هناك فرق شاسع، ما بين بعض الدول التي تقود بلادها شعباً ومؤسسات عامّة وخاصة، نحو الابتكار والتطوير والتعلًم وتوطين المعرفة والإنتاج، وبعض الدول الأخرى التي تقود بلادها أكثر، نحو استيراد كل شيء من الخارج حتى برامج الفضاء، لتصنع منها إنجازات وهمية وإعلامية لا أكثر (مثلما فعلت بعض الدول العربية كالإمارات).
هذا ما يمكن ملاحظته كنتيجة، من نتائج نجاح الجمهورية الإسلامية الفضائي بالأمس الأربعاء، من خلال وضع القمر الاصطناعي العسكري الثالث نور 3 (محلّي الصنع)، في مدار يبعد 450 كيلومترا عن سطح الأرض، وهو ما تمّ بواسطة صاروخ "قاصد" الحامل للأقمار الاصطناعية المحلّي الصنع أيضاً.
ولن يكون هذا الحدث هو الإنجاز الوحيد للمؤسسات الفضائية الإيرانية، بحيث أكدّ عدّة مسؤولين لهذه المؤسسات أن حدث الأمس يشكّل بداية عمليات الإطلاق المخطط لها هذا العام، وهناك عدة عمليات إطلاق أخرى في العام الهجري الشمسي 1402 (الذي ينتهي في آذار / مارس من العام الميلادي 2024)، بما فيها عمليات الإطلاق التجريبية والتشغيلية. وقد كشف قائد قوة الجو-فضاء في حرس الثورة الإسلامية العميد أمير علي حاجي زادة، بأنه سيتم إطلاق قمرين صناعيين آخرين بحلول نهاية العام.
وهنا نشير الى أن أهمية الأقمار الاصطناعية لا سيما العسكرية منها، في أنها جزء رئيسي مما يعرف بالحرب الشبكية، لأنها تمثّل البنية التحتية والمحور الرئيسي لها، وهذا ما أثبتته الحروب الأخيرة في العالم. ولذلك تحاول القوات المسلحة في جميع الدول الرائدة أن تكتسب المعرفة والخبرة والتكنولوجيا اللازمة لكي يكون لديها برامج عسكرية فضائية، تمكنها من تحقيق تفوق جيد عبر الفضاء وإقامة نظام اتصالات جيد، ونظام استخباراتي وكذلك لتوجيه أسلحتها عبر الإحداثيات الدقيقة، وقيادة القوات في العمق العملياتي للميدان.
مواصفات القمر الاصطناعي نور 3
_ صناعة وتصميم الكوادر والعلماء والمهندسين الإيرانيين في منظمة الأبحاث التابعة لحرس الثورة الإسلامية، وستكون مهمته القيام بالتصوير وجمع الإشارات والقياس وتحديد الهوية.
_ يبلغ وزنه حوالي 32 كغ، والكاميرات المستخدمة فيه تتمتع بدقة تصوير أفضل بمقدار 2.5 مرة من القمر الاصطناعي نور 2، وقد تم إنتاجها أيضاً من قبل شركة محلية قائمة على المعرفة.
_هناك تقنية أخرى تم استخدامها لأول مرة وهي محركات فضائية حساسة للغاية تنتج قوة تسمح للقمر الاصطناعي بتغيير مداره والمناورة. وقد تم تصنيعها بواسطة خبراء محليين باستخدام تقنية أصلية تماما لتجنب تقليل ارتفاعه.
_ أشار قائد الفضاء في قوة الجو – فضاء في حرس الثورة العميد الثاني علي جعفر آبادي، إلى دور الشركات المحلية المعرفية في نور 3، مؤكداً بأنه في السنوات الأخيرة، تم إنشاء العديد من هذه الشركات في مجال الفضاء في البلاد، والتي تطورت بقوة. كاشفاً بأن هذه الشركات هي التي تولت صنع معظم الأنظمة الفرعية لنور 3.
وتابع العميد ثاني جعفر آبادي بأن المراكز الأكاديمية أيضاً قد قدمت نصائح جيدة بشأن تصميم القمر الاصطناعي، وأن منظمة الفضاء نفسها ساعدت كثيراً في اختبار هذا القمر الصناعي وتعديله، وأنه في الفترة المقبلة ستتمكن إيران من صنع وإطلاق أقمار اصطناعية أكبر بفترات زمنية أقصر.
وهذا ما أضاف عليه أيضاً، رئيس منظمة الفضاء الإيرانية ونائب وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات حسن سالاریه، بأن إيران سترسل الى الفضاء خلال عام أو عامين مقبلين، أقماراً اصطناعية بدقة تبلغ حوالي (3.5 – 5 متر) إلى الفضاء. مضيفاً بأنه تم توقيع على عقود للأقمار الاصطناعية بدقة (2 – 2.5 متر) في المستقبل القريب.
مواصفات الصاروخ حامل الأقمار الاصطناعية "قاصد "
لعل الرسالة الأقوى والمخفية، ستكون في مواصفات الصاروخ قاصد، الذي بلغت سرعته 6.7 كيلومتر في الثانية (أي حوالي 22 ماخ)، واستطاع تنفيذ مهمته بعد 500 ثانية من الإطلاق (أي بعد 8.3 دقائق).
أما الرسالة فهي من خلال عرض مشاهد الأخيرة لتثبيت القمر الاصطناعي، والتي بيّنت بحسب العديد من الخبراء، قدرة الصاروخ على القيام بمناورات معقدة خارج الغلاف الجوي، وبالتالي استطاعت إيران تنفيذ واختبار كل شيء تحتاجه للصواريخ العابرة للقارات ICBM.
وقد صرّح العميد الثاني جعفر آبادي بما يوحي الى صحة ذلك، عندما كشف بأنه وفقًا لخططهم، فإنه بحلول نهاية خطة التطوير الخمسية السابعة (تنتهي في العام 1406 أي 2028)، سنحقق إطلاقًا ناجحًا لقمر صناعي في مدار يبلغ بعده عن الارض 36 ألف كيلومتر.
أما بالنسبة لمراحل التي يعمل فيها الصاروخ فهي ثللاثة كالتالي: المرحلة الأولى عبر محركات الوقود السائل والتي تم تصنيعها من قبل وزارة الدفاع، ومحركات المرحلتين الثانية والثالثة هي محركات فضائية بالكامل تعمل بالوقود الصلب تم تصنيعها في منظمة أبحاث الفضاء الجوي التابعة لحرس الثورة الإسلامية.