الواضح أنّ إدارة بايدن تحاول إقناع إسرائيل في التفكير في عواقب الاجتياح البري على الجهود المبذولة لإطلاق سراح 230 رهينة، والأهم منع الحرب الإقليمية، ناهيك عن التقديرات بأن العملية لن تحقق أهدافها، على الرغم من أنّ التكتيكات التي يستخدمها العدوّ اليوم هي تكتيكات متطورة عن تلك التي استخدمها سابقًا لدى محاولات غزو غزة.
ومما يبدو من المعركة مدعومًا بأحاديث الضباط الإسرائيليين للصحافة، يعرف الإسرائيليون أنه لن يكون لهم أن يذهبوا إلى وسط غزة على الفور، بل هناك ضغط من الأطراف المحيطة ببطء. يستخدمون فيه التفوق في قوة النيران للقيام بذلك ببطء، ثم يتم التوقف حين يشعرون أنه يجب التوقف، ويستخدمون القوات الجوية والبحرية والمدفعية وغيرها مما تيسّر لديهم. وهم يتجنبون إرسال كل قواتهم في وقت واحد لتجنّب الخسائر الإسرائيلية الفادحة. العجيب أن هؤلاء يعتبرون أن لديهم الوقت الذي يحتاجونه مهما طال، حيث قال مسؤولون عسكريون اسرائيليون أن العملية قد تستغرق عامًا، على الرغم من أنّ اقتصاد الاحتلال قد بدأ بالصراخ بسبب توقف الحياة الطبيعية في أرجاء فلسطين المحتلة.
في المقابل، قال مسؤولون كبار في إدارة بايدن إنّهم قلقون من أن إسرائيل تفتقر إلى أهداف عسكرية قابلة للتحقيق في غزة، وأن الجيش الإسرائيلي ليس مستعدا بعد لشن غزو بري بخطة يمكن أن تنجح. فالمسألة ليست فقط مسألة خسائر، وأنهم بحاجة إلى إعداد ساحة المعركة من حيث جمع المعلومات الاستخبارية، وهم قلقون حدّ الرعب من صعوبة هذه البيئة الحصرية. خاصة أنّ حماس راسخة بعمق تحت الأرض في الأنفاق، وهذه البيئة صعبة للغاية. وعلى الرغم من إرسال ضباط وجنرالات أمريكيين ذوي خبرة لمساعدة الاسرائيليين في مواجهة تحديات خوض الحرب الحضرية، لكن هذا لا يعني أن البنتاغون يتخذ قرارات نيابة عن أسرائيل كما أورد موقع إكسيوس على لسان اللفتنانت جنرال جيمس جلين، الذي أكد أنه لن يكون على الأرض في إسرائيل إذا بدأ التوغل في غزة.
يتذكر الأمريكيون جيدًا الحملة الصعبة التي قاموا بها في الموصل عامي 2016 و2017 ويخبرون عنها الإسرائيليين. لكن القلق الأكبر من ذلك، بأن الجيش الإسرائيلي ليس لديه حتى الآن مسار عسكري واضح ولا خطة عمل قابلة لتحقيق هدف بنيامين نتنياهو المتمثل في القضاء على حماس. وهو عدا عن أنه هدف سيؤدي إلى توسيع نطاق العملية، ويعطي حزب الله وإيران ذريعة للتصعيد، فوق ذلك فإن التاريخ يًظهر أنه بمجرّد تدمير المنظمات مثل حماس بهدم الاحتلال، سيظهر منظمات أخرى لتحلّ محلّها.
ومن هنا، أثير موضوع فترة الصلاحية السياسية القصيرة لنتنياهو في اجتماعات البيت الأبيض الأخيرة، حيث ناقش جو بايدن وكبار مساعديه احتمال أن تكون أيام بنيامين نتنياهو السياسية معدودة، وقد نقل بايدن هذا الشعور إلى نتنياهو في محادثة حديثة. التوقعات الداخلية هي أن رئيس الوزراء الإسرائيلي سيستمر على الأرجح لبضعة أشهر، أو على الأقل حتى انتهاء مرحلة القتال المبكرة من الحملة العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، ذلك أنه بسبب غضب الإسرائيليين من فشل قطاعي الأمن والاستخبارات في بلادهم، قد أضعف بشكل كبير في منع هجوم حماس في 7 أكتوبر، والمعارضة الدولية المتزايدة للحملة العسكرية الإسرائيلية الحالية في غزة - التي قتلت الآلاف من المدنيين الفلسطينيين - قد هزت موقفه أكثر، خاصة أن إدارة بايدن لم تتمكن من إقناع نتنياهو ومساعديه بأخذ نصائحهم العسكرية. وعليه، قد تكون الإطاحة بنتنياهو هي المخرج للانتهاء من كابوس اشتعال الشرق الأوسط بالنسبة للأمريكي.
الكاتب: زينب عقيل