في ظل التوتر الذي تشهده المفاوضات بين الكيان الإسرائيلي والفصائل الفلسطينية، تحاول "إسرائيل" كسب ما عجزت عن تحقيقه خلال معركة "سيف القدس"، عن طريق الضغط بملف الأسرى والحصار على قطاع غزة بالإضافة إلى منع وصول المساعدات إلى يد الفصائل المقاومة وخاصة حماس مع علمها بعدم قدرتها على ذلك.
صحيفة هآرتس وفي مقال لها تحت عنوان "عدم تحويل المساعدة لن يُضعف حماس" قالت ان "المال في النهاية سيصل إلى "حماس"، وبطرق غير مباشرة" مؤكدة انه "حتى لو كان هناك شبكة أنابيب للهواء المضغوط التي تنقل الأموال مباشرة إلى منازل المحتاجين من دون أن تمر بيد إنسان، فإن هذه الأموال لن تساعد في تحقيق طلب إسرائيل استعادة الجثمانيْن والأسرى"
وفي تقييمها لهذه الخطوة شدد المحلل السياسي تسفي برئيل -كاتب المقال- على ان "منعُ المساعدة لن يُضعف "حماس" أو يقويها- فعلى الرغم من العقوبات الجهنمية إلّا إن الحركة لا تزال تدير حياة مليونيْ شخص منذ 14 عاماً، ونجحت في أربع حروب مع إسرائيل".
النص مترجم
ينتظر سكان غلاف غزة وعسقلان وأشدود وبئر السبع بفارغ الصبر صيغة الخدعة التي ستُصدرها الحكومة الجديدة. هل سيتم التوصل إلى خدعة كلامية تسمح من جهة بدخول أموال المساعدة إلى غزة، ومن جهة أُخرى لا تعتبرها مساعدة لـ"حماس"؟
محاولة التوصل إلى حل سحري في المحادثات التي جرت في القاهرة في الأسبوع الماضي بين ممثلين إسرائيليين وبين رؤساء الاستخبارات المصرية لم تنجح. تصر "حماس" بشدة على ألّا تكون لأموال المساعدة – نحو 30 مليون دولار شهرياً طوال سنة كمساعدة من قطر- علاقة بمفاوضات إعادة الأسرى وجثمانيْ الجندييْن إلى إسرائيل. الحكومة الإسرائيلية من جهتها قيّدت نفسها بالتعهد أن يكون تحويل المال وإطلاق الأسرى والجثمانيْن رزمة واحدة.
الحائط المسدود أثمر إنذارات وتهديدات من يحيى السنوار. فقد نصح السنوار إسرائيل بالاستعداد لجولة أُخرى من القتال. نظام الدفعات الذي بدأ في سنة 2018 واستمر حتى عملية "حارس الأسوار" وقّعه بنيامين نتنياهو وتعرّض بسببه لانتقادات شديدة، لكن ليس لدى حكومة نفتالي بينت حل أكثر نجاحاً. يجب التوضيح أن هذه الأموال ليست موجهة إلى إعادة إعمار غزة، بل إلى تمويل الأمور اليومية وجزء من الرواتب ومساعدة العائلات المحتاجة. وُلد هذا الترتيب انطلاقاً من الرغبة في التوصل إلى تهدئة المواجهات اليومية على السياج، وفي أعقاب محادثات للتسوية جرت بين إسرائيل ومصر و"حماس". ومن المتوقع أن يؤدي تجدّد هذه المحادثات إلى إطفاء فتيل الانفجار الذي بدأ يشتعل. بالإضافة إلى ذلك تعارض إسرائيل تحويل الأموال إلى غزة بواسطة السلطة الفلسطينية لأنها لا تستطيع منع وصولها في النهاية إلى "حماس". وذلك بعكس توصية رئيس الأركان أفيف كوخافي الذي اقترح أن تقيم السلطة آلية رقابية لتحويل الأموال مباشرة إلى المواطنين.
بذلك يكون كوخافي عارض الموقف السابق لغانتس الذي شرح للمراسلين في وقت سابق أن "الطريق (لمساعدة غزة) هي من خلال بذل الجهد لتعزيز حلف المعتدلين بأكبر قدر ممكن- وإشراك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وتجنيد أكبر عدد من الدول من المحور المعتدل وقطر، والعمل من خلال السلطة بواسطة آليات رقابية". لكن اكتشاف السلطة الفلسطينية من جديد والاستعداد السخي لاعتبارها عامل وساطة لتحويل الأموال، وحتى الإمكانية التي يجري بحثها الآن- نقْل الأموال بواسطة مؤسسات الأمم المتحدة، للتأكد من أنها ستُستخدم في مشاريع إنسانية في القطاع، وعدم وصولها إلى يدي "حماس"- كل ذلك لن يغيّر النتيجة. المال في النهاية سيصل إلى "حماس"، وبطرق غير مباشرة.
الأهم من هذا- حتى لو كان هناك شبكة أنابيب للهواء المضغوط التي تنقل الأموال مباشرة إلى منازل المحتاجين من دون أن تمر بيد إنسان، فإن هذه الأموال لن تساعد في تحقيق طلب إسرائيل استعادة الجثمانيْن والأسرى.
يجب أن تكون فرضية عمل الحكومة والجيش والجمهور الإسرائيلي أن "حماس" ستصر على صفقة أسرى- أسرى فلسطينيين مقابل استعادة الجثمانيْن والأسرى. في هذه الحالة المال ضروري، لكنه ليس كافياً. تحويل الأموال من قطر أو عدم تحويله ليس سياسة، بل هو شعار تستخدمه الحكومة كي تميز نفسها من حكومة نتنياهو، وإظهار صلابتها وعضلاتها، لكن هذا لا يصمد أمام الاختبار إذا أرادت فعلاً تحقيق الهدف المطلوب.
منعُ المساعدة لن يُضعف "حماس" أو يقويها- فعلى الرغم من العقوبات الجهنمية إلّا إن الحركة لا تزال تدير حياة مليونيْ شخص منذ 14 عاماً، ونجحت في أربع حروب مع إسرائيل، وهي العنوان الوحيد للتوصل إلى الهدوء أو إشعال الحدود في الجنوب. إن الطرق الالتفافية التي تحاول إسرائيل شقها من أجل إمساك العصا من طرفيها- تحويل الأموال إلى "حماس" أو عدم تحويلها، إطلاق الأسرى من دون الاستجابة إلى مطالب "حماس"- هو بمثابة ذر الرماد في العيون، وقريباً ستصل في النهاية إلى مواجهة عنيفة- يمكن أن تكلف الحكومة المولودة حديثاً حياتها.
المصدر: هآرتس
الكاتب: تسفي برئيل