غدا الجمعة تشهد الجمهورية الاسلامية بايران انتخابات (الرئاسة) المبكرة بعد استشهاد الرئيس الراحل رئيسي بحادث الطائرة. الدستور الايراني يقر بانه تجري انتخابات رئاسية في حال شغر منصب الرئيس لسبب او لأخر بعد (55) يوما. لم تحضر الجدلية ولا المشاكسات والخلافات (المعهودة) في اغلب دول العالم، حين تكون هناك حادثة لمسؤول او قائد او غيرها، بل سرعان ما حضر الدستور وحضرت معه كل القيم الدستورية والقانونية والاخلاقية والدينية في الاعلان عن موعد الانتخابات وفقا للموعد الذي ثبته الدستور بعد (55) يوماً.
ان اختيار رئيس جمهورية في ايران ليس بامر بسيط، انما يخضع لاجراءات دقيقة حيث وفقا للدستور الإيراني، يُعد رئيس الجمهورية ثاني أعلى منصب رسمي في البلاد، بعد المرشد الأعلى، ويتولى رئاسة السلطة التنفيذية، ما عدا القضايا التي تتعلق بالمرشد مباشرة. فالرئيس بايران هو ذلك الكفوء الذي يستطيع ان يواجه التحديات الداخلية والخارجية بروح اسلامية واليات مبدعة دون المساس بجوهر ومباديء الثورة الاسلامية. صحيح ان هناك ملاحظات بشأن بعض الرؤوساء الذين تسنموا منصب الرئاسة ولكن حين تقرأها بشكل (مسؤول) تجد انها في دائرة التكليف ،فمثلا حين اجرت حكومة السيد حسن روحاني ومعه وزير خارجيته سلسلة معقدة من المفاوضات فقد نجح السيد حسن روحاني وفريقه المفاوض من التوصل الى اتفاق (5+1) وفقا لمباديء الثورة وبنجاح شهدت له الاعداء قبل الاصدقاء، وراحت اقلام الكتاب والباحثين تكتب وتبحث وتعلن عن فن جديد لمنهج التفاوض الاسلامي مع الاخر وسر نجاحه، لكن الذي نقض الاتفاقية هم الاميركان انفسهم وجرجروا معهم دول الغرب حتى (دون رضا) من اغلبهم. حين تطالع فريق التفاوض الحكومي الايراني مع دول (5+1) تجد انه فريق تم اختياره بمهنية عالية حيث اغلبهم من خريجي الجامعات الغربية وبشهادات اكاديمية عالية وخبرة فالرئيس حسن روحاني (محامٍ في الشريعة الإسلامية وأكاديمي ودبلوماسي سابق ورجل دين إسلامي، وحاصل على شهادة الدكتوراه من جامعة غلاسكو) اما المناصب التي شغلها فهي كثيرة ومهمة.
بعد ان نقضت امريكا الاتفاق النووي في عهد الرئيس الاميركي السابق ترامب عام 2018 واصدار عقوبات صارمة بحق ايران، استطاعت القيادة الايرانية ان تمتص وقع العقوبات واثرها التي راهنت عليها امريكا، والتي واحدة منها منع دخول الادوية حيث رفعت همة الشعب ومؤسسات الدولة والحرس الثوري لتتم مواجهة العقوبات بانتاج محلي، وخلال اربع سنوات فقط، تم انتاج (99%) من الادوية داخل ايران والتصدير لــ (55) دولة!
على الرغم من تدني نسبة المشاركة في الانتخابات الفائتة الا ان مجيء الراحل الشهيد ابراهيم رئيسي كان عنوانا مهمة للمرحلة حيث ادارت حكومته الواجهة الى الشرق واستطاعت الدبلوماسية الايرانية ان تنفتح على محيطها الاقليمي وتسجل نجاحات متميزة شهد لها الجميع بدء من الجيران وصولا الى اسيا الوسطى ثم الهند ودول الخليج والعراق، ناهيك عن عمله الدؤوب بالداخل.. ان حكومة الراحل رئيسي اسست لمشروعين في الداخل بنهضة صناعية وزراعية والطاقة والخارج بما يسمى الدبلوماسية الناعمة، ومن لم يشارك بانتخابات رئيسي فقد شارك بتشييع جنازته لتكون الاولى لرئيس دولة بالعالم.
اذن المرحلة بايران هي التي تنتج فرسانها وجميعهم هم ابناء الثورة المؤمنين برسالتها وعقيدتها. في هذه الانتخابات الرئاسية التي ستجري يوم غد (الجمعة) من الصعب ان تفرق بين مرشح واخر فـ (السيفي) لكل منهم يصعب سرده وايراده لطوله وسعة المهمات التي اوكلت لكل منهم حتى انني وانا اطالع حياة المرشح مسعود بزشكيان الذي نشرت مؤسسة "استطلاع الشعب" التابعة لمركز دراسات البرلمان الإيراني، يوم الأربعاء، تفوقه على باقي المرشحين، واقل ما اقول عنه (ذلك المجاهد الزاهد المثقف الموضوعي في كلامه وتطلعاته المحب للفقراء، وطبيب القلب الذي لم يفتح عيادة بل اكتفى بعمله بالمستشفى، تزوج وهو مازال طالبا في كلية الطب وانجب اربعة ابناء من زوجته الطالبة والتي توفيت اثناء الدراسة، ولم يتزوج عليها بعد ذلك وفاء لها) وحين اصبح وزيرا للصحة كان مثالا للطبيب المتواضع.. والحديث عنه طويل، ولا نبخس حق المرشحين الاخرين فهم اعلام الثورة الاسلامية وبناتها، التحديات التي تواجه ايران كثيرة، وهي تحت نظر جميع المرشحين والمسوولين فحين تسلم الراحل رئيسي منصب الرئاسة قالوا (كيف لرجل القضاء الذي لم يتسلم منصبا تنفيذيا ان يدير رئاسة الجمهورية؟ لكن الراحل رئيسي اعتبر الرئيس الاكثر نجاحا ولم يفشل باي ملف عمل به.
هذه هي ايران، لذا لا تجد اهتماما كبيرا من قبل العالم بانتخاباتها وذلك لانهم يعلمون ان هذا البلد، ليس في انتخاباته سواء الرئاسية او غيرها (جدلية) لانها انتخابات من صناعة العقل الاسلامي المضيء ومن قيادات وشعب خبر التجارب وواجه التحديات فخرج منها قويا معافى وستستمر الثورة في عطائها.