إلغاء التنقيب في ألاسكا: هل سلّم بايدن سياسة الأمن القومي للرياض وموسكو؟

حظرت وزارة الداخلية الأميركية 7 عقود للتنقيب عن النفط والغاز في ألاسكا (ANWR)، والتي أُبرمت في الأيام الأخيرة لولاية الرئيس السابق دونالد ترامب. يأتي هذا القرار قبيل عام تقريباً من الانتخابات الرئاسية التي ينوي جو بايدن خوضها بإثبات حصول تحوّل "بمشروعه الأخضر". وهذا ما يضعه مجدداً أمام تحدٍّ واجهه قبيل الانتخابات النصفية والذي وصفه البعض على أنه "جنون" خاصة وأنه يأتي في الوقت الذي ترتفع فيه أسعار النفط تدريجياً على ضوء قرار منظمة أوبك+ خفض الإنتاج.

ويشمل الحظر منطقة تبلغ مساحتها 10.6 ملايين فدان (4.3 ملايين هكتار)، أو ما يعادل 40% من أراضي الاحتياطي القومي للنفط في ألاسكا، وهي منطقة مهمة بيئياً للدببة الرمادية والقطبية ومئات الآلاف من الطيور المهاجرة وغيرها من الحيوانات، وهو التبرير الذي قدمه بايدن للدفاع عن وجهة نظره في إلغاء العقود المبرمة.

بينما يرى أنصار الحزب الديموقراطي أن هذه العقود التي أبرمت في عهد ترامب، تحمل "أوجه قصور قانونية"، يجادل الجمهوريون بطبيعة القرار وأهدافه وتوقيته معتبرين ان "الأجندة المناخية هي الأكثر خروجاً على القانون وتدميرًا اقتصادياً في التاريخ... تطوير موارد الوقود الأحفوري في أميركا وحماية البيئة لا يتعارضان".

في 26 تموز/يوليو عام 2022، أعلنت شركة الطاقة الروسية العملاقة روسفنت، إنها بدأت في بناء محطة نفط في القطب الشمالي في ميناء بوختا سيفر، وهو جزء من مشروعها الضخم فوستوك للنفط، بهدف تسهيل تطوير طريق بحر الشمال (يبلغ طوله أكثر من 3000 ميل بحري أي ما يعادل 5556 كيلومترا، ويربط بين بحر بارنتس ومضيق بيرينغ، هو أقصر طريق بين أوروبا وآسيا، وكذلك أقصر طريق بحري بين الشرق الأقصى والجزء الأوروبي من روسيا).

وقالت الشركة حينها، إن الميناء سيصبح أكبر محطة نفط في روسيا مع 102 خزان سيتم بناؤها بحلول عام 2030.

لم يغب هذا المشروع للحظة عن أذهان الجمهوريين، الذين استخدموه كورقة ضغط في وجه بايدن: "تقوم روسيا بالتنقيب في القطب الشمالي وتستخدمه كطريق شحن لتوصيل النفط إلى الصين. إن القيود التي تفرضها الإدارة على تطوير النفط والغاز في القطب الشمالي في الولايات المتحدة ترقى إلى مستوى نزع سلاح الطاقة من جانب واحد".

نشرت حملة إعادة انتخاب بايدن إعلاناً خلال انطلاق اتحاد كرة القدم الأميركي قبل أيام، يروج للأجندة الاقتصادية لبايدن، بما في ذلك نجاحه المفترض في جعل الولايات المتحدة أكثر "استقلالية في مجال الطاقة". ومع ذلك، -تقول وسائل اعلام تابعة لترامب- فإن حرب إدارته التي لا هوادة فيها على الوقود الأحفوري جعلت الأمريكيين أكثر عرضة لرحمة بوتين واعتمادهم على الصين للحصول على الطاقة الخضراء.

من جهته، قال السناتور جون باراسو (جمهوري من ولاية وايو)، العضو البارز في لجنة مجلس الشيوخ للطاقة والموارد الطبيعية (ENR)، إن خطوة إدارة بايدن "تكافئ خصومنا وتؤذي العائلات الأمريكية...حرب بايدن على الطاقة الأمريكية مستمرة...بجرّة قلم، تضع إدارته أكثر من 40% من احتياطي البترول الوطني خارج حدود إنتاج النفط".

موجة الاحتجاجات التي واجهها قرار الغاء العقود كانت ترتكز بشكل أساسي على ارتفاع أسعار البنزين المستمرة في الولايات المتحدة، ويقول هؤلاء "إن الإدارة تتباهى بالوظائف التي خلقتها إعانات دعم الطاقة الخضراء، ولكن كمْ عدد الوظائف الأخرى التي تدمرها سياساتها المناخية؟ التوظيف في استخراج النفط والغاز أقل بنسبة 15٪ مما كان عليه قبل الوباء".

في الوقت عينه، شن المستشار السابق للبيت الأبيض لاري كودلو هجوماً لاذعاً على بايدن، معتبراً ان الأخير "تخلى عن أي مظهر من مظاهر هيمنة الطاقة. هذا ليس فقط سلبياً كبيراً للأمن الاقتصادي، بسبب ارتفاع الأسعار - بالمناسبة، أسعار الغاز تتجه مرة أخرى نحو 4 دولارات للغالون، وأسعار الديزل انفجرت، والنقل بالشاحنات، شريان الحياة للاقتصاد، في حالة يرثى لها - لكن بايدن سلّم سياسة الأمن القومي للسعوديين وروسيا وفنزويلا وإيران".