان "الداعم الأكبر "لكل الكوارث" التي حدثت خلال الأعوام التي تلت هجمات الحادي عشر من أيلول".
وتابع George Packer "لم يكن يتحلى بالشجاعة للتشكيك في مواقفه او بالحكمة المطلوبة لتغيير هذه المواقف.. بدأ بالأفكار الكارثية، بعد مرور ساعات فقط على وقوع هجمات الحادي عشر من أيلول".
مشيراً في هذا الصدد إلى الملاحظات التي كتبها "أحد معاوني رامسفلد حينها لجهة الاستفادة من الهجمات كتبريرات لاستهداف نظام صدام حسين وعدم الاكتفاء باستهداف زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن".
وعن المعلومات الاستخباراتية التي كانت تقدم للقوات الأميركية قال كاتب المقال إلى ان "ما كشفته المعلومات الاستخباراتية وقتها لم يكن مهماً بالنسبة لرامسفلد، الذي اعتبر ان هجمات الحادي عشر من أيلول هي اختباراً للإرادة الأميركية وفرصة لأميركا كي تثبت نفسها...لقد توقع نهاية حركة طالبان بعد التدخل العسكري الأميركي في أفغانستان، من مؤيدي الإجراءات الأميركية الأحادية من دون الحصول على تفويض من الأمم المتحدة، وإلى انه شكك في المعلومات الاستخباراتية حول وجود أسلحة دمار شامل في العراق باستثناء التقارير التي طلب هو نفسه بإعدادها، فيما كان يثق ثقة كبيرة بالمعلومات الاستخباراتية التي جرى الحصول عليها عبر أساليب التعذيب". معتبرا ان " في شهر تشرين الثاني نوفمبر عام ٢٠٠٦، وبينما كانت تخسر الولايات المتحدة حربين اثنتين (أفغانستان والعراق) أقيل رمسفلد، وبان ما قام به الأخير والقرارات التي اتخذها كانت سبب أساس وراء ذلك".
بدوره قال Daniel Larison في مقال نشر على موقع Responsible Statecraft ان رامسفلد كان من "أبرز المخططين والمناصرين للحرب الأميركية على العراق، وقد وافق على استخدام أساليب الاستجواب غير القانونية التي أدت إلى تعذيب المعتقلين". معتبرا انه "تحول إلى رمزاً لإخفاقات إدارة بوش الابن في العراق، وأبرز مجرمي الحرب في حقبة بوش الابن، ولم تجرِ محاسبته".
ومستشهدا بما قالته منظمة "Human RightsWatch" -عن ان رامسفلد أوجد الظروف التي دفعت بالجنود الاميركيين إلى "ارتكاب التعذيب واشكال أخرى من جرائم الحرب من خلال موافقته على أساليب الاستجواب التي تنتهك اتفاقيات جينيف واتفاقية مناهضة التعذيب- قال الكاتب ان رامسفلد كان "يجسد غطرسة وتهور" إدارة بوش الابن، وموافقته على أساليب الاستجواب الوحشية تعني انه شارك في "السلوك الاجرامي" لإدارة بوش الابن... الدور الذي لعبه في الحرب على العراق يجعله من أبرز الشخصيات القيادية "المسؤولة عن هذه الجريمة" وخلافا لصناع السياسة الأميركيين خلال حقبة حرب فيتنام فهو لم يبدِ أي ندم بينما أدت الحرب على العراق إلى مقتل آلاف الاميركيين ومئات آلاف العراقيين فضلاً عن تشرد الملايين منهم".
وأشار الكاتب إلى ان "الحرب التي ساهم بإشعالها اوجدت الظروف المناسبة التي أدت إلى صعود تنظيم داعش الإرهابي وزعزعة استقرار سوريا. كما شدد على ان "تقاعد رامسفلد من دون اخذ اية إجراءات بحقه يدل على انه ليس هناك من محاسبة حقيقية في النظام الأميركي على خلفية "الإخفاقات السياسية الكارثية وجرائم الحرب".
صحيفة الاندبندنت أشارت في مقال لها بعد وفاة وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفلد ان الأخير قد "دعا إلى نقل الموارد الأساسية من أفغانستان إلى العراق عقب الإطاحة بحركة طالبان، وإلى ان الأخيرة استغلت الفراغ الأمني الناتج عن ذلك من اجل العودة من باكستان (حيث كانت لجأت طالبان) إلى أفغانستان" لافتة إلى ان لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأميركي كانت قد حملته مسؤولية فضيحة التعذيب في سجن أبو غريب.
وعن تقييم أداء الوزير الراحل قال الكاتب ان ثماني شخصيات عسكرية غربية متقاعدة كانوا قد دعوا رامسفلد عام ٢٠٠٦ إلى الاستقالة حيث اعتبروا ان الأخير قدم أداء سيئ جداً على صعيد التخطيط العسكري وكذلك على صعيد الكفاءة الاستراتيجية، مضيفاً بانه قيل وقتها ان نسبة ٧٥٪ من الضباط الميدانيين كان لهم نفس التقييم.. ان السياسات التي اتبعها كان يسودها عيوب جوهرية وقد ساهمت بشكل كبير في انتشار التطرف بين المسلمين والذي أدى بدوره إلى صعود تنظيمي القاعدة وداعش الإرهابيين و"قدوم الجهاد إلى أوروبا وأميركا".
الكاتب: غرفة التحرير