كيف يمكن أن يؤثر جلاء القوات الأميركية من العراق على توجهات السياسة والاقتصاد على الصعيد الوطني، وما هي الفرص المحتملة المتعلّقة بالانسحاب؟ يقيّم هذا المقال ويستكشف الفرص المحتملة للانسحاب الأميركي من العراق، وانعكاس ذلك على مصلحة العراق الوطنية داخليًا وخارجيًا، مع التركيز على الأمن والاستقرار الذي يطمح إليه الشعب العراقي.
الفرص المحتملة
بعد جلاء التحالف العسكري من العراق، هناك عدة فرص محتملة أمام البلاد، ومع ذلك، يجب الالتفات إلى أن تحقيق هذه الفرص يتطلب تعاوناً وجهوداً مشتركة من قبل الحكومة العراقية والشعب العراقي. كما يتطلب ذلك التغلب على التحديات المستمرة مثل الفساد والتوترات السياسية والأمنية. فما هي هذه الفرص:
- استعادة السيادة الكاملة: سيحقق العراق سيادته الكاملة بعد الجلاء وسيسيطر على مفاصل شؤونه الداخلية بشكل أكبر مع تخلّصه من النفوذ الأمريكي السامّ.
- إعادة إعمار البنية التحتية: بعد سنوات من الاحتلال الأمريكي للعراق والحرب مع داعش، يحتاج العراق إلى إعادة بناء وتطوير البنية التحتية المتضررة.
- تنمية القطاع الاقتصادي: يتمتع العراق بموارد طبيعية غنية مثل النفط والغاز الطبيعي. يمكن للعراق استغلال هذه الموارد بشكل فعّال، وتنويع قطاعات الاقتصاد الأخرى مثل الزراعة والصناعة والسياحة. بالإضافة إلى تعزيز الدور الجيو-اقتصادي للعراق عبر استثمار موقعه الجغرافي، بوصفه منطقة ربط بين الخليج وآسيا وأوروبا لتحقيق عوائد سياسية واقتصادية تعزز مكانته الإقليمية.
- تعزيز الاستقرار السياسي والأمني: تحقيق الاستقرار السياسي والأمني يعد أساسياً لتحقيق التنمية والاستقرار في العراق.
- تعزيز التعاون الإقليمي والدولي: تعزيز الدور العراقي في مواجهة التحديات المشتركة، مثل مكافحة الإرهاب والتطرف، وتعزيز الأمن والتبادل التجاري، والاستثمار سيعزز التعاون الإقليمي.
- تعزيز القطاع الزراعي: يمكن لجلاء التحالف أن يساهم في تطوير القطاع الزراعي في العراق من خلال تقديم الدعم التقني والمالي للمزارعين وتعزيز البنية التحتية الزراعية.
- تعزيز السياحة والتجارة: سترتفع فرص تطوير القطاع السياحي لا سيما الدينية منها مع جلاء القوات من خلال تعزيز الأمن والاستقرار، وتحسين البنية التحتية السياحية وتسهيل العمليات التجارية.
- تطوير القدرات العسكرية: يمكن للعراق أن يركز على تطوير قدراته العسكرية الخاصة، بما في ذلك تدريب الجيش وتجهيزه بالتكنولوجيا الحديثة، مما يساعد في حماية البلاد، ومواجهة أي تهديدات أمنية محتملة دون مساعدة أي قوات أجنبية.
- تحييد تهديد الإرهاب: بانسحاب القوات الأمريكية من العراق، تفقد أمريكا دعائم السيطرة الميدانية، وعناصر قوة التواجد الفعلي، وما يلحقه من إدارة فاعلة للأدوات، وقدرة أكبر على الاختراقات الداخلية في العراق، وإنشاء التحالفات مع جهات عراقية، مما يتيح للعراق استخدام التفوق الجغرافي، في محاربة أدوات أميركا كداعش، ويعيطها قدرة أكبر على التحرك العسكري وإلحاق الهزيمة بالتنظيم الإرهابي.
المصلحة الوطنية
بعد دارسة الفرصة المحتملة جراء جلاء التحالف بقيادة الولايات المتحدّة من العراق، يمكننا القول إن قضية الجلاء تنعكس بشكل مباشر ومهم على المصلحة الوطنية العراقية.
الجوانب الأساسية التي ستعزز المصلحة الوطنية للعراق بعد جلاء التحالف هي:
- استعادة السيادة الوطنية: جلاء التحالف يسمح للعراق بالتحكم الكامل في شؤونه الداخلية واتخاذ القرارات المستقلة بشأن المسائل السياسية والأمنية.
- إعادة بناء الثقة في الدولة: بعد سنوات من الاحتلال والصراع، يمكن لجلاء التحالف أن يساهم في إعادة بناء الثقة بين الحكومة العراقية والشعب العراقي. من خلال استعادة السيادة وتحقيق الاستقلالية، بالإضافة إلى إظهار الحكومة التزامها بخدمة المصلحة الوطنية وتلبية احتياجات الشعب.
- تعزيز الاستقلالية السياسية والاقتصادية: جلاء التحالف يمنح العراق فرصة لتحقيق الاستقلالية السياسية والاقتصادية. يمكن للعراق أن يتخذ القرارات السياسية والاقتصادية وفقًا لمصالحه الوطنية، دون تدخل خارجي.
- القدرة على إعادة بناء البلد: فرصة لتكثيف الجهود والقدرات لإعادة بناء البنية التحتية وتعزيز الخدمات العامة والحياة الاقتصادية والاجتماعية.
- تعزيز الوحدة الوطنية: إن جلاء التحالف يمكن أن يساهم في تعزيز الوحدة الوطنية في العراق، ودون وجود مستعمر أجنبي، يمكن للعراقيين أن يعملوا سوياً لبناء مستقبل قوي ومزدهر للبلاد، مع الحفاظ على تنوعهم الثقافي والديني.
عوامل النهوض متوفرة في العراق، للتطلع إلى دولة قادرة ومقتدرة، لها مكانتها وريادتها في المنطقة. مع التأكيد على أن تحقيق المصلحة الوطنية العراقية يتطلب تضافر الجهود وتعاون جميع الأطراف السياسية والاجتماعية في العراق، كذلك يتطلب إرادة حقيقية لتحقيق التوافق والمصالحة الوطنية، والعمل على تجاوز الانقسامات السياسية والطائفية والعرقية.