الأربعاء 05 آذار , 2025 02:37

الأسلحة المستقلة في الحروب: تهديد جديد للقانون الإنساني؟

الأسلحة المستقلة في الحروب: تهديد جديد للقانون الإنساني؟

النزاع المسلّح نوعٌ من أنواع الصراع من أجل البقاء، مهما تَلَوَّنت مظاهره بين عدوان ومدافعة وانتقام، وأينما حَلّ حَلَّت معه المجازر والأعمال الوحشيّة والخَراب؛ فلا يُراعي، في أغلب الأحيان، حُرمة، ولا يُمَيِّز بين جندي يُقاتِل ومدني مُسالِم، ولا يخضع لِعُرف سائد أو قانون، وما زال ينمو، وتنمو معه أساليبه ووسائله، فلا تكاد تَسْلَم منه أمَّة أو يَنْجُو منه بَشَر.

ومع تَقَدُّم حياة الإنسان، عَبْر الزمن، وتَعَقُّد أحوالها، وتزايُد النزاعات بين الدول، وتَطَوُّر أسلحتها، وتفاقُم تأثيرها على المدنيين وممتلكاتهم، تَعاظَمَت الحاجة إلى ضرورة التمييز بين الناس المسالمين في مناطق الحرب وأولئك الذين يُحارِبون. وتَمَّ فيما مضى الاعتراف بقاعدة لهذا التمييز ضمَّتها اتفاقياتٌ وَضَعَتها دول على أثر نزاعات مسلّحة وَقَعَت بينها، كما نادى بوجوب وجودها والتِزامها قادة ومصلحون وفلاسفة. ثمَّ توالى الأخذ بها مع تطوّر القوانين الدولية حتى صارت، في العصر الحديث، مبدً ا نصَّت عليه المادة 48 من

البروتوكول الأول الإضافي إلى اتفاقيات جنيف الصادر في العام 1977. إنّه مبدأ التمييز، وهو المبدأ الأساسي بين مبادئ القانون الدولي الإنساني، والعقيدة الأسمى بين عقائده الإنسانية. إنّه المبدأ الذي يَفْرِض على المتنازعين في ساحات نزاعهم وجوبَ التمييز بين المدنيين والمقاتِلين، وبين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية، وقَصْرَ الهجمات القتالية على هذه الأهداف لا غير، وحمايةَ المدنيين والأعيان المدنية من تلك الهجمات، لا بَلْ وحمايةَ مَنْ يَكُفّ من المقاتِلين عن القتال أيضًا، مهما تَكُن الأسباب التي تدفعه إلى ذلك.

وفي إطار ما يَشْهَده العالم اليوم من نزاعات تَسْتَعْمِل فيها الدول أساليبَ حربيّةً حديثة، ووسائل قتالية هائلة التَّعقيد، باتَ المدنيون عُرْضَةً للقَتل، أو الجَرح، أو التَشريد، وباتت الأعيان المدنية لا تُمَيِّزها الهجمات القتالية عن الأهداف العسكرية، وأصبح مبدأ التمييز وأحكامه، بِسَببها، وَجْهًا لِوَجْهٍ مع تحدّيات جِسام، وعلى مِحَكّ الصلاح لهذه المُواجهة، وفي نَظَر مُعظم أطرافها قيدًا يُرجى التخلّص منه ومن أعبائه.

ولفهم بعض التحدّيات التي تواجه تطبيق مبدأ التمييز لا بدّ من دراسة ثلاثة نماذج من الأساليب والوسائل الحربية هي: الشركات العسكرية والأمنية الخاصة، والحرب السيبرانية، وأنظمة الأسلحة المستقلة، وذلك على ضوء مبادئ القانون الدولي الإنساني، تلك المبادئ التي تهدف إلى ضبط سير العمليات العسكرية أثناء النزاعات المسلّحة، لئّلا تُخاض هذه النزاعات دون قيود يعترف بها أطراف النزاعات ويلتزمونها. ومبدأ التمييز هو أحد هذه المبادئ التي لا بدّ أن تُلْتَزَم أثناء النزاعات المسلّحة، كي يكون المدنيون محميين من

مخاطر الهجمات القتالية.

وفيما يأتي دراسةٌ لأبرز وسائل الحرب الحديثة وهي:

- الأساليب والوسائل الحربية الحديثة في النزاعات المسلّحة.

- الشركات العسكرية والأمنية الخاصة، وتأثير عملها على تطبيق مبدأ التمييز.

- الحرب السيبرانية، وتأثيرها على مبدأ التمييز.

- أنظمة الأسلحة المستقلّة، وقضية انطباق القانون الدولي الإنساني على هذه الأنظمة.

- المسؤولية عن انتهاك القانون الدولي الإنساني بسبب استخدام أساليب ووسائل حربية حديثة في النزاعات المسلّحة.


المصدر: المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق

الكاتب: علاء الدين بو مرعي




روزنامة المحور