يبدو أن الإدارة الأمريكية الحالية، تتخبط في سياساتها تجاه منطقة غرب آسيا خلال معركة طوفان غزة، وهذا ما يظهر بشكل واضح، بعد عدوانها الأخير على العراق، واغتيالها للقائد في مؤسسة الحشد الشعبي أبو باقر الساعدي مساء الأربعاء الماضي.
وقد تمت عملية الاغتيال بواسطة مسيّرة استهدفت سيارة الشهيد الساعدي، في منطقة المشتل شمال شرقي العاصمة العراقية بغداد، تحت زعم أمريكي بأنه قائد كبير في كتائب حزب الله، وأنه أحد المسؤولين عن عملية المقاومة الإسلامية العراقية دعماً وإسناداً للشعب والمقاومة الفلسطينيين، ضد قاعدة البرج 22 التابعة لها، والتي سقط على إثرها 3 جنود أمريكيين قتلى.
فما هي أبرز المعلومات المتداولة حول الشهيد القائد الساعدي؟
_ اسمه وسام محمد صابر الساعدي (ويلقب بأبو باقر ديالى)، وهو قيادي استشاري في الحشد الشعبي وكتائب حزب الله.
_من مواليد العام 1974، وتزعم مصادر أمريكية بأنه كان مسؤولاً عن الطائرات المسيرة ومنظومة الصواريخ في الكتائب، وأنه كان يتولى أيضاً مسؤولية الدعم اللوجستي ونقل الأسلحة والعمليات بالخارج وتحديدا في سوريا.
كما زعمت واشنطن بأنه مسؤول عن التخطيط وتنفيذ هجمات ضد القوات الأميركية بما فيها الهجوم استهدف قاعدتها في منطقة الركبان بالأراضي الأردنية.
_ زعم معهد واشنطن الأمريكي التابع للوبي الصهيوني في أمريكا، بأن القائد أبو باقر الساعدي تولى إدارة خلية قامت باستهداف دولة الإمارات في العام 2021. كما ادعى المعهد بأن الساعدي كان حارساً شخصياً موثوقاً به لـ"مؤسس كتائب حزب الله وقوات الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس المدرج على قائمة الإرهاب الأمريكية"، وأنه كان من الأشخاص القلائل الذين سمح لهم بالدخول إلى الغرفة خلال اجتماعات الشهيد القائد أبو مهدي المهندس مع المسؤولين قوة القدس التابعة لحرس الثورة الإسلامية في إيران، كما سمح له بحمل السلاح حتى بحضور كبار القادة مثل الشهيد القائد الفريق قاسم سليماني.
ومن الأمور التي أوردها هذا المعهد بأن الشهيد الساعدي تولى في العام 2019 قيادة مديرية أمن الحشد الشعبي في منطقة الرصافة بالعاصمة بغداد.
_توعدت فصائل المقاومة العراقية بالرد على اغتياله، وقد أشار الأمين العام لكتائب سيد الشهداء أبو الولاء الولائي إلى أن المقاومة الإسلامية في العراق هي وليّة الدم (في إشارة إلى أن الفصائل مجتمعة وليس كتائب حزب الله فقط هم من سينتقمون له).
وفي نفس السياق، أعلنت حركة النجباء لأن الرد على القصف الذي استهدف الشهيد الساعدي سيكون مركّزا، ولن يمر دون عقاب. فيما قال الأمين العام لعصائب أهل الحق الشيخ قيس الخزعلي بأن على العراق تقديم طلب رسمي لمجلس الأمن للمطالبة بانسحاب فوري للقوات الأجنبية. مضيفاً بأن الاعتداءات الأميركية لم تتوقف رغم خطوات الحكومة والتزام فصائل المقاومة بالتهدئة.
_ أعلن مسؤول أميركي أن بلاده لم تخطر الدولة العراقية بالضربة إلا بعد وقت قصير من وقوعها، مبيناً أن الإخطار بالضربة مسبقًا لم يكن من الممكن تقديمه بسبب ما وصفه بـ "مخاوف أمنية"، مضيفا بأن هذه الضربة كانت مخططة منذ اللحظة التي أمر فيها الرئيس جو بايدن الجيش الأمريكي بمراجعة خيارات الرد بعد الهجوم على الأردن.
وهذا ما يزيد من فداحة اعتداء قوات الاحتلال الأمريكي على السيادة العراقية أكثر فأكثر، كونها موجودة في البلاد بصفة استشارية حصراً (وليس وجوداً قتالياً بما يخالف ما اتفق عليه الرئيس الأمريكي بايدن مع رئيس الحكومة العراقي الأسبق مصطفى الكاظمي)، وعليها أخذ الأذن قبل القيام بأي نشاط عسكري. وعليه فإن على حكومة الرئيس محمد شياع السوداني اتخاذ موقفاً حاسماً تجاه هذه الاعتداءات المتكررة، وليس الاكتفاء بتصريحات الناطق العسكري للقوات المسلحة العراقية اللواء يحيى رسول، وإلا فإن من حق المقاومة الإسلامية بما فيها كتائب حزب الله، القيام بما تراه مناسباً من خطوات رادعة وحازمة.
ولا بد الإشارة إلى أن اللواء رسول قد ندد بعملية الاغتيال، واصفاً إياها بالعدوان الواضح والخرق للسيادة العراقية، مهدداً من أن هذا المسار يدفع الحكومة العراقية إلى إنهاء مهمة التحالف الدولي الذي تحول إلى عامل عدم استقرار للبلد. ومبيناً بأن القوات الأميركية تكرر بشكل "غير مسؤول" ارتكاب كل ما يقوض التفاهمات والحوار الثنائي بين البلدين، وأنها لا تكترث لحياة المدنيين ولا للقوانين الدولية، وهي بذلك تهدد السلم الأهلي، وتخرق السيادة العراقية، وتستخف وتجازف بحياة الناس.