يعدّ الإخفاق الأمني والاستخباراتي الإسرائيلي، أول مرحلة في معركة "طوفان الأقصى"، استطاعت المقاومة الفلسطينية بتحقيق الانتصار الكبير فيه، عندما تمكنت من ضرب كل أعمدة النظرية الأمنية الإسرائيلية المؤلفة من: الردع والإنذار والدفاع والحسم.
وقد استطاعت المقاومة في غزة بالرغم من كل الصعوبات والحصار المطبق، تأمين إحاطة كل مراحل العملية، من التخطيط والتحضير والتدريب والتنفيذ، بستار كبير من التمويه والسرية، لتتمكن من مفاجأة إسرائيل، وربما بعض جهات محور المقاومة أيضاً.
وقد تحدّث عن هذا الأمر الباحث الأول في معهد دراسات الأمن القومي العميد الدكتور مئير الران، حيث قال: "كان ينبغي على المخابرات أن تعلم. من الواضح تمامًا أنه كان هناك إخفاء من الدرجة الأولى من جانبهم. لقد استعدوا لذلك لفترة طويلة وكان هناك تدريب بمخطط مماثل"، مضيفًا: " وهذا خطأ في فهم العدو. ما هو الخطأ؟ خطأ استراتيجي فادح في فهم العدو، في دوافعه، في توقيته، في استقدام قواته، وفي صراعات السلطة. الآن يمكن أن نفهم أنهم فكروا بشكل مختلف، وخططوا بشكل مختلف، كما أن الهدوء النسبي في الأيام والأشهر الأخيرة كان جزءًا من التخطيط الاستراتيجي".
أما رئيس مركز موشيه ديان لدراسات الشرق الأوسط وأفريقيا بجامعة تل أبيب البروفيسور عوزي رابي، فقد أشرك الجيش والقوى الأمنية بالفشل وليس فقط أجهزة الاستخبارات، حيث وصف حال الكيان المؤقت بأن أصيب بفشل استخباراتي كبير أعقبه فشل عملياتي. مضيفاً بأن الحدث الذي يشهده الكيان الآن قد تم التخطيط له بعناية. والتصور الذي كان سائدا بأن حماس غير مهتمة حاليا بالتصعيد ليس في الاتجاه الصحيح على الإطلاق، ولدينا مشكلة بقراءة أفكار حماس.
من المتهم الأساسي بالفشل؟
وصف أحد مستوطني كفار غزة إيتاي باختر، بأن حقيقة أنه على قيد الحياة الآن هي معجزة. حيث سرد بالتسلسل ما حصل معه خلال الهجوم قائلاً: "في الساعة السادسة والنصف، كان لدي شعور بأن شيئًا سيئًا سيحدث. لم أنم جيدًا، وسمعت أصوات الإنذار، وركضنا إلى غرفة الطوارئ ولم نأخذ أي شيء معنا. الهواتف فقط. لقد بقينا في إدارة الهجرة واللجوء لمدة 12 ساعة، وفي الساعة 11:00 سمعت أشخاصًا بدأوا في الدخول. وألقوا قنبلة يدوية على المنزل، وتعاون الأطفال بهدوء".
وأضاف لاحقًا: "قبلنا الإذلال وقلنا الله معنا، لا أتذكر شيئًا كهذا في حياتي. لا تعرف ماذا تفعل، استغرق الجيش وقتًا طويلاً لفهم ما كان يحدث، لقد فشلت استخبارات الجيش. لقد فقدنا الكثير من الأصدقاء في كفار غزة، والكثير من الجرحى. إنه فشل كامل للجيش بأكمله، فشل استخباراتي عملياتي، وهو مفهوم دفاعي دفعنا ثمنه غالياً. أعتقد أن هناك 3 متهمين هنا: رئيس الأركان، وزير الدفاع (الحرب)، ورئيس الوزراء. الجيش استعد لها وأجرى لها تدريبات. كانوا يعرفون جيداً ما يحدث على الجانب الآخر، لكنهم لم يمنعوه. وفي لحظة الحقيقة، فشلوا جميعا".
وعليه عاش مستوطنو وعسكريو وأمنيو وسياسيو الكيان، كارثة أمنية حقيقة سيكون ما بعدها غير ما قبلها بالتأكيد، إذا ما بقي الكيان...
الكاتب: غرفة التحرير