بعد ساعات من وصول السفينة البريطانية "إتش إم إس ريتشموند" إلى البحر الأحمر، نفّذت القوات المسلحة اليمنيّة "أكبر هجوم" لها بحسب توصيف البيانات الأميركية الغربية. وفيما أعلن اليمن مسؤوليته عن استهداف سفينة أمريكية، تلمح الولايات المتحدة إلى جانب بريطانيا بأنها قد تقوم بعمل عسكري ضد صنعاء. هذا المشهد الذي خرج عن إطار الصورة النمطيّة للمواجهة والتي بدأت تتسع مع مرور الوقت تضع واشنطن أمام خيارات صعبة، تدفع بمستوى الانقسام السياسي الأميركي الإسرائيلي إلى أعلى مستوى مرتقب.
أعلن المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة اليمنية، العميد يحيى سريع في بيان أن "القوات البحرية والقوة الصاروخية وسلاح الجو المسير نفذت عمليةً عسكرية مشتركة بعدد كبير من الصواريخ البالستية والبحرية والطائرات المسيرة استهدفت سفينة أمريكية كانت تقدم الدعم للكيان الصهيوني". مؤكداً على أن العملية جاءت "كردٍ أولي على الاعتداء الغادر الذي تعرضت له قواتنا البحرية من قبل قوات العدو الأمريكي".
تنذر هذه العملية بمرحلة جديدة. اذ أن المهمة الأميركية بعدم توسيع الحرب إلى جبهات أخرى وحصر المواجهات تحت سقف محدد باتت أكثر صعوبة مع تجاوز المأزق القائم على استهداف السفن التي تبحر تجاه كيان الاحتلال إلى مأزق تورط عسكري مباشر للقوات الأميركية والتي وضعت بين خيارين: تجاهل الضربة وبالتالي تلاشي الردع المزعوم، أو الرد العسكري وسيقابله رد عسكري آخر أيضاً وما من أحد يجزم بامتلاكه قدرة على كبح التصعيد.
يرتكز الرد على العملية والتي على ما يبدو لن تكون يتيمة مع إصرار واشنطن بتقديم الدعم لكيان الاحتلال وهو السبب الرئيسي وراء استهداف السفينة، على عدد من الخيارات. وتشير صحيفة فورين أفيرز في هذا الصدد أنه من "المرجح أن يكون لتصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، كما فعلت إدارة ترامب لفترة وجيزة في عام 2020، تأثير ضئيل". مضيفة "يخضع قادتهم منذ فترة طويلة للعقوبات الأمريكية، ولا شك أنهم سيستخدمون التصنيف ببساطة كدليل إضافي على قدرتهم على النهوض من الخصوم الأقوياء. لكن تصنيف المنظمات الإرهابية الأجنبية سيجعل بالتأكيد إيصال المساعدات الإنسانية إلى اليمن أكثر صعوبة".
من جهة أخرى، فإن تصنيف حركة أنصار الله على لائحة الإرهاب، سيجعل من انهاء الحرب مع التحالف بقيادة السعودية أمراً صعباً، كذلك مواصلة المفاوضات التي كانت قد أحرزت تقدماً لافتاً خلال الأشهر الماضية. وبالتالي، فإن مثل هذا القرار قد يعيد الأمور إلى مربع الصفر ويزيد الأمر تعقيداً.
وتعتبر ألكسندرا ستارك باحثة سياسات مشاركة في مؤسسة راند الأميركية، أن "النهج الذي يجمع بين الدبلوماسية والردع هو الطريقة الأقل سوءاً بالنسبة للولايات المتحدة للتعامل مع هذه المشكلة المستعصية على المدى القريب. هناك القليل من الشهية الدولية للرد العسكري. حتى السعودية، تدعو واشنطن الآن إلى ضبط النفس".
في حين اعتبر اللجوء إلى الميليشيات التابعة للامارات في الداخل اليمني أحد الأوراق التي من الممكن ان تلجأ إليها واشنطن لتشتيت المجهود الحربي لصنعاء. وهذا الخيار الذي أثبت فشله طيلة سنوات الحرب، يعبر عن نية الإدارة الأميركية باللجوء إلى أساليب ملتوية حرصاً على عدم تدخلها العسكري المباشر ومنعاً للتصعيد. وفي الوقت الذي سعت لتوريط بعض الدول العربية للوقوف بوجه اليمن، تقول ستارك "شئنا أم أبينا، ربط الحوثيون عدوانهم بالعمليات الإسرائيلية في غزة وكسبوا الدعم المحلي والإقليمي للقيام بذلك... الولايات المتحدة لديها خيارات سيئة بسبب مقارباتها الفاشلة تجاه اليمن على مدى السنوات ال 20 الماضية. يجب على واشنطن ألا تكرر أخطائها. وقد أظهرت عقود من الخبرة، حتى الآن، أن الجهود العسكرية لطرد الحوثيين من غير المرجح أن تكون فعالة".
من جهته أوضح الناطق باسم حركة أنصار الله، محمد عبد السلام في بيان أن "القرار 2722 يمثل وصمة عار تاريخية لمجلس دولي يُعنى كما يدعي بحماية الأمن والسلم الدوليين". مشيراً إلى ان "تخلي العالم عن حماية الشعب الفلسطيني بل والانحياز الدولي إلى جانب المحتل الصهيوني هو الذي دفع القوات المسلحة اليمنية للقيام بما تقوم به من عمليات في البحر الأحمر بهدف لفت أنظار العالم إلى وجوب اضطلاعه بمسئوليته بالضغط على كيان الاحتلال الصهيوني لوقف جرائم الإبادة الوحشية ضد أهالي غزة".
الكاتب: غرفة التحرير