على هامش الجمعية العمومية، وللمرة الأولى منذ عودة نتنياهو إلى السلطة، التقى نتنياهو مع بايدن وجهًا لوجه، في جلسة وصفت بأنها لتهدئة التوترات والتزام أمريكا بأمن الكيان، على الرغم من أن تعليقات بايدن أوحت بأن العلاقات مع حكومة نتنياهو لا تزال شائكة، إذ وجه انتقادات محسوبة لجهود نتنياهو للحد من سلطة المحكمة العليا الإسرائيلية، والتي تسببت في واحدة من أسوأ الأزمات الداخلية في تاريخ الكيان المؤقت. كما أثار بايدن مع نتنياهو أهمية الحفاظ على مبدأ إمكانية إقامة دولة فلسطينية، منتقدًا ضمنيًا العديد من التحركات الأخيرة التي اتخذتها حكومة نتنياهو لترسيخ السيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية.
وقال بايدن في بداية الاجتماع "سنناقش اليوم بعض القضايا الصحبة: التمسك بالقيم الديموقراطية التي تكمن في صميم شراكتنا، بما في ذلك الضوابط والتوازنات في أنظمتنا، والحفاظ على الطريق لحلّ الدولتين عن طريق التفاوض.
وبحسب نيويورك تايمز، يشعر المسؤولون الأمريكيون بالإحباط من خطط نتنياهو لبناء أعداد قياسية من المنازل والمباني الإسرائيلية في الضفة الغربية التي يحتلها الكيان المؤقت، وإضفاء الشرعية بأثر رجعي على المستوطنات غير المصرّح بها، التي بناها مستوطنون في المنطقة. وهذان الإجراءان سيجعلان من الصعب إقامة دولة فلسطينية، والأهم بالنسبة لبايدن، هو المخاطرة بجعل السعودية أكثر حذرًا من التوصّل إلى اتفاق مع إسرائيل.
قضى السيد بايدن ونتنياهو حوالي 15 دقيقة بمفردهما، دون مساعدين – لكن المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين قالوا في وقت لاحق إنه ركز على برنامج التخصيب النووي الإيراني، الذي يختلف الاثنان حول كيفية مكافحته، والجهود التي تقودها الولايات المتحدة لتطبيع العلاقات بين الكيان المؤقت والسعودية. وقال مسؤولو البيت الأبيض إن بايدن استغل الاجتماع للضغط على رئيس الوزراء لبذل المزيد من الجهد لدعم عملية التطبيع. وأن بايدن دعا نتنياهو إلى "اتخاذ تدابير فورية لتحسين الوضع الأمني والاقتصادي، والحفاظ على قابلية حل الدولتين للحياة، وتعزيز سلام عادل ودائم بين الإسرائيليين والفلسطينيين".
لكن مسؤولي الإدارة قالوا إنهم يدركون أن نتنياهو يعمل ضمن قيود ائتلافه الحاكم، الذي يضم أعضاء قوميين متطرفين يعارضون إعطاء المزيد من السيادة للفلسطينيين. وقال مسؤول إسرائيلي كبير إن نتنياهو أخبر بايدن أنه يجب إدراج الفلسطينيين في الصفقة، ولكن ليس منحهم حق النقض ضدها.
وقال بيان البيت الأبيض إن بايدن حث رئيس الوزراء وآخرين على الوفاء بالالتزامات – التي قطعوها للقيادة الفلسطينية في الاجتماعات التي توسطت فيها الولايات المتحدة في وقت سابق من هذا العام – لتهدئة التوترات في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل. كما شدد لنتنياهو على ضرورة الامتناع عن "المزيد من الإجراءات الأحادية الجانب"، في إشارة إلى بناء مستوطنات جديدة.
وعلى الرغم من أن الزعيمين عملا معًا لعقود ووصفا بعضهما البعض بأنهما صديقان، إلا أن بايدن وصف ائتلاف نتنياهو الحاكم الحالي بأنه "واحد من أكثر الائتلافات تطرفا" في تاريخ إسرائيل.
في الكيان المؤقت، قد توفّر صورة نتنياهو مع بايدن فرصة لبناء رواية جديدة: تقديم نفسه كرجل دولة، وتذكير الإسرائيليين بخبرته الدبلوماسية الواسعة، والإشارة إلى أن الاحتكاكات الأخيرة مع السيد بايدن قد انحسرت. لكن منتقدي نتنياهو، الذين احتج المئات منهم خارج الفندق، قالوا إن الاجتماع يجب ألا يصرف الانتباه عن محاولة نتنياهو إضعاف القضاء.
إلى ذلك، وفي الجمعية العمومية أيضًا، لم يسبق أبدًا أن طُرِد مسؤول أو سفير إسرائيلي في الأمم المتحدة من قبل. على مرأى من المجتمع الدولي الذي طالما كان منحازًا لإسرائيل، أخرج عناصر الأمن سفير الاحتلال إلى الأمم المتحدة جلعاد إردان، من القاعة، بعد احتجاجه على كلمة الرئيس الإيراني السيد إبراهيم رئيسي، ورفع صورة مهسا أميني، وذلك أثناء دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة. وفور خروجه من القاعة، أوقف عناصر الأمن الذين يقومون بحراسة مبنى الأمم المتحدة، إردان، وأطلقوا سراحه بعد احتجازه لفترة قصيرة. وسارع إردان إلى نشر تدوينة على حسابه في منصة "إكس"، انتقد فيها المجتمع الدولي بسبب "منحه منصة" للرئيس الإيراني.
الكاتب: غرفة التحرير