استطاع الغرب أن يراكم معرفة فلسفية وثقافية منذ ظهور الفلسفة اليونانية، بالإضافة إلى نتاج تجريبي، مرت فيه الشعوب الغربية في سياق تجارب دينية وعقدية ومعرفية مريرة، إضافة إلى عوامل أسست النظام الغربي القانوني والحقوقي. ومع امتلاك مقومات القوة والاكتفاء الذاتي والتفوق العلمي والتكنولوجي والصناعي، والنزعة الاستعمارية والاستحواذية على الثروات، اندفع الغرب لعولمة قيمه ومعارفه ونظامه الحقوقي والقانوني، من موقع المقتدر القوي. هذا التأثير بات اليوم يهدد بكل الوسائل، خاصة الإعلامية منها، لاستلاب الهوية العربية والإسلامية.
وعليه نستفيد من كتاب تحت عنوان "الهوية والاستلاب: الإنسان والاغتراب الجديد"، للكاتبة إيمان شمس الدين، التي تتحدث فيه عن عدم مصداقية وازدواجية المعايير الغربية فيما يتعلق بحقوق الإنسان. حيث تطرق الكتاب لموضوع الحرية ودور العقيدة والاعتقاد في توجيه مفهوم الحرية ورسم دلالاته وتطبيقاته، كذلك لموضوع الحرية والفردانية في السياق الغربي والعربي والإسلامي.
يتحدث الكتاب في فصله الثالث عن فضاء الحقوق: المصداقية وازدواجية المعايير ويوضح أن "هناك فرقاً بين عالمية حقوق الإنسان وبين مدى شرعيتها، لكن أصل البحث في شرعية هذه الحقوق قد يعود منشؤه إلى التداعيات التاريخية السابقة على الإعلان والتي أدت إلى نشأته من جهة، وإلى مدى مصداقية تطبيق هذه الحقوق على جميع البشر، وعدم توظيف هذا الإعلان لمصالح شعوب ودول على حساب شعوب ودول أخرى، وهو ما أثار تساؤلات كثيرة وجدليات حول هذا الإعلان من جهة، وحول أصل موضوع حقوق الإنسان وجذوره الشرعية واللاهوتية".
نضع بين أيديكم الفصل الثالث من الكتاب.
الكاتب: غرفة التحرير