قبل بدء الغزو الاسرائيلي لقطاع غزة، كانت التقديرات الاسرائيلية بأن اقتصاد الكيان قادر على تحمل تبعات الحرب والصمود. لكن موجة التفاؤل هذه سرعان ما اصطدمت بأزمة حقيقية مع بدء المستثمرين ببيع الأصول الاسرائيلية. حيث انخفض مؤشر الأسهم الرئيسي في تل أبيب بنسبة 11٪ من حيث العملة المحلية منذ 7 أكتوبر، في حين انخفض الشيكل إلى أضعف مستوياته منذ عام 2012.
لا تأتي الأزمات على إسرائيل فرادى. فبعد الضربة التي تلقتها القطاعات الاقتصادية على أنواعها، أعلن صندوق الثروة النرويجي، أحد أكبر الهيئات الاستثمارية في العالم من حيث حجم الأصول، أنه "يعيد النظر في استثماراته في عدد من الشركات العالمية والإسرائيلية التي تزود تل أبيب بالسلاح المُستخدم في حربها على قطاع غزة". ووفقاً للصندوق الذي يقدر رأسماله بـ1.6 تريليون دولار، فإن قراره بالمراجعة التي أعلن عنها مطلع هذا الأسبوع، تأتي على خلفية الانتهاكات المحتملة للوائحه الأخلاقية. ويقول رئيس لجنة الأخلاقيات في الصندوق، سفين ريتشارد برانتساغ، إن سبب إعادة النظر في هذا التوقيت هو "خطورة الانتهاكات التي نراها".
ويتعرض الصندوق إلى ضغوطات متزايدة من نقابات ومنظمات دولية مؤيدة لوقف الحرب الاسرائيلية على القطاع، مطالبين بوقف العلاقات التجارية والاقتصادية مع إسرائيل، أو على الأقل وقف التعاون مع الشركات التي تدعم الكيان عسكرياً وتزيد من قدراته التي يستخدمها في ارتكاب الابادة الجماعية في قطاع غزة. ويدعم هؤلاء مطالباتهم بحقيقة أن الصندوق ليس بحاجة ملحة لتلك لاستثمارات، حيث يتجاوز حجمه 1.7 تريليون دولار، وتوزع استثمارات بين 72 دولة، بينما لا يبلغ حجم الاستثمار في الكيان سوى 1.5 مليار دولار.
من ناحية أخرى، أظهرت بيانات البنك المركزي الإسرائيلي أن الاقتصاد تباطأ في نيسان/ أبريل/ الماضي عقب هزة عنيفة أواخر عام 2023 وشن الحرب على قطاع غزة.
وأظهر بيان للبنك المركزي أنه "بعد 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي انكمش الاقتصاد الإسرائيلي بما يعادل 21.7% على أساس سنوي في الربع الأخير من العام الماضي".
ويعد قطاعا التكنولوجيا والسياحة من بين القطاعات الأكثر تأثراَ أيضاً. حيث تراجع الاستثمار في القطاع الأول بنحو 30% منذ اندلاع الحرب، حسب ما يؤكد معهد الأبحاث رايدز إسرائيل، والذي وصف هذا التراجع بأنه مثير للقلق، ودعا إلى "تفعيل حالة الطوارئ".
ووفقاً لبيانات مكتب الإحصاء المركزي، فقد سجل انخفاض حاد وملحوظ في عدد السياح، وسجلت ضربة للقطاع السياحي في الكيان. اذ انخفض عدد الوافدين إلى إسرائيل أكثر من 40%.
تنعكس كل هذه الأزمات مباشرة على المسنتوطنين الذي ضاقوا ذرعاً بواقعهم الذي يعيشونه خلال الحرب والتي لا أفق قريب لنهايتها. فبالاضافة إلى اضطرار عدد كبير من ترك المنازل والأعمال، لا يوجد مستوطن في الكيان يستطيع التعايش مع الارتفاع المستمر للأسعار والناتج عن التضخم المتزايد.
صحيفة يديعوت أحرنوت بدورها، قالت ان "الحكومة الإسرائيلية نفسها، بتقاعسها في مجال زيادة الأسعار، هي في الواقع قائدة دوامة التضخم، وهي التي تعطي بتقاعسها الشرعية للمستوردين والمصانع لركوب طريق زيادة الأسعار وحتى زيادة سرعتها نحو التضخم السنوي الذي سيقترب من 4% مرة أخرى في الشهرين المقبلين، أي ضعف نقطة الوسط للهدف الذي حددته الحكومة في قانون الموازنة لعام 2024 بأكمله (1% إلى 3%).
وقال التقرير أن "هذا يعني أنه في حين أن المواطنين سيدفعون أكثر بكثير مقابل السلع والخدمات، فإنهم سيدفعون أيضاً المزيد من الضرائب ويتلقون خدمات أقل". مشيرة إلى أنه "سيتم تسجيل فشل آخر باسم الحكومة الإسرائيلية وهو الفشل الاقتصادي الحاد بعد فشلها في عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها حركة في 7 أكتوبر".
الكاتب: غرفة التحرير