الإثنين 11 آذار , 2024 04:07

الجولاني يهرب من المحتجّين ضده بتسويق الأوهام!!

ظاهرات إدلب ضد الجولاني

حراك مستمر منذ أكثر من 3 أسابيع في محافظة أدلب شمالي سوريا، ضد هيئة تحرير الشام الإرهابية (جبهة النصرة سابقاً) وضد قائدها أبو محمد الجولاني وضد حكومته المُسماة "الإنقاذ"، يؤكّد حقيقة لن يستطيع أحد الهروب منها ولو بعد حين، وهي بأن كل أصحاب المشاريع التقسيمية المدعومة خارجياً في سوريا، لن يستطيعوا تحقيق أهدافهم والاستقرار في تسلّطهم، مهما بلغ بطشهم وتحكّمهم الأمني والعسكري بمناطق سيطرتهم.

وعليه فإن القدر المحسوم لأي شخص أو فئة أو مجموعة، ممن لديهم طموحات ومشاريع سياسية وطنية (وليست مشاريع أمريكية)، هو بالعودة الى المسار المطروح منذ العام 2011، أي الحوار مع الحكومة، تحت سقف الدولة الجامعة لكل الأطياف والمكونات.

وبالعودة الى الحراك الشعبي ضد الجولاني وهيئته، فمنذ أقل من شهر، يستمر الحراك الشعبي الحاشد في مناطق سيطرتهم، تحت مطالب واضحة: إسقاط الجولاني وحلّ "مجلس الشورى" وتشكيل مجلس من كافة أعيان ووجهاء المنطقة ليست له صلة بأي طرف عسكري، وحلّ ما يعرف بجهاز الأمن وإحالة قادته للتحقيق بعد مقتل معتقلين لديه تحت التعذيب في القضية التي تُعرف بـ"ملف العملاء لروسيا ونظام الأسد والتحالف الدولي"(ملف صراع داخلي بين أجنحة الهيئة)، وتحسين الأوضاع الاقتصادية (بعد أن حاول الجولاني ومن معه طوال الفترة السابقة الإيحاء بأن منطقة سيطرتهم تعمّ بالاستقرارين الأمني والاقتصادي)، والمطالبة بالإفراج عن معتقلي الرأي. وقد شملت التظاهرات عدداً من المناطق سيطرة الجولاني في ريفي حلب وإدلب، لكنها تركّزت في مدينة إدلب التي تعدّ معقل الهيئة الأبرز، وكذلك في العديد من بلدات ريفي إدلب وحلب.

وقد فسّر هذا الحراك الشعبي من قبل بعض الخبراء والمتابعين، بأنه نتيجة طبيعية للتراكمات التي حصلت خلال السنوات السابقة:

1)فشل الحرب الكونية على سوريا في إسقاط الدولة ورأسها المتمثل بالرئيس بشار الأسد، رغم كل ما تم استثماره مادياً وبشرياً، وعليه بات هناك فئات تعيش في مناطق سيطرة الجماعات الإرهابية تُدرك بأن لا أفق سياسي ولا حتى عسكري يُمكن حصوله كما سوّق لهم، من مشاريع تقسيم وحكم ذاتي وغيره.

2)تقلّص اهتمام المجتمع الدولي وفي مقدمته الولايات المتحدة الأمريكية، بالملف السوري وقضاياه، مع بروز أولويات استراتيجية تتعلق بالكيان المؤقت، والصراع والتنافس الاستراتيجي مع روسيا والصين وإيران في ساحات أخرى.

3)انتشار الفقر وغلاء المعيشة على المستوى الشعبي، بمقابل تمتّع قادة المجموعات الإرهابية بمستوى معيشي وامتيازات أفضل منهم بكثير، وفشل هؤلاء "القادة" في تطبيق أي مما وعدوا به.

محاولة الجولاني للاحتواء

في المقابل وبعد أسبوعين من بدء التظاهرات ضده، خرج الجولاني الخميس الماضي، بتصريحات حاول من خلالها احتواء الموقف، خلال لقاء مع "وجهاء ونخب" من المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيمه، متصنّعاً الجانب الديمقراطي في شخصيته (مع الإشارة الى أنه تعمّد القفز فوق مطلب تنحيته الذي جاء في مقدمة مطالب المحتجّين عليه)، عندما قال بأن واجب أي سلطة الاستماع إلى مطالب الناس وتنفيذ المحقّ منها (أي ما يعني بأنه سيقبل بتنفيذ ما يكون محقاً في معياره). وحاول الجولاني الادعاء بأن المحتجّين يطالبون بـ"حالة مثالية"، فيما هم فعلاً يطالبون بأقل ما يمكن لسلطة أمر واقع تحقيقه. مقدّماً مشروعاً وهمياً جديداً عبر الإعلان عن "هدف أساسي"، هو "تحرير سوريا بشكل كامل"، المشروط بتحقق "الوحدة الداخلية".

ولكي تمتص هيئته حركات الاحتجاج العارمة وتداعياتها الخطيرة، أفرجت عن نحو 500 شخص من القيادات والعناصر المتهّمين وفق ملف "العملاء"، فيما أبقت على معتقلي الرأي داخل سجونها، ولم يشملهم "العفو المزعوم". مع العلم بأن الإفراج عن المتهمين الـ 500، كشف حجم التعذيب والتنكيل الكبيرين الذي لم يستثنِ قادة بارزين في الهيئة (انتزاع اعترافات كاذبة منهم تحت التعذيب الشديد)، فماذا سيكون عليه حال معارضي الهيئة؟!


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور