أثار اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، الشهيد صالح العاروري في بيروت ردود فعل عديدة في الكيان الإسرائيلي، عبر تصريحات صريحة وأخرى ضمنية ومن دون تبنٍ رسمي (لا تتبنى عادةً إسرائيل هذا النوع من العمليات خارج الأراضي الفلسطينية المحتلة)، ودخلت "إسرائيل" على إثر فعلتها في حالة تأهب قصوى على جميع الجبهات، وفي جميع أنحاء البلاد تخوفاً من إمكانية رد قوي من قبل حزب الله، حيث لا يستبعد المستوى السياسي أن يتم قصف العمق الإسرائيلي بصواريخ طويلة المدى، كما طال الاستنفار ضباط الشرطة الإسرائيلية، وأُصدرت تعليمات لهم بأن يكونوا على أهبة الاستعداد للانتشار والمشاركة في حماية الجبهة الداخلية من أي هجمات مسلحة، ورشقات صاروخية محتملة، في إطار الترقب لرد انتقامي بحسب تقارير إعلامية إسرائيلية. هذا وبقي الكابينت في حالة انعقاد دائمة في مقر وزارة الأمن في تل أبيب، بمشاركة قادة رئاسة أركان الجيش، والأجهزة الأمنية والعسكرية وقادة الأجهزة الاستخباراتية.
لا إعلان رسمي
لم تعلن "إسرائيل" حتى الآن مسؤوليتها الرسمية عن عملية الاغتيال، وقد أصدر مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، تعليماته إلى الوزراء بعدم إجراء مقابلات وعدم التعليق على العملية. في هذا السياق قال مارك ريجيف مستشار رئيس الوزراء "إن إسرائيل غير مسؤولة عن الهجوم". وأضاف في إشارة إلى الفاعل الذي نفذ جريمته على الأراضي اللبنانية "أياً كان الفاعل فإنه ينبغي توضيح أنه لم يكن هجوم على دولة لبنان".
لم يعلّق أيضاً مكتب نتنياهو على عملية الاغتيال. وأمر سكرتير الحكومة، الوزراء بعدم التحدث أو إجراء مقابلات حول الحادث، كما أمرت المتحدثة باسم الليكود أعضاء الكنيست في الحزب بعدم إجراء مقابلات دون موافقة مسبقة خلال الـ 24 ساعة المقبلة أو حتى إشعار آخر.
بحثاً عن إنجاز
في الوقت ذاته، وفي مؤشر على اعتراف الحكومة الإسرائيلية ضمنياً بالوقوف وراء عملية الاغتيال، وسعياً منها لتجيير جرائمها كإنجازات داخل الكيان الإسرائيلي، تسابق أعضاء في الحكومة وأحزاب الائتلاف بالتفاخر بعملية الاغتيال، بحثاً عن صورة تحقيق انجاز أمام جمهورهم، في ظل الفشل في تحقيق أهداف الحرب على غزة كالقضاء على حماس وتحرير الأسرى بالإضافة إلى غرق جيش الاحتلال في وحول غزة الميدانية نتيجة التصدّي البطولي لكتائب القسام وفصائل المقاومة في مواجهة التوغّل البري.
في هذا السياق، كتب عضو الكنيست عن حزب الليكود الحاكم، داني دانون، تغريدة على منصة "إكس" أعلن من خلالها صراحةً مسؤولية إسرائيل عن اغتيال العاروري. حيث غرّد قائلاُ "أهنئ الجيش الإسرائيلي، الشاباك، الموساد وقوات الأمن على اغتيال المسؤول الكبير في حماس صلاح العاروري في بيروت. على كل من شارك في مجزرة 7 أكتوبر أن يعلم أننا سنصل إليهم وسنحاسبهم".
في حين بدت عضو الكنيست عن تحالف "الصهيونية الدينية"، ميخال فالديجر، أكثر وضوحاً حيال مسؤولية إسرائيل عن عملية اغتيال العاروري، وقالت في تغريدة لها: "لقد تلقى الجيش الإسرائيلي وقوات الأمن أمراً، ولم يرتاحوا للحظة واحدة. كل الملعونين سيكون مصيرهم الموت، إسرائيل لا تنسى". وسبق ذلك، رد وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، وكتب في تغريدة: "نعم، كل أعدائكم يا إسرائيل سيهلكون"، فيما كتب وزير "الشتات" عميحاي شكلي، في تغريدة: "سألاحق أعدائي وأقضي عليهم ولن أعود حتى يقضوا جميعا". وغرد عضو الكنيست عن الليكود بوعز بسموت، المقرب من نتنياهو، على منصة "إكس"، قائلاً: إن "أعمال الظلم لن تمر دون عقاب، القائمة طويلة، لكننا سنحاسب جميع قادة حماس".
لا يستبعد الكيان المؤقت أنه سيدفع ثمناً غالياً، فهو يستعد لرد واسع بالصواريخ من الشمال، وكذلك من غزة، فبحسب ما ورد في القناة 11 العبرية: يُسمع همس في أروقة المستويات العليا السياسية والعسكرية تصريحات مفادها أن الشخص الذي أمر باغتيال العاروري أخذ في الاعتبار أنه سيكون هناك رد قاسٍ، وكان مستعداً لكل الاحتمالات، منها رد فعل ذكي ومحدود أو حرب شاملة.
الكاتب: حسين شكرون