شكّل اليوم الثامن بعد المئة من معركة طوفان الاقصى يوماً أليماً وصعباً على جيش الاحتلال الإسرائيلي وقواته المنتشرة في قطاع غزة، حيث سجل اليوم المذكور أعلى رقم لعدد قتلى الجيش منذ بداية المناورة البرية. فوصل عدد القتلى الى 24 خلال 24 ساعة، بينهم 21 خلال عملية نوعية جنوب شرق مخيم المغازي. وعلى الرغم من ضبابية العملية، إلا ان الرواية الإسرائيلية لم تختلف عن الرواية الفلسطينية فيما يتعلق بالأسباب والنتائج.
تبنى هرتسي هاليفي رئيس هيئة الأركان رواية أولية تفيد بأن قوات من لواء الاحتياط ٢٦١ التابع لفرقة غزة تقدم من موقع كيسوفيم الى مخيم المغازي وسط قطاع غزة بهدف تفجير مباني تقع في الحزام الأمني، وبينما تنتشر القوات داخل المبنى قبيل تفجيره، خرجت خلية تابعة لحماس من أحد الانفاق واستهدفت دبابة الميركافا التي كانت تساند قوات المشاة، ما ادى الى تضرر المباني المفخخة التي سرعان ما انفجرت وأدت الى مقتل وإصابة عشرات الجنود.
اما فيما يتعلق بالرواية الفلسطينية، فذكرت كتائب القسام ان مجموعة فلسطينية نفذت عملية مرّكبة جنوب شرق مخيم المغازي، حيث قامت باستهداف منزل تحصنت فيه قوة إسرائيلية بقذيفة مضادة للأفراد ما أدّى لانفجار الذخائر والعتاد الهندسي الذي كان بحوزة القوّة ونسف المنزل بشكل كامل عليها. بالتوازي دمرت المجموعة دبابة ميركافا كانت تؤمّن القوة بقذيفة "الياسين 105" كما قاموا بتفجير حقل ألغام بقوة أخرى كانت تتواجد بنفس المكان مما أدى لإيقاعهم جميعاً بين قتيل وجريح. وأكدت القسام أن المجموعة عادت الى مقرها بسلام بعد إتمام العملية.
هذه العملية النوعية بكلتا الروايتين تثبت أن المقاومة في قطاع غزة لا تزال صامدة وقادرة على المناورة بحرية داخل المناطق التي سيطر عليها جيش الاحتلال، كذلك فإنها تعتبر رسالة واضحة للمستويين السياسي والعسكري الإسرائيليين بأن المرحلة الثالثة والتي أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهـو انها ستستمر لستة أشهر ستكون مرحلة استنزاف مكلفة حيث ان قواته ستكون فريسة لكمائن المقاومة الفلسطينية. وقد تركت هذه العملية تأثيرها الواضح على خطط جيش الاحتلال لقطاع غزة، الذي ينوي مواصلة تفجير الأحياء السكنية القريبة من الحدود مع الغلاف، وذلك في إطار الخطة التي تقضي بتدمير المباني، ضمن الحزام الأمني الذي يخطط الجيش الإسرائيلي للبقاء فيه بعد انتهاء الحرب.
وقد شبّهت مصادر في المقاومة عملية المغازي بعملية استهداف مقر الحاكم العسكري الاسرائيلي في صور جنوب لبنان والتي أسفرت عن مقتل أكثر من مئة ضابط وجندي إسرائيلي وجرح مئتين، وقالت إن النتائج متشابهة والآلية متشابهة، وأضافت ان الخط البياني التصاعدي للمهارة والكفاءة للمقاومة الفلسطينية يقابله خط تراجعي في كفاءة وأداء الجيش الإسرائيلي وهذا يعني ان إصرار قيادته على مواصلة العمليات العسكرية سوف يتسبب بكارثة له يصعب احتواؤها، ويبدو أن حدوثها بات قريباً خصوصاً مع تراجع دور ألوية النخبة لصالح ألوية الاحتياط.
وبدا واضحاً أن العملية النوعية التي أطلق عليها قادة اسرائيل "بالكارثة" و"التراجيديا" شكّلت صدمة للشارع الإسرائيلي ولأهالي الجنود الإسرائيليين وخصوصا ان القتلى من جنود الاحتياط، وهذا ما دفع رئيس الكيان ووزراء حكومة الحرب ورؤساء الأحزاب الإسرائيلية للخروج بتصريحات ناعمة بهدف التعاطف مع المجتمع المذهول وتهدئته.
المصدر: نقلاً عن موقع الخنادق العبري