الإثنين 11 تشرين ثاني , 2024 05:39

قاذفة بي -52 الأمريكية في منطقة غربي آسيا: السيناريو الفيتنامي قابل للتكرار

طائرة B-52 الأمريكية

في إطار مشاركتها في العدوان الإسرائيلي على دول عديدة في المنطقة، وفي ظل المفاوضات المتواصلة لإيقاف الحروب الهمجية ضد قطاع غزة وجنوب لبنان، قررت وزارة الحرب الأمريكية "البنتاغون" تعزيز وجودها العسكري في منطقة غربي آسيا، بقاذفات استراتيجية من نوع بي-52، علّها بذلك تستطيع الضغط لتحقيق مصالحها ومصالح الكيان المؤقت.

لكن هذه الخطوة، التي تذرّع الأمريكيون بأنها استباقاً لعملية الوعد الصادق 3 الإيرانية المرتقبة، رداً على العدوان الإسرائيلي على الجمهورية الإسلامية في إيران أواخر تشرين الأول / أكتوبر الفائت، لن يكون لها أي تأثير على قرار إيران الحاسم. وهذا ما عبر به  المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، حينما قال بأن التحرك الأمريكي "لن يؤثر على تصميمنا في الدفاع عن أنفسنا".

فما هي أبرز المعلومات حول هذه الطائرات؟

_هي طائرة من فئة القاذفات بعيدة المدى، قادرة على أداء مجموعة متنوعة من المهام، وفقا لمزاعم موقع القوات الجوية الأميركية.  وهي بحوزة هذه القوات الجوية الأمريكية منذ سنة 1955، وقد تم تحديثها مرات عديدة.

_يمكنها تنفيذ مجموعة متنوعة من المهام مثل: الردع النووي، والضربات التقليدية والاستراتيجية (القصف المشبع  - القصف السجادي)، والدعم الجوي القريب، والهجوم البحري، والاستخبارات، والمراقبة، والاستطلاع.

_تستطيع هذه القاذفة الطيران بسرعة دون الصوت على ارتفاعات تصل إلى حوالي 15.2 كم فقط، وهذا ما قد يعرضها بسهولة لنيران منظومات الدفاع الجوي.

_ يبلغ مداها 14200 كيلومتر دون الحاجة إلى التزود بالوقود جواً.

_ميزة هذه الطائرة الوحيدة هي في حمولتها الكبيرة: فهي تستطيع حمل ما يصل إلى 32 ألف كيلوغرام من الأسلحة، بما في ذلك القنابل النووية والصواريخ المجنحة والذخائر الموجهة بدقة والقنابل التقليدية. كما يمكنها حمل الطعوم التي يتم إطلاقها من الجو لتضليل الدفاعات الجوية، وأجهزة الحرب الإلكترونية لتعزيز قدرتها على البقاء.

لكن الطائرة B-52 ليست أكثر من منصة لحمل الذخائر باهظة التكلفة (تبلغ كلفة انتاج الواحدة منها 564 مليون دولار أمريكي تقريباً). فسواء كانت تحمل قنابل أو صواريخ أو ألغاماً، تقليدية أو نووية، فإن القاذفة لا تعدو كونها نظاماً لنقل الذخائر، وعليه فإنها ليست مدمرة كما يصفها البعض.

_ تفتقر هذه القاذفة إلى قدرات التخفي المتطورة التي تمتلكها العديد من القاذفات والمقاتلات الأمريكية الحديثة، ولكنها تحتوي على أجهزة استهداف متقدمة، وأجهزة استشعار بصرية كهربائية، ونظام الأشعة تحت الحمراء الأمامي الذي يساعد في تحسين قدرتها على القتل، وحماية طاقمها المكون من 5 أفراد بشكل أفضل من التهديدات.

_ بحسب مقال نشره موقع "ديفينس نيوز" العسكري المتخصص، فإن القوات الجوية الأمريكية تكافح من أجل إبقاء هذه القاذفات تعمل، مع مرور أكثر من 6 عقود على خدمتها. لان محركاتها الأصلية التي تعود إلى ستينيات القرن العشرين، ولا تزال تجد طرقاً "جديدة ومبتكرة" للتعطل، على حد تعبير أحد قادة قيادة الضربات العالمية للقوات الجويةن خاصةً في ظل مخزونات قطع الغيار محدودة، وتقلّص القاعدة الصناعية اللازمة لإصلاح المكونات المكسورة أو تصنيع مكونات جديدة.

_في 22 تشرين الثاني / نوفمبر 1972، أصيبت طائرة B-52D بصاروخ أرض-جو أثناء تنفيذها غارة فوق فينه في فيتنام. واضطر الطاقم إلى التخلي عن الطائرة المتضررة فوق تايلاند. وكانت هذه أول طائرة B-52 تُدمر بنيران معادية. أما بشكل إجمالي، فقد خسرت أمريكا 31 طائرة من طراز بي-52، بما في ذلك عشر طائرات أسقطت فوق شمال فيتنام.

كيف تستطيع إيران العمل ضد قاذفة بي-52 عسكرياً؟

نظرًا لقدرات بي-52، ستحتاج إيران – فيما لو لم تكن في مهمة استعراض للقوة فقط - إلى دفاع متعدد الطبقات لمواجهتها بشكل فعال. ويمكن أن تشمل استراتيجيات إيران النقاط التالية:

1)أنظمة رادار وتحذير مبكر محسنة:

استثمرت إيران في تحسين أنظمة الرادار الخاصة بها للكشف عن التهديدات بعيدة المدى. في حين يمكن لطائرة بي-52 العمل على ارتفاعات عالية وحمل أسلحة بعيدة المدى، إلا أنها تمتلك مقطعاً رادارياً كبيراً مقارنة بالطائرات الشبحية. ويمكن لشبكة الرادار الإيرانية، التي تتضمن أنظمة محلية الصنع مثل رادار الإنذار المبكر "غدير" (القادر على اكتشاف الأهداف على مسافة 1100 كيلومتر)، اكتشاف قاذفات بي-52 وتتبعها من مسافة بعيدة، مما يمنح إيران المزيد من الوقت لإعداد التدابير المضادة.

بالإضافة إلى ذلك، أنشأت القوات المسلحة الإيرانية سلسلة من أنظمة الدفاع الجوي المتكاملة (IADS) التي تتقاسم بيانات الهدف عبر مواقع متعددة. وتغطي هذه الرادارات مجموعة من الترددات والارتفاعات، بهدف مراقبة وتتبع الطائرات القادمة مثل B-52، وخاصة أثناء حملة جوية مطولة (وهو ما يمكن حصوله في أسوأ السيناريوهات وهي الحرب الكبرى).

2)أنظمة الصواريخ أرض-جو (SAM):

تمتلك إيران أنظمة صواريخ أرض-جو مختلفة ومتطورة، مثل Bavar-373 المطورة محليا (والمماثلة لـ S-300 الروسية)، وهي التي ستلعب دورًا حاسمًا في محاولة الاشتباك مع B-52. فهذه المنظومة يبلغ مداها المقدر حوالي 300 كيلومتر، وبالتالي بإمكانها تحدي القاذفات القديمة غير الشبحية مثل B-52.

3) الحرب الإلكترونية والتشويش:

منذ سنوات، حققت إيران إنجازات مهمة على صعيد تعزيز قدراتها في مجال الحرب الإلكترونية، التي قد تلعب دورًا أساسيًا في تعطيل أو إرباك أجهزة الاستشعار وأنظمة الاتصالات في القاذفة B-52. وهنا لا بد الإشارة الى حصول حالات مختلفة، أظهرت فيها وحدات الحرب الإلكترونية الإيرانية قدرتها على التشويش أو التدخل في الإشارات الإلكترونية المختلفة، مع الطائرات بدون طيار والطائرات الأصغر حجما الأمريكية. كما يمكن لهذه الوحدات التشويش على رادار القاذفة B-52 أو تعطيل الأسلحة الموجهة بالرادار التي قد تنشرها. وإذا نجحت إيران في ذلك، فإن هذا سيجبر القاذفة على العمل على مدى أو ارتفاع أقل فعالية. كما يمكن أن تساعد قدرات الحرب الإلكترونية على تعطيل الاتصالات بين B-52 ومراكز القيادة والتحكم الأمريكية.

4)الاعتراض باستخدام الطائرات المقاتلة:

من الناحية النظرية، يمكن لإيران من خلال استخدام سلاحها الجوي المكون من طائرات مثل MiG-29 و F-14 Tomcat ومقاتلات F-4 Phantom II المطورة محليًا، لاعتراض قاذفة B-52 إذا دخلت المجال الجوي للبلاد.

5)الحرب غير المتكافئة: صليات مكثفة للصواريخ وأسراب الطائرات بدون طيار

يمكن لصليات الصواريخ وأسراب والطائرات بدون طيار الانقضاضية، أن تهدد مهام B-52 بشكل غير مباشر من خلال استهداف القواعد والقطع البحرية أو طائرات التزود بالوقود أو أنظمة الرادار التي تدعم عمليات القاذفات.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور