تعود الولايات المتحدة الأمريكية لتستعرض قوتها العسكرية في منطقة غرب آسيا بعد العدوان الذي شنته قواتها على مواقع عسكرية تابعة للواء الرابع عشر في الحشد الشعبي العراقي والتي تقع في منطقة "القائم" على الحدود العراقية السورية، خصوصًا بعد إعلان البنتاغون بشكل رسمي مسؤوليته عن تنفيذ الغارات.
وتحاول واشنطن من خلال هذه الاعتداءات تحت مسمى "الدفاع عن النفس" توجيه رسالة للجمهورية الإسلامية الإيرانية مفادها التفاوض في ملف دعم الحشد، لكن إيران لن تقبل بذلك، كونها ترفض وبشكل قاطع التدخل في قرارات قوى محور المقاومة بما يخص الشأن الداخلي لكل بلد.
انطلاقًا مما سبق، تسعى الولايات المتحدة بشكل دوري التأثير على ساحات منطقة غرب آسيا بدءًا من العراق ولبنان وسوريا واليمن وإيران وصولا إلى فلسطين وتحديدًا السلطة الفلسطينية:
- أفشلت السفارة الأمريكية في لبنان عمدًا حضور لبنان مؤتمرًا أمنيًا دعت إليه موسكو وحضره 55 وزير دفاع. فبعد أن كانت وزيرة الدفاع اللبنانية قد أبدت موافقتها على حضور المؤتمر اعتذرت عنه في اليوم التالي لزيارة السفيرة الامريكية لوزيرة الدفاع، وترافق ذلك مع تلقي السفارة الروسية في بيروت رسائل تحذير عبر وزارة الداخلية اللبنانية، من ان "هيئة تحرير الشام" او ما كان يعرف سابقًا بـ "جبهة النصرة" بصدد استهداف المصالح الروسية في لبنان، وعند مراجعة المعنيين من السفارة قادة أجهزة امنية رسمية لبنانية كان الجواب ان لا معلومات لدينا بشأن تهديدات من هذا النوع.
- المساعدة المالية الكبيرة التي تلقتها إدارة الجامعة الأمريكية في بيروت والتي قدرت بنحو مئة مليون دولار، ستستخدم في استقطاب كوادر طلابية عبر منح ميسرة، وهناك تركيز على النخب الطلاب الشيعية التي تعدها السفارة الأمريكية للعمل والمنافسة في البيئة الشيعية وخاصة بيئة المقاومة.
- بدا لافتًا جدًا تسريب الأمريكيين لتصريح على لسان "بروس ريدل"، المسؤول السابق في وزارة الدفاع الأمريكية عن التوصل إلى "معلومات جديدة عن تفجير أبراج الخبر بالسعودية والذي وقع قبل 25 عامًا"، وزعم ريدل "إن المؤامرة دبرت قبل موعد التفجير بعامين في مسجد السيدة زينب في دمشق، من قبل 3 أطراف هي الاستخبارات الإيرانية، وحزب الله اللبناني ومجموعة من الجماعات الارهابية السعودية الشيعية بأسماء مختلفة، بما في ذلك حزب الله في الحجاز" وأضاف "أن حزب الله اللبناني هو من أحضر الشخص الذي وضع المتفجرات في الشاحنة".
- يجاري الاوروبيون نظرائهم الأمريكيين في المواقف "الفجة" والواضحة تجاه الأزمة اللبنانية وخاصة في ازدرائهم بالقيادة الحالية للبلاد التي باتوا يتجاهلونها عمدًا بحجة عدم كفاءتها لإدارة المرحلة الحالية والقادمة.
- تقدر مراكز بحثية أنه "قد يتحول تركيز الصراع الاسرائيلي-الفلسطيني من الأطراف إلى القدس وقلب البلد (أراضي الـ 1948). لذلك إذا استؤنفت العملية السياسية، فلن تتمحور المناقشات حول الانتقال من الحكم العسكري إلى حدود سياسية، ولكن من حالة نظام واحد إلى حالة دولتين. لذا، يجب على كِلا الجانبين الاستعداد لمقايضة جديدة في المحادثات. لكن قبل البدء بالمحادثات، يجب على كل طرف أن يتوصل إلى إجماع داخلي حول القواعد التي تحكم القرار".
- تقدير إسرائيلي بأن: عملية حارس الأسوار أثرت على حافزية الجنود البدو والمسلمين، و"الحوار التحريضي" في شبكات التواصل الاجتماعي يؤثر عليهم أيضًا.
- وصف رئيس أركان جيش الاحتلال الاسرائيلي، أفيف كوخافي، التعاون مع الولايات المتحدة ضد إيران بالـ "استثنائي في نطاقه" وبأنه بلغ "ذروته النوعية".
التفاهم الـ (تركي-كردي-عراقي) للتضييق بأكبر قدر ممكن على حزب العمال الكردستاني، والتعاون الاستخباراتي ضد مواقع وقيادات الحزب في كردستان العراق، سيخلق لأول مرة خلافًا جديًا بين الأمريكيين (الذين باركوا التفاهم التركي-الكردي العراقي)، وبين أكراد سوريا، بسبب الموقف الحاد الذي اتخذه أكراد سوريا من نظرائهم العراقيين. يأتي ذلك بعد أيام من نقل المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا "ديفيد براونشتاين" إلى قائد قسد "مظلوم عبدي"، رسالة امتعاض الإدارة الأمريكية من تزايد الدعم العلني لحزب العمال الكردستاني في مناطق نفوذ قسد، ورفع صور أوجلان في المظاهرات والمسيرات. يتوقع أن يساهم هذا الموقف بتظهير الخلاف الأمريكي-الكردي السوري أكثر في سوريا، حيث أن حركتي "قسد" و"مسد" تعتبران الـ PKK حزب العمال الديمقراطي، شريكهما التركي وظهيرهما الرئيسي منذ عشرات السنوات، حيث أن القيادة الفعلية العليا لقسد هي لجامعة "قنديلي" أي الـ PKK.
- التطابق الكبير في مواقف الاوروبيين تجاه قضيتي انتخاب السيد رئيسي والوقت المسموح لإيران في مفاوضات جنييف، يعكس محاباة للأمريكيين ومراعاة للمصالح الأوروبية في الخليج، ومن المتوقع أن يجاري الأوروبيون المواقف الامريكية في معظم قضايا وملفات غرب آسيا الساخنة، فيما معظم المواقف الحقيقية لمعظم دول أوروبا الغربية باستثناء بريطانيا تعاكس المواقف المعلنة.
- يبدو أن الرئيس الأمريكي يحصر عملية التفاوض حول عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي مع إيران بدائراته الخاصة، مما أزعج صقور وزارة الخارجية الأمريكية ودفعهم إلى التشدد والخروج عن اللياقات الديبلوماسية في أكثر من مناسبة تجاه إيران، وباتوا يطلقون أيضًا مواقف متناقضة في عدد من الملفات المرتبطة بإيران أغلبها لا يتصل بحقيقة الأمر، مما يعكس عدم إطلاعهم على تفاصيل حساسة في المفاوضات، ولا يمكن بأي حال استبعاد فرضية توزيع الأدوار المعتمدة في عمليات التفاوض.
- معظم المعلومات الخاطئة التي تروج عن السيد رئيسي جرى تشويهها عن قصد بهدف شيطنته، ويبدو بحسب عدد من المؤشرات أن جهات نافذة في الولايات المتحدة تتولى هذه المسألة بتمويل وشراكة كاملة مع الامارات والسعودية. ويبدو من مؤشرات أخرى أن السعودية بشكل حصري تستفيد من هذه العملية في حملتها لتحسين صورتها أمام الرأي العام الأمريكي والأوروبي.
- الضربات الأمريكية لأهداف تابعة للمقاومة العراقية على الحدود في العراق وسوريا ليلة الأحد-الاثنين (27-8-2021) تأتي أقل حدة، ولكنها مطابقة للضربات الت نفذتها الطائرات الأمريكية في 26-2-2021 وهي ضربات أقل ما يمكن وصفها بأنها ضربات موضعية تكتيكية لحفظ ماء الوجه بعد سلسلة طويلة من هجمات المقاومة ضد قوافل وأهداف أمريكية آخرها القنصلية الأمريكية في أربيل. ويبقى التقييم الذي قدمناه حول ضربة 26-2-2021 بأن الأمريكيين مضطرين للرد بأقل قدر ممكن من الأذى، لمنع أي تأثيرات سعبية على حكومة الكاظمي في العراق ردًا على الضربات، ولن يغامروا بالتصعيد مع إيران خاصة وأن الضربات استهدفت فصيلين رئيسيين متحالفين مع الجمهورية الاسلامية، كما أن الأمريكيين لن يغامروا بالتسبب بفتح الميدان السوري لتنفيذ عمليات للرد عليهم.
- يبدو أن شيئًا ما يحضر للمرجعية الدينية في العراق على صعيد ترويج لوجود خلاف مع أطراف الحشد الشعبي أو فصائل المقاومة، بعدما تقاطعت المؤشرات التي تدلل بأن هناك اتجاهًا مقصودًا يتبناه الامريكان وتتولاه الامارات لإغراق الرأي العام العراقي والشيعي بشكل خاص بمعلومات مضللة ومشوهة تحريضية حول الخلافات بين المرجعية وبعض فصائل الحشد الشعبي والمقاومة العراقية.
- القمة العراقية المصرية الاردنية جاءت لتحضير الاستراتيجية لعودة العراق العربية التي تتفق عليها (مصر والاردن والامارات والسعودية)، ويبدو أن القمة جاءت لعدة أهداف:
1- تنسيق إرسال أعداد كبيرة من العمال المصريين والاردنيين لتعبئة الفراغ في المنطقة السنية غرب العراق.
2- جس نبض العراق في موضوع التطبيع مع "اسرائيل" في المدى البعيد.
3- محاولة إدخال عناصر عربية جديدة (إلى جانب السعودية والامارات) تسميها الادارة الامريكية (عناصر كابحة) تحد من ذهاب العراق كليًا باتجاه إيران، وتشوش على تأكيد العراق لتحالفه الاستراتيجي مع سوريا.
- تقدير إسرائيلي: حادثة قتل المعارض السياسي الفلسطيني نزار بنات جاءت في وقت سيء للغاية للسلطة، وسيتعين على السلطة دفع الثمن لكل من الاتحاد الاوروبي ومواجهة إدارة أمريكية ليبرالية تدعم الديمقراطية وحقوق الانسان، وللأمم المتحدة التي ستحافظ على حد أدنى من صورتها كوسيط في الصراع.
- بات مشروع العقوبات الأمريكي وفقًا لقانون الدروع الذي سيستهدف حركة حماس وحزب الله حديث النخبة في واشنطن، التي تعتبر فرض عقوبات وفق ذلك القانون "خطوة مهمة نحو مواجهة الاستخدام المكثف للدروع البشرية ضد الولايات المتحدة وحلفائها". ويتم ربط تطبيق "قانون الدروع" بأسباب تتعلق بالأمن القومي والسياسة الخارجية الأمريكية وفقًا للحجج والاسباب التالية:
1- حماية القوات الأمريكية من الاستخدام الارهابي للدروع البشرية.
2- مواجهة الاعمال غير العادلة ضد كيان الاحتلال.
3- عزل قادة حماس وحزب الله الفرديين.
4- تقويض حماس وحزب الله.
- يؤشر اسقاط الجيش واللجان الشعبية اليمنية لطائرتي استطلاع أمريكيتين ميدانيتين بدون طيار خلال أقل من 48 ساعة في محافظة مأرب حجم وكثافة التورط العملياتيي الامريكي في إدارة الدفاع عن المدينة، لحساسيتها الشديدة والخشية من سقوطها، والتي تدفع الولايات المتحدة بثقلها لعدم تحقيقه. ويبدو أن البريطانيين متورطين بنفس المستوى تقريبًا في منطقة الساحل، بعدما كشفت تقارير عن تولي خبراء بريطانيين إدارة الحرب الالكترونية لبحرية التحالف السعودي، وعن استخدام جنود بريطانيين في الوحدات الخاصة في عمليات بدون بصمة في اليمن.
- يبدو أن استصدار قرار دولي بديل للقرار 2216 قد أصبح في مرحلة المداولات والاتصالات الأخيرة بين الامريكيين وحلفائهم الاقليميين والدوليين، ومن المتوقع أن يبدأ الامريكيون بالإفصاح عنه وترويجه للرأي العام العالمي في وقت قريب.
المصدر: مركز دراسات غرب آسيا