التحرش الجنسي في إسرائيل: قضية للبازار السياسي

مع ازدياد الأزمة الأخلاقية الاجتماعية في كيان الاحتلال يبرز الحديث عن ارتفاع حالات التحرش الجنسي. وتقول صحيفة هآرتس العبرية في مقال قام موقع "الخنادق" بترجمته، أن "النساء في حكومة نتنياهو هن جزء من حقبة عنصرية ورجعية ومعادية للديمقراطية في السياسة الإسرائيلية". مشيرة إلى ان "عضو الكنيست تالي غوتليف، هي محامية معروفة بالدفاع عن المغتصبين أثناء إذلال ضحاياهم في المحكمة".

النص المترجم:

قبل بضعة أشهر، قدمت ليمور سون هار ميليخ شكوى رسمية تزعم فيها أنها تعرضت للتحرش الجنسي من قبل مجموعة من ضباط شرطة حرس الحدود الإسرائيلية. وكانت سون هار مليخ، النائبة التي تمثل حزب "عوتسما يهوديت" اليميني المتطرف "كاهانا"، تستغل حصانتها البرلمانية في محاولة لمنع قوات الأمن الإسرائيلية من اقتلاع الأشجار التي زرعها المستوطنون بشكل غير قانوني على أراض فلسطينية خاصة في الضفة الغربية عندما وقع الحادث.

في شريط فيديو للأحداث، شوهدت سون هار ميليخ محاطة بالضباط بعد أن منعت جرافة في الموقع. وفقا لمحاميها، لم ينتهك الضباط حصانتها كبرلمانية فحسب، بل "استخدموا القوة التي بلغت ذروتها في تشبث أحد الضباط بعضو الكنيست (...) والتي، على الأقل، تعتبر اعتداء محظورا وفي بعض الظروف يمكن اعتبارها تحرشا جنسيا".

في الأيام التي تلت الحادثة، تحدثت سون هار ميليخ إلى وسائل الإعلام الإسرائيلية عدة مرات، وأجرت مقابلات مؤثرة روت فيها التجربة المؤلمة. "أريد أن أتحدث عن الظاهرة الرهيبة للنساء اللواتي يتعرضن للاعتداء في الاحتجاجات وعمليات إخلاء المستوطنات. أريد أن أعطي صوتا لأولئك النساء اللواتي ليس لديهن وضعي. النساء يتعرضن للأذى واحداً تلو الآخر".

يجب أن يكون لديك قلب من الحجر حتى لا تتأثر بانفتاح Son Har-Melech حول تجربتها ووعدها المؤثر بإعارة صوتها لضحايا العنف الجنسي الآخرين. وقفزت النساء الإسرائيليات – وكثير منهن نسويات علمانيات وليبراليات ويساريات ينتقدن عضو الكنيست المتطرف في كل قضية أخرى – إلى المحادثة لانتقاد سلوك الضباط، مطالبين بتوبيخهن.

لم تدم لحظة كومبايا طويلا، وكما هو متوقع: سون هار ميليخ هو جزء من حكومة ترى النساء ككائنات أدنى، وجزء من رد فعل محافظ جذري ضد النساء يهدد بسلب الحقوق المكتسبة على مدى عقود. عندما انتشرت لقطات تعرضها للتحرش الجنسي، أكسبتها لحظة نادرة من التعاطف من وسائل الإعلام الرئيسية ومن النساء عبر الطيف السياسي. أدركت ذلك وقررت استخدام لغة تقدمية حول العنف القائم على النوع الاجتماعي - الذي عادة ما تسخر منه - كسلاح.

لكن داخل الكنيست، لم يتغير شيء. ومنذ ذلك الحين، قدم ابن هار - ميليخ مشروع قانون يهدف إلى إلغاء هيئة النهوض بوضع المرأة. وهي مؤيدة قوية للفصل القائم على النوع الاجتماعي في الأماكن العامة - حتى أنها أشادت بعميرام بن أوليل، القاتل المدان لعائلة فلسطينية، باعتباره "رجلا صالحا مقدسا" لعدم النظر إليها عندما زارته مؤخرا في السجن (قال سون هار ميليخ، وهو أيضا الشخصية الرئيسية في حملة عامة نيابة عنه، إنها وقفت وراء رجل من أجل احترام "قدسية" التزام بن أوليئيل بتجاهل وجود النساء.)

كما ساعدت حليفتها إيديت سيلمان، وزيرة حماية البيئة، في نقل الفصل بين الجنسين إلى مستوى جديد، من خلال محاولة فرض أوقات استحمام منفصلة في الينابيع الطبيعية وساعات زيارة مختلفة في المتنزهات الوطنية لدرجة أن الأطفال من نفس العائلة لن يكونوا قادرين على الزيارة معا معظم الوقت.

وعينت امرأة أخرى من أعضاء الائتلاف الحاكم، ماي جولان، وزيرة للنهوض بالمرأة بعد أن صوتت ضد قانون يسمح للشرطة بتعقب الرجال العنيفين من أجل إنقاذ النساء اللواتي يسيئون معاملتهن، وضد الحفاظ على الأدلة المأخوذة من ضحايا الاغتصاب من أجل تعقب المغتصبين. وصفت جولان ذات مرة النسوية الراديكالية بأنها "مجموعة كراهية".

ومن بين النساء الأخريات في الحكومة عضو الكنيست تالي غوتليف، وهي محامية معروفة في الغالب بالدفاع عن المغتصبين أثناء إذلال ضحاياهم في المحكمة. وزيرة البعثات الوطنية أوريت ستروك، التي تريد إعطاء الأطباء الحق في حجب العلاج عن المرضى على أساس آرائهم الدينية - مما يسمح لهم برفض توفير علاج الخصوبة للنساء غير المتزوجات، على سبيل المثال؛ ونائبة وزير المالية ميشال ولديجر، التي تريد خروج النساء من الوحدات القتالية في الجيش والتي احتجت ذات مرة خارج مدرسة طفل متحول جنسياً، مطالبة بطرده.

ولكن هل من الصواب أن نخص بالذكر النساء السياسيات؟ هل هم حقا مجرد متعاونين مع النظام الأبوي؟، وهن لسن وحدهن – فالنساء يقودن الأحزاب اليمينية المتطرفة في جميع أنحاء العالم. لكنهم ليسوا أغبياء مفيدين في خدمة الرجال الأقوياء. إنهم يفعلون شيئا يؤمنون به.

يبدو من الظلم بالنسبة للمرأة أن تحملها على مستوى أعلى لمجرد أنها امرأة. ولكن بينما يستخدمون قوتهم لحرمان الآخرين من الفرص التي منحتهم إياها النسوية، كل ما يمكننا فعله هو القتال بقوة أكبر للتأكد من أنهم لا يحصلون على ما يريدون.