النحل الأحمر: زوارق سريعة مسلحة يتفرّد بها الأسطول الإيراني

ربما تكون الزوارق السريعة هي السمة الأبرز للقوة البحرية الإيرانية في الخليج الفارسي ومضيق هرمز، بينما تشكل في الوقت نفسه أكبر تحدّ تشغيلي وتكتيكي للأسطول الخامس الأمريكي في هذه المنطقة. إذ يعترف الأمريكيون بأنّ أحد أعظم وأهم تكتيكات إيران في الحرب البحرية هو القدرة التشغيلية المتزايدة في القتال غير المتماثل، من خلال استخدام الزوارق السريعة وتكتيك الهجوم الجماعي ضد الأهداف. وفي تقارير وتحليلات مراكز الأبحاث الأمريكية، توصف الهجمات الجماعية والسريعة بأنها "ككعب أخيل للجيش الأمريكي"، أي نقطة ضعف مميتة على الرغم من كل القوة التي يمتلكها الأسطول الاميركي. إذ يمكن لأسطول ذوالفقار أن يقوم بتعقب كافة نشاطات الأسطول الخامس وأن يمنع طائراته من التحليق، وهو ما أرادت طهران تذكير واشنطن به، عندما غمزت من قناة هرمز بتعقب الزوارق ومنع الطائرات من التحليق ردًا على التحركات التي تقوم بها القوات الأمريكية في المنطقة.

استراتيجية الزوارق السريعة الإيرانية

خلال حرب الدفاع المقدس، جاءت فكرة استخدام الزوارق السريعة بأسلحة خفيفة وشبه ثقيلة من العقول المبدعة للقوات المحلية وبالاعتماد على التقنية الموجودة. على الرغم من أن الزوارق السريعة في ذلك الوقت كانت تفتقر إلى معدات الاتصالات المتقدمة وتقنيات الملاحة المتطورة. إلا أنّ فعاليتها أدّت إلى تطوير النماذج وبناء وتصميم نماذج جديدة، واليوم هناك مزيج من القوارب السريعة المختلفة مع مجموعة متنوعة من المعدات تحرس مياه الخليج الفارسي. تملك قدرات التخفي من مجالات الرادار والتحرك الواسع نحو السفن غير المأهولة وهو الأمر الذي جعل لواء مشاة البحرية التابعة لحرس الثورة الإسلامية "ذو الفقار" متقدمًا بخطوة على العدوّ ويسعى إلى الحفاظ على هذه الميزة في المستقبل. فإلى جانب مقاربات التخفي، وإطلاق السفن، واستخدام أسلحة أحدث وأكثر ذكاء، وتطوير نهج هجوم جماعي، يواصل الأسطول الإيراني السعي إلى زيادة السرعة الثابتة لسفنه حيث يصبح من الصعب التعامل معها.

النحل الأحمر: قوارب فائقة السرعة مجهزة بصواريخ كروز

منذ عام 2020، تم تسليم كمية كبيرة من الطائرات بدون طيار والزوارق السريعة المسلحة بصواريخ كروز والطوربيد والرادار والاتصالات السلكية واللاسلكية وأنظمة الحرب إلى البحرية التابعة لحرس الثورة الإسلامية إلى جانب قاذفات الصواريخ الساحلية. ما يعني زيادة مدى الصراع حتى بالنسبة لأخف وحداته. في هذه الحالة، ومع زيادة نطاق الاشتباك، أولا، يزداد معدل البقاء على قيد الحياة لوحداتها الخاصة، وفي الوقت نفسه، مقارنة بالأجيال السابقة من السفينة، التي استخدمت صواريخ 107 ملم كسلاح رئيسي، سيكون لها أيضًا قوة تدميرية أكبر بكثير. خاصة أنّ صواريخ كروز قصيرة ومتوسطة المدى بسرعتها العالية أيضًا، ستبتعد عن مدى المدافع عالية العيار لسفن العدو، بسبب انخفاض القوارب.

في السنوات الأخيرة، كانت السفن الخفيفة مثل "عاشوراء" و"طارق" يمكنها ضرب أهداف بدقة عالية من مسافة 10 إلى 180 كيلومترًا. والآن، هذه السفن الخفيفة ذات المحرك القوي، والمعروفة باسم النحل الأحمر في الخليج الفارسي، قادرة على إطلاق الصواريخ على نطاقات مختلفة تتخطى تلك المسافة، وذات فعالية أكبر. وهو الأمر الذي تتفرد فيه إيران في العالم في أسطولها البحري.

قوارب طوربيد فوق وتحت سطح الماء

في عام 2015، خلال معرض رسمي ومهم للقوات المسلحة، تم الكشف عن سفينة خاصة تدعى "ذو الفقار" في البحرية التابعة لحرس الثورة الإسلامية. يبلغ طول السفينة 17 مترًا وعرضها 3.3 مترًا وارتفاعها 3.5 مترًا، وتزن 22 طنًا، ويمكنها الإبحار تحت الماء وعلى السطح. كانت سرعة هذا الطوربيد على سطح البحر 40 عقدة (74 كم / ساعة)، والطوربيد المستخدم في هذه السفينة، المسمى طوربيد 324، يبلغ طوله حوالي 4 أمتار وقطره 324 ملم، ويستخدم للحماية من حاملات الطائرات والسفن السطحية التي تزن 200 طن ومنصات النفط وأرصفة التحميل. وتمّ تسليم طوربيدات محدّثة عام 2020.

نظام "نواب الدفاعي"

يتم تثبيت نظام نواب Navab الدفاعي، المجهز بصواريخ إطلاق عمودية، على سفينة ذو الفقار، التي تبلغ سرعتها 70 عقدة. بالنظر إلى أنه قيل إن نظام Navab هو نسخة بحرية من نظام Zubin، يمكن استخدام بعض الميزات المهمة لنظام Zubin لتقديم navab على أفضل وجه ممكن. يتمتع نظام الدفاع قصير المدى Zubin بقدرة دفاعية بزاوية 360 درجة ويمكنه اكتشاف 100 هدف والاشتباك مع أهداف متعددة في وقت واحد باستخدام صواريخه العمودية. يبلغ مدى الكشف الراداري للنظام 30 كم للكشف عن مجموعة متنوعة من الأهداف ذات المقطع العرضي الراداري المنخفض والمتوسط، ومدى اشتباكه مع الأهداف المعادية هو 20 كم.

ومع هذه الخطوة الجديدة لحرس الثورة الإسلامية، ستترافق الهجمات المكثفة للسفن المجهزة بصواريخ كروز والطوربيدات مع مظلات وغطاء دفاعي للجيل القادم من الزوارق السريعة، مما يحميها من الطائرات، وخاصة المروحيات والطائرات القتالية المعادية، ويمكن أن تكون فعالة أيضًا ضد صواريخ كروز (مثل الأنواع المضادة للسفن) وذخائر دوريستا (مثل القنابل الشراعية). وعلى الرغم من أن القوارب الصغيرة كانت مسلحة في السابق بصواريخ تطلق من الدش، إلا أن قوارب "ذو الفقار" وحتى "عاشوراء" المزودة بصواريخ "نواب" التي يصل مداها إلى 20 كيلومترًا، وكوثر بمدى 10 كيلومترات، ستكون فئة جديدة وأكثر كفاءة منها.