بالدماء والدمار والنار، حاول كيان الاحتلال تجهيز الارضية لوصول المبعوث الاميركي إلى لبنان الذي أتى حاملاً "وصفة اسرائيلية" ما كانت المقاومة لتقبل بها ولو كان جيش الاحتلال قد وصل إلى بيروت، فكيف الحال ولم يستطع بعد أن يتقدم ويبقى في نقطة ما في قرى الجنوب الحدودية. تدرك الولايات المتحدة هذه الحقيقة، وهذا ما أبلغه وزير الخارجية الاميركي لإسرائيل "للاستفادة من اغتيال السنوار للتوصل لوقف إطلاق النار". لم تمارس واشنطن ضغوطاً يمكن التعويل عليها لوقف الحرب، ولا تعول المقاومة على ذلك أيضاً. ولعل ما أعلنه مسؤول العلاقات الاعلامية في حزب الله بأن "ما لا يأخذ بالنار لا يأخذ بالسياسة" هو الكلمة الفصل للمرحلة القادمة.
يستعجل الاسرائيليون وحلفائهم، من الأميركيين وبعض السياسيين في الداخل اللبناني قطف ثمار الحملة العسكرية الاخيرة التي شنتها طائرات الاحتلال على الجنوب والبقاع وجمعية القرض الحسن وغيرها. حتى أن عاموس هوكشتاين، امتلك جرأة طرح ما أتى إليه، أي ابلاغ بيروت مخطط "اليوم التالي" الذي يقوم على احتفاظ اسرائيل بتنفيذ عمليات عسكرية ضد "اهداف لحزب الله" متى شاءت، وهندسة منطقة عازلة على الحدود اللبنانية الفلسطينية المحتلة بعمق 3 كيلومتر، وغيرها من الشروط التي لا تقتصر فقط على رغبة في تعديل قرار 1701 واضافة بنود جديدة لصالح كيان الاحتلال بل خلق مسار جديد يجعل من لبنان دويلة تابعة لا مستقلة.
على المقلب الآخر، عرض أنتوني بلينكن طرحاً يراه مناسباً لاستغلال "فرصة اغتيال رئيس المجلس السياسي لحركة حماس الشهيد يحيى السنوار" للتوصل لصفقة يطلق بموجبها الاسرى وتوقف الحرب بعد أن تسيطر قوات دولية على محور فلاديلفيا. وهذا ما وصفه مراقبون على أنه رغبة في التوصل لوقف اطلاق نار مشترك، على الرغم من ان الارضية ليست مهيأة بعد.
هذه الضجة الاعلامية التي أتت على وقع الاجرام الاسرائيلي المتواصل، الذي استهدف مدنيين وبنى تحتية مدنية على طول الاراضي اللبنانية بهدف الضغط على المقاومة، لخص مفاعيلها وتأثيراتها مسؤول العلاقات الاعلامية في حزب الله الحاج محمد عفيف بقوله أن منظومة الإمرة والسيطرة في المقاومة تعمل على أكفأ وجه، وخطوط الدعم العسكري واللوجستي عادت إلى ما كانت عليه، ويوجد من المقاتلين الأكفاء تفوق حاجة الجبهة وطبيعة المناورة القتالية في الميدان". وقطع الطريق على كل المعولين بالمستعجلين على "ارث الحزب".
وخلال مؤتمر صحفي في منطقة الغبيري في الضاحية الجنوبية لبيروت أعلن عفيف عن مسؤولية الحزب الكاملة والتامة والحصرية عن استهداف منزل رئيس حكومة الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، متوعّداً إياه بالقول: "إن عيون مجاهدي المقاومة ترى وآذانهم تسمع، فإن لم تصل إليك أيدينا في هذه المرّة، فإنّ بيننا وبينك الأيام والليالي والميدان". في إشارة إلى ان العمليات التي تؤلم الكيان كاستهداف قيسارية وبنيامينا وتل أبيب قد تصبح روتيناً يومياً بحسب ظروف العمليات الميدانية.
فيما رد على المساعي الدبلوماسية لوقف إطلاق النار، بأن الأفكار التي طرحها هوكشتين "لم تكن سوى استطلاع أولي بالنار لموقف المقاومة على وقع المجازر والدماء". مؤكداً رفض الحزب لمثل هذه الاستراتيجيات ومشدداً على أن الولايات المتحدة "شريك كامل الشراكة في العدوان على لبنان وشعبه وهي من تمد في عمر العدوان والمسؤولة الأولى عن المجازر البشعة التي تطاول شعبنا، ولن يغيّر وصول موفدها إلى بيروت من القول إنّ أميركا هي أم الإرهاب".
من ناحية أخرى، عرج عفيف على عدد من النقاط كانت قد أثارت جدلاً واسعاً، مشيراً إلى أن المقاومة كانت خلال الأيام الماضية قريبة من أسر جنود للعدو، مؤكداً أنه "لن يطول الوقت حتى يكون لدينا أسرى من جنود العدو (...) وعندها وبعد الحرب ستكون هناك مفاوضات غير مباشرة لاستعادة أسرانا، ذلك أننا قوم لا نترك أسرانا في السجون".