الإثنين 17 آذار , 2025 03:25

قرارات السلم والحرب والتعيينات بيد السفيرة الأمريكية

ليزا جونسون

من المفارقات اللبنانية المضحكة والمحزنة في آن معاً، قيام فريق سياسي من شخصيات ووسائل إعلام وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، بالتنظير يومياً ودورياً، عندما يريدوا مهاجمة فريق المقاومة أو حزب الله تحديداً، من خلال رفع شعارات "حصر قرار السلم والحرب بيد الدولة"، أو "اتخاذ القرارات من مصلحة وطنية سيادية ورفض أي وصاية خارجية". بينما يصمت هذا الفريق "السيادي" نفسه أمام ما يظهره الواقع، من وصاية أمريكية سافرة على كل شؤون الدولة المهمة، من شؤون الحرب والسلم (كل ما يتعلق بالمواجهة مع الكيان المؤقت وحتى ما يتعلق بالعلاقة الأمنية والعسكرية مع سوريا في ظل القيادة الحالية للأخيرة أم السابقة) وانتخابات رئيس الجمهورية وتسمية رئيس الحكومة وتشكيل الحكومة، بما في ذلك التعيينات الأمنية والإدارية، وغيرها الكثير من القضايا.

وآخر ما تم الكشف عنه في هذا الإطار، هو ما ذكرته وكالة رويترز مؤخراً، عن تدخل أمريكي مباشر باختيار حاكم المصرف المركزي المقبل للبلاد. حيث بيّن تقرير رويترز دور الولايات المتحدة الأمريكية المباشر في عملية اختيار الحاكم من خلال مراجعتها لملفات عدد من المرشحين لهذا المنصب، وإجراء لقاءات مع بعض المرشحين المحتملين في واشنطن، وفي السفارة الأميركية ببيروت. والأخطر في كل هذا الأمر، هو ما نقلته الوكالة عن مصادر لبنانية أُطلعت على الاجتماعات، بأن المسؤولين الأميركيين طرحوا على المرشحين أسئلة تتعلق بكيفية مكافحة "تمويل الإرهاب وفق المعنى الأمريكي أي حركات المقاومة" من خلال النظام المصرفي اللبناني، وعما إذا كانوا مستعدين لمواجهة "حزب الله".

وفي سياق متصل، ظهرت الوصاية الأمريكية بشكل وقح للغاية خلال زيارة نائبة المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط "مورغان أورتاغوس" الى قصر بعبدا وما بعد لقائها برئيس الجمهورية جوزاف عون، حينما صرّحت بعد إشادتها بالعدوان الإسرائيلي على لبنان، بأن بلادها "تريد التأكد من أن حزب الله ليس جزءا من الحكومة اللبنانية" التي يعتزم الرئيس المكلف آنذاك نواف سلام تشكيلها، أن يبقى لبنان "منزوع السلاح"، كما أفادت مصادر دبلوماسية بأن الرسالة التي نقلتها إدارة ترامب إلى بيروت تتضمن إشارة إلى أن "لبنان سيتعرض لعزلة أكبر ودمار اقتصادي ما لم يشكل حكومة ملتزمة بالإصلاحات ويلتزم بالقضاء على الفساد والحد من نفوذ حزب الله". وقد ردّت رئاسة الجمهورية اللبنانية على هذا الخطاب وما ورد فيه من إساءات ومن تعديات واضح على السيادة اللبنانية ببيان مقتضب، جاء فيه "بعض ما صدر عن نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس من بعبدا يعبّر عن وجهة نظرها والرئاسة غير معنية به"، من دون أن يحدّد البيان التصريحات المقصودة، وما هو الذي يعبّر بتصريحات أورتاغوس من وجهة نظر مشتركة!

كل ما سبق، يتفقّ تماماً مع ما تم كشفه خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان، حينما طلبت السفيرة الأمريكية في بيروت ليزا جونسون، من قوى سياسية ونواب مستقلين في البلد، "الاستعداد لمرحلة ما بعد حزب الله، وأنه لم يعد مسموحا استمرار سطوته على الدولة (وتقصد بذلك ما يتعلق بالمواجهة مع كيان الاحتلال الإسرائيلي). وجاء في محادثات جونسون، أنه "لم يعد مسموحا استمرار سطوة حزب الله على الدولة ومؤسساتها، ولا على معابر الدولة الحدودية، وأن الحزب باتَ ضعيفا جدا بعد الضربات التي وجهت إليه، واستهدفت قادته وقتلت أمينه العام، ومن ثم لم يعُد بإمكانه فرض ما يريد". مضيفةً بأن "هناك مرحلة سياسية جديدة سيشهدها البلد قريبا ليس للحزب مكان فيها".


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور