لأهداف انتخابية داخلية أمريكية بحتة، بدأت القوات الأمريكية ردّها على عملية المقاومة الإسلامية في العراق ضد قاعدة البرج 22 في الأردن، والتي أدّت الى سقوط ثلاث قتلى أمريكيين وأكثر من 40 مصاب.
عملية الرد الأمريكية هذه في العراق وسوريا، وبعكس مزاعم واشنطن، لم تستهدف أي قاعدة أو موقع إيراني رسمي (خاصةً تابع لقوة القدس في حرس الثورة الإسلامية)، بل نُفذت ضد جهة عسكرية عراقية رسمية (الحشد الشعبي الذي ارتقى له 16 شهيداً و25 مصاباً جراء العدوان الأمريكي الذي استهدف منطقتي العكاشات والقائم بمحافظة الأنبار)، وضد قوى ومجموعات وفصائل تنتمي الى محور المقاومة تتمركز في منطقتي الميادين والبوكمال السوريتين، وهي التي تتصدى لفلول تنظيم داعش الوهابي الإرهابي، الذين ينشطون في منطقة البادية تحت رعاية ودعم أمريكيين. وبالتالي تحاول إدارة بايدن تظهير عملية قصفها على أنه استهداف مباشر لحرس الثورة الإسلامية، لكي توحي للداخل الأمريكي وخاصةً أولئك التابعين لمعسكر الرئيس الأسبق دونالد ترامب ولمعسكر المحافظين الجدد والجمهوريين، بقوة وصلابة رئيسهم جو بايدن.
تفاصيل العملية الأمريكية
وبالعودة الى تفاصيل العملية، فقد أعلن منسق مجلس الأمن القومي الأمريكي للاتصالات الاستراتيجية في البيت الأبيض جون كيربي في تصريح له، بأن العملية تمت عبر طائرات عديدة، بما في ذلك قاذفات B-1 أرسلت من الولايات المتحدة، وأطلقت أكثر من 125 ذخيرة موجهة بدقة ضد 85 هدف في سوريا والعراق، على مدار حوالي 30 دقيقة. أما البنتاغون فادعى بأن من بين الأهداف مراكز القيادة والسيطرة ومراكز مخابرات ومنشآت تخزين الصواريخ والطائرات بدون طيار التي "تستخدمها الميليشيات ورعاتها الإيرانيون".
لكن الخطير هو ما كشفته صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، عن مشاركة طائرات أردنية في عملية القصف (كشف خبراء بأنها طائرات من طراز F-16)، مضيفةً بأن دور الأردن جاء ليُظهر التضامن مع أمريكا. وهذا ما قد يُلحق بالنظام الملكي الأردني تبعات خطيرة جداً عليه، لأنه شارك في جريمة قصف أمريكا لدولتين عربيتين، ارتقى على إثره شهداء وجرحى مدنيين وعسكريين.
تعليق مصدر أمني في المركز الاستشاري الإيراني بسوريا
وتعليقاً على العدوان الأمريكي، قال مصدر أمني في المركز الاستشاري الإيراني بسوريا لوكالة يونيوز: "إنّ الاعتداء يشكل انتهاكاً صارخاً للسيادة العراقية والسيادة السورية وعدواناً صريحاً ضد أراضي الدولتين وهو جريمة نكراء تستوجب الشجب والادانة والرد عليه وشكل الرد ستقرره القوى الحية وفصائل المقاومة". مضيفاً بأنه "ندين الاعتداء الأميركي ونستنكره ونرفض الأباطيل التي يستند إليها". مؤكداً بأن "هذا الاعتداء سيكون له تداعيات وخيمة على وضعية القوات الاميركية في المنطقة وأنه سيجلب المزيد من ردات الفعل على السلوك العدواني الاميركي -الصهيوني وأنّ شعبي البلدين وحكومتيهما لم ولن يقبلا أي احتلال او اعتداء على أراضيهما". مشيراً إلى أن هذا "الاستهداف يؤكد ان الاحتلال الاميركي في كلا البلدين يعمل لمصالحه الامنية ولمصلحة الكيان الصهيوني وأنه قوة إحتلال حقيقية يجب ان تخرج من المنطقة مهما كان الثمن لأنها سبب في ضرب الاستقرار الإقليمي وخلق الفوضى.
وكشف المصدر الأمني بأن "قرار المقاومة الإسلامية في العراق بمواجهة الاحتلال الاميركي نصرة لفلسطين لدعمه الكيان الصهيوني سيستمر دون شك وبوتيرة أعلى لأن أسبابه قائمة وهذه الضربة لن تثني المقاومين عن منازلة العدو في كل الساحات". مبيناً بأن استهداف "منشآت في سوريا والعراق لفصائل مقاومة كان لها تاريخ مشرف في مواجهة الارهاب التكفيري يؤكد وحدة الحال والصف بين الارهاب الأميركي والتكفيري. وأنّ هذه الفصائل التي دافعت عن العراق وعن سوريا يعنيها أيضاً الدفاع عن الشعب الفلسطيني المظلوم مهما غلت التضحيات.
أمّا بالنسبة للمزاعم الأمريكية حول قصفها أهداف تابعة للجمهورية الإسلامية، فقد أكّد المصدر بأنه "ليس لقوات حرس الثورة الإسلامية وقوة القدس أيّة مراكز او قواعد أو ثكنات أو منشآت تعود اليها في سوريا والعراق والادعاء الاميركي كاذب ومضلل وهذا أمر بات معروفا والاجراءات الوقائية المتخذة والمنفذة من قبل فصائل المقاومة في العراق وسوريا أفشلت النتائج المرجوة والخسائر المتوقعة من الاعتداءات". خاتماً بأن "استمرار الادارة الاميركية في هذه السلسلة من الاعتداءات ولأسباب سياسية وأمنية معروفة سوف ينقلب على المخططين لها وسيكون لها تداعيات على مستقبل القوات الاميركية في غرب آسيا وستزيد من كراهية الشعوب لهذه الادارة ويرفع مستوى مقاومتها وسيحملها كامل المسؤولية عن الارتكابات وعن جر المنطقة إلى ما لا تحمد عقباه".
وبالفعل بعد ساعات من العدوان، نفذت المقاومة الإسلامية في العراقية عدّة عمليات برشقات صاروخية وعبر الطائرات المسيرة ضد أهداف أمريكية:
1)استهداف قاعدة التنف عند المثلث الحدودي بين الأردن والعراق وسوريا.
2)قاعدة القرية الخضراء بريف محافظة دير الزور الشمالي الشرقي.
3)قاعدة "حرير" في اربيل شمالي العراق.
وهذا ما قد يشير إلى أن استقبال بايدن اليوم، لجثامين القتلى الأمريكيين في الأردن، لن يكون الأخير، خاصةً إذا ما استمر العدوان الأمريكي في المنطقة، والذي يهدف الى دعم استمرار العدوان الأمريكي الإسرائيلي على قطاع غزة.
#بالفيديو
— alkhanadeq (@alkhanadeq_) February 3, 2024
مشاهد من إطلاق المقاومة الاسلامية في العراق لطائرة مسيّرة بإتجاه قاعدة " حرير " الأميريكية في اربيل شمال العراق#العراق #أميركا #الخنادق pic.twitter.com/AzIsPKepAF
إدانة سورية وعراقية رسمية
وقد لقي العدوان الأمريكي إدانة الدولتين المستهدفتين به. بحيث وصفته وزارة الدفاع السورية في بيانها بالعدوان الجوي السافر، الذي كشفت بأنه أدى إلى استشهاد عدد من المدنيين والعسكريين وإصابة آخرين بجروح وإلحاق أضرار كبيرة بالممتلكات العامة والخاصة. مشيرةً إلى أن المنطقة التي استهدفتها الهجمات الأمريكية شرقي سورية هي ذاتها المنطقة التي يحارب فيها الجيش العربي السوري بقايا تنظيم داعش الإرهابي. وأن هذا ما يؤكد بأن الولايات المتحدة وقواتها العسكرية متورطة ومتحالفة مع هذا التنظيم، وتعمل لإعادة إحيائه ذراعاً ميدانياً لها سواء في سورية والعراق بكل الوسائل القذرة. مؤكّدة على أن "عدوان قوات الاحتلال الأمريكي فجر اليوم ليس له مبرر سوى محاولة إضعاف قدرة الجيش العربي السوري وحلفائه في مجال محاربة الإرهاب. لكن الجيش الذي استطاع أن يهزم مختلف التنظيمات الإرهابية على مدى سنين مضت سيستمر بثباته ومبدأه في الدفاع عن سورية أرضاً وشعباً وضرب جميع التنظيمات مهما حاول رعاتها وداعموها إعاقة هذا الهدف". مشددّة على أن "احتلال القوات الأمريكية لأجزاء من الأراضي السورية لا يمكن أن يستمر وتؤكد القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة استمرارها في حربها ضد الإرهاب حتى القضاء عليه وعزمها على تحرير كامل الأراضي السورية من كل إرهاب واحتلال".
أما على صعيد الدولة العراقية، فقد أصدر الناطق باسم الحكومة باسم العوادي بياناً وصف فيه العملية الأمريكية بالعدوان الجديد على سيادة العراق. متهماً الجانب الأمريكي بتعمّد "التدليس وتزييف الحقائق، عبر الإعلان عن تنسيق مُسبق لارتكاب هذا العدوان، وهو ادعاء كاذب يستهدف تضليل الرأي العام الدولي، والتنصل عن المسؤولية القانونية لهذه الجريمة المرفوضة وفقاً لجميع السنن والشرائع الدولية". وأشار العوادي الى أن "هذه الضربة العدوانية، ستضع الأمن في العراق والمنطقة على حافة الهاوية، كما أنها تتعارض وجهود ترسيخ الاستقرار المطلوب". مجدّداً تأكيد حكومته بأن "وجود التحالف الدولي الذي خرج عن المهام الموكلة إليه والتفويض الممنوح له، صار سبباً لتهديد الأمن والاستقرار في العراق ومبررا لإقحام العراق في الصراعات الإقليمية والدولية".
الكاتب: غرفة التحرير