بعد مرور أكثر من شهر على وقف إطلاق النار في قطاع غزة، لم تنته الحرب حتى اليوم بين الفصائل الفلسطينية المقاومة وسلطات الاحتلال، إذ تسيطر حالة من التوتر منذ اليوم الأول على قنوات التفاوض بين الجانبين والتي ترعاها الوساطة المصرية. ويأتي ذلك نتيجة التعنت الإسرائيلي حيال ملف جنوده الأسرى لدى المقاومة الفلسطينية، وربطه بالملف الإنساني داخل القطاع.
ومنذ تسلمها زمام السلطة، تحاول حكومة الاحتلال الجديدة برئاسة نفتالي بينيت تقديم هذا الملف على شكل إنجاز عجزت حكومة نتيناهو السابقة عن تحقيقه، لذلك تناور حكومة بينيت للوصول إلى خاتمة ترضي الإسرائيليين، لكنها حتى اليوم لم تنجح في إحراز أي تقدم نتيجة لتمسك الفلسطينيين الرافض تقديم أي تنازلات فيما يتعلق بقضية الأسرى لديها.
وكانت سلطات الاحتلال قد اشترطت منذ اليوم الأول للمفاوضات "عدم السماح بإعادة إعمار قطاع غزة ورفع حالة الإغلاق الشامل عن القطاع إلّا مقابل تسليم الجنود"، لتتنازل عن ذلك وتطلب معلومات عن أسراها فقط في مقابل المطلبين الفلسطينيين، إلا أن المقاومة بقيت مصرة على موقفها مهددة كيان الاحتلال ببدء نفاذ الوقت.
في هذا الإطار، وردًا على العناد الإسرائيلي، رفعت فصائل المقاومة جهوزيتها عسكريًا كخطوة تحضيرية لأي تصعيد أو مواجهة مع قوات الاحتلال، كما أنها توصلت فيما بينها إلى اتفاق بمنح أيام إضافية للوسطاء الذين أخذوا على عاتقهم التوصل لحل مع الكيان الإسرائيلي خلال اليومين الماضيين، وذلك بناءً على طلب المخابرات المصرية من حركة حماس إعطائها فرصة للهدوء، لترد الأخيرة بأنها "سترد بقوة على أي محاولة اسرائيلية لكسر قواعد الاشتباك".
وكان قائد المنطقة الجنوبية في جيش الاحتلال، أليعازر توليدانو، عمل على تبخيس قيمة ما تقوم به الفصائل المقاومة "أن الفصائل الفلسطينية تحاول إرهاب الاحتلال بالبالونات الحارقة والإرباك الليلي والتظاهرات، إذ لا طائل منها، وإن الفلسطينيين لم يستوعبوا المرّة تلو المرّة أن الجيش سيواصل التصدّي لهم بجزم وصرامة".
في المقابل، وصف قائد حركة حماس في قطاع غزة، يحيى السنوار، الاجتماع بالمنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، تور وينسلاند، "لم يكن إيجابيا بالمطلق"، مضيفًا "إسرائيل ما زالت تستمر في سياساتها ضد الشعب، والأسرى، ولا يوجد بوادر تُشير إلى حل الأزمة الإنسانية بغزة، كما أنها تبتز المقاومة في موضوع التخفيف عن غزة".
وكانت حركة حماس قد أبلغت وينسلاند رفضها لابتزاز كيان الاحتلال وشروطه مستنكرةً التساوق الأممي مع "إسرائيل" المتمثل في عدم ضمها إلى قائمة العار الدولية، وفي بيان لها أعلنت الحركة "سنبقى يداً واحدة في مواجهة الاحتلال والدفاع عن القدس"، كما دعت الشباب الثوري في الضفة الغربية واراضي 48 إلى المزيد من الاشتباك، وحذرت الاحتلال وحلفاؤه "من عدم كسر الحصار عن غزة وشعبنا ومقاومتنا لن يصمتوا".
في سياق متصل، دعت فصائل المقاومة مجتمعةً الشعب الفلسطيني "في الضفة والقدس والداخل المحتل لتصعيد المقاومة"، مؤكدين دعمهم لقضية الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال وخصوصًا المضربين عن الطعام، وشددت الفصائل على أن "المقاومة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام المماطلة والتسويف كما نؤكد على ضرورة وقف الاستفزازات في القدس والشيخ جراح وبطن الهوى". وطالبت الفصائل "المقاومة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام المماطلة والتسويف".
من جهته أعلن مدير المكتب الإعلامي للجان المقاومة، محمد البريم، أن "سرقة انتصار سيف القدس لن تمر، وان الاحتلال يعرض وقف إطلاق النار للانهيار ومقاومتنا جاهزة للمواجهة على امتداد الوطن" لافتًا إلى أن "إعمار غزة سيتم وفقاً لآلية وطنية ولن نسمح للاحتلال بالتدخل في هذا الشأن".
وتجدر الإشارة إلى أن سلطات الاحتلال -بحسب وسائل إعلامية عبرية- وافقت اليوم على أكثر من ثلاثين خطة لبناء مستوطنات إسرائيلية في ما يُعرف بالخط الأخضر بالضفة الغربية المحتلة، وجاءت هذه الموافقة بعد إخلاء قوات الاحتلال لعدة مباني في تجمعات استيطانية قرب رام الله.
الكاتب: غرفة التحرير