في 7 أكتوبر، سقطت إسرائيل في حفرة عميقة، لا يوجد معدل للخسارة أو الضرر أو الثمن الذي ستأخذه الحرب منا على المدى القصير والبعيد. منذ ذلك اليوم ونحن نقف في الحفرة ونطرح أسئلة كثيرة: متى سقطنا، لماذا سقطنا، أين العدو الذي أسقطنا وكيف سنقضي عليه؟ كل هذه أسئلة مهمة، لكنها تجعلنا نطرح السؤال المهم حقاً: كيف نخرج من الحفرة؟
الخروج من الحفرة يعني إعادة المخطوفين، واستعادة المستوطنات المدمرة والإحساس بالأمان لسكان الجنوب والشمال، وإطلاق سراح الاحتياط إلى منازلهم ومحاولة إنهاء الحرب، هذا ليس تحدياً بسيطاً، فهو يتطلب الديناميكية وريادة الأعمال والتفكير خارج الصندوق، وقبل كل شيء الشجاعة، وهي صفات موجودة في الإسرائيليين من جميع أطياف والتي يا للأسف، غير موجودة في الحكومة الحالية.
كان دينيس هيلي وزيراً للدفاع في بريطانيا في الستينيات، لقد قدّم للعالم نصيحة قصيرة وفعالة لإدارة الأزمات "عندما تكون في حفرة، توقف عن الحفر". من المؤسف أن المسؤولين عن الحرب في إسرائيل لا يستمعون إلى دينيس هيلي. ومنذ ثلاثة أشهر ونحن نسمع أخباراً عن تدمير حماس، وهزيمة حماس، والقضاء على حماس. لسوء الحظ، فهي لا تعكس الواقع. من الناحية العسكرية المجردة، هناك إنجازات باهرة في التنسيق بين السلاح واستخدام القوة، لكن هناك مسافة كبيرة بينهما وبين القضاء على حماس، لقد خلق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو توقعات بأنه لا توجد طريقة لتحقيقها، وبالتالي حكم علينا بحرب لا نهاية لها.
وحتى الهدف الأكثر تواضعاً، وهو تفكيك حماس، يتطلب تعديل التوقعات، إن أي نفق يتم اكتشافه وتفجيره في قطاع غزة هو خبر جيد، لكن تفجير النفق لا يدمر كل القدرات العسكرية.
وفي الأسابيع الثلاثة الماضية، لم تغير الحرب الواقع، التي تكلفنا حياة المقاتلين، ويزيد من خطر وقوع كارثة إنسانية ستكون إسرائيل مسؤولة عنها، ويضر بإسرائيل في العالم، ولا يُقرّبنا من النصر غير الموجود. وحتى لو تم القضاء على يحيى السنوار أو محمد الضيف أو كليهما، فإن نتائج الحرب لن تتغير، سيتم إيجاد بدائل لكليهما.
إن عواقب ضربة السابع من تشرين الأول/أكتوبر تتطلب إعادة التفكير ليس فقط فيما يتعلق بحماس وحزب الله والسلطة الفلسطينية. بل تتطلب إعادة التفكير أيضاً فيما يتعلق بإيران، وهنا يبدأ الفشل الكبير. كما هو الحال في الصفقات السرية، في عهد آيات الله، أصبحت إيران عدوًا متعدد الجوانب وتهديدًا وجوديًا، إسرائيل تعرف كيف تلدغ الإيرانيين بعمليات سرية، الا ان هذه التصرفات لا تبطئ تقدمها نحو القنبلة النووية ولا تمنعها من ضربنا من البحر الأحمر إلى المطلة، ربما حان الوقت للاعتراف بالفشل وتجربة سياسة مختلفة.
إن الصفقة التي قد تعرضها حماس صعبة الهضم، الشرط الذي وضعه السنوار لإطلاق سراح المختطفين ليس فقط الوقف الكامل للحرب وإطلاق سراح آلاف الإرهابيين من السجون، بل أيضًا استمرار حكمه في قطاع غزة. بالنسبة لإسرائيل، هذه هزيمة لا توصف، هزيمة كاملة.
إنه أمر فظيع؟ نعم، إنه أمر فظيع. فهل من الصحيح قبوله؟ ربما يكون الأمر كذلك، لأن الفشل له ثمن؛ لأن موت المختطفين في أسر حماس سيكون وصمة عار لا تمحى على ضمير المجتمع الإسرائيلي، وعلى تماسكه؛ لأننا لسنا مستعدين حالياً لفتح جبهة في الشمال؛ لأننا نعتمد على أمريكا. يجب تأجيل الحساب مع حماس حتى اللحظة التي ينتهك فيها السنوار الاتفاق الذي سيتم التوصل إليه. حتى ذلك الوقت، نأمل أن يكون الجيش الإسرائيلي جاهزا.